20 سبتمبر 2025

تسجيل

فنلندا تطير بالتعليم!

14 نوفمبر 2016

فنلندا دولة اسكندنافية خضراء وباردة جداً.. سكانها لا يتجاوز عددهم خمسة ملايين.. لا تكاد تسمع عنها كثيراً في ميادين السياسة الصاخبة، المهلكة للحرث والنسل، لكنها دولةٌ عَلمٌ، ارتبط اسمها في سنوات ماضية بالتعليم النوعي المبدع، وما أدراك ما التعليم. في الوقت الذي ما زال يدرس شبابنا هنا في وزارة التعليم، مسألة تخفيض عدد ساعات الدوام الدراسي للطلاب، لاعتبارات المناخ والظروف الاجتماعية وغيرها، تطير فنلندا بعيداً عن مثل هذه المسائل الثانوية التي نوقشت منذ زمن وانتهى القوم هناك منها، وتحول نقاشهم اليوم فيما لا يمكن أن يتجرأ كثيرون في العالم، على مجرد التفكير فيه، إلا القليل القليل.فماذا يصنع أولئك القوم؟بكل اختصار، يدرس المسؤولون حالياً في فنلندا، تنفيذ ثورة حقيقية في النظام المدرسي، تتضمن إلغاء تدريس مواد الفيزياء والرياضيات والأدب والتاريخ والجغرافيا! هكذا قولاً واحداً فاصلا.وصل عمق التفكير عندهم إلى درجة إلغاء تلك المواد، حتى يكاد المرء منا يغبطهم على تلك الجرأة النادرة في التفكير بشأن ما هو أفضل في مجال التعليم، وبما يتناسب مع تطور العالم من حولنا.يرى المسؤولون الفنلنديون أن هناك مدارس لا تزال تعلم تلاميذها بالطرق القديمة، التي كانت تعتبر جيدة في بداية التسعينيات، لكنها لم تعد تساير المتطلبات الحديثة، وبدلاً من تدريس كل مادة على حدة، سيتم تدريس التلاميذ الظواهر والأحداث بشكل الجمع والتكامل بين المواد. حيث سيتم على سبيل المثال، دراسة الحرب العالمية الثانية من وجهة نظر التاريخ والجغرافيا والرياضيات.. وسيحصل التلاميذ كذلك، كمثال آخر، أثناء دراسة منهج العمل في مقهى أو مطعم أو متجر، على معرفة شاملة باللغة الإنجليزية وأسس الاقتصاد ومهارات الاتصال. ويجب على التلميذ خلال ذلك أن يختار بنفسه أي موضوع أو ظاهرة، لدراستها ضمن عمل مشترك في مجموعات صغيرة، انطلاقاً من الحاجة لها في حياتهم المستقبلية.الفكرة ستتم تطبيقها قريباً على المرحلة الثانوية، وقد تم تدريب نحو 70 % من المعلمين على هذا النوع من التعليم التكاملي.. وهكذا الحال يسير في دولة لا يدخل فيها كلية التربية إلا النوابغ من مخرجات الثانوية، وأصحاب أعلى المعدلات.فأين نحن من هؤلاء؟