20 سبتمبر 2025
تسجيلفاز حزب العدالة والتنمية في انتخابات الأول من نوفمبر الجاري النيابية. النتائج أعادت إليه السلطة منفردا بعدما كاد أن يفقدها كلية أو جزئيا في انتخابات السابع من يونيو الماضي. في الأساس حزب العدالة والتنمية لم يغادر السلطة بعد انتخابات 7 يونيو، فقد بقي ممسكا بالسلطة بمفرده في المرحلة التي تلت وحتى حكومة الانتخابات كانت الهيمنة فيها لحزب العدالة والتنمية بالشراكة مع وزراء مستقلين كانوا ينتمون إلى الحزب أو قريبين منه. عاد الحزب إلى ما كان عليه في السادس من يونيو مع فارق أنه خسر عشرة نواب عن تلك المرحلة. غير أن الانتصار في الانتخابات الأخيرة بعد خسارة انتخابات يونيو هو الذي يفسر هذا الحجم من التهليل، كما داخل تركيا كذلك لدى الفئات التي تؤيد سياسات حزب العدالة والتنمية في العالم العربي أو الإسلامي. إذا كان استمرار الحزب في السلطة، بعد صدمة السابع من يونيو موضع تهديد، لكن هذا لم يحصل. أما وقد عاد الحزب بانتصار كبير إلى السلطة بعد مخاض عسير، فإن تركيا تكون دخلت في الحقبة الرابعة لحزب العدالة والتنمية. وهي حقبة لن تكون سهلة نظرا لحجم المشكلات التي راكمتها على امتداد السنوات الأخيرة بعد الاضطرابات التي مرت بها معظم الدول العربية والتي كان لها تأثيرها المباشر على النفوذ التركي وعلى الوضع الداخلي في تركيا. لكن الأنظار تبقى مركزة على التحديات التي يواجهها حكم حزب العدالة والتنمية في الداخل وهي كثيرة ومزمنة وليس بالسهولة أن تحل بكبسة زر ساحر. أول هذه التحديات إعداد دستور جديد يتضمن أو لا يتضمن بند تعديل النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي. حزب العدالة والتنمية سيضغط لتضمين الدستور تعديل النظام السياسي ليكون رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان صاحب الصلاحية الأولى في النظام وليس رئيس الحكومة. وهذا المطلب يواجه بمعارضة من القوى السياسية الأخرى. وهو نقاش سيحرك السجالات ويثير الانقسامات. وما لم يتمكن حزب العدالة والتنمية من جلب واستمالة 13 نائبا على الأقل من الأحزاب الأخرى أو إذا لم يتم التوافق الوطني على هذه النقطة، فسيكون مثل هذا التعديل صعبا. المسألة الثانية هي المشكلة الكردية. وهي مشكلة مزمنة عمرها من عمر الجمهورية، وحقبتها العسكرية عمرها 31 عاما. ورغم تعاقب الحكومات العلمانية المدعومة من العسكر والحكومات الإسلامية من حزب العدالة والتنمية، فإن هذه المشكلة لم تجد حلا لها، لا سلميا ولا عسكريا ولا سياسيا ولا اقتصاديا، بل إن الصدامات العسكرية عادت لتتجدد منذ عدة أشهر بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني وازدادت تعقيدا مع التطورات الكردية في سوريا والحرب المفتوحة بين «داعش» والأكراد. ولا أحد يمكن أن يتوقع حلا قريبا وجديا لهذه المشكلة التي تشكل التحدي الأكبر على الأمن والاستقرار في الداخل. وتأتي مشكلة الأقليات المذهبية والدينية في المرتبة الثالثة من التحديات الكبيرة التي تواجه سلطة حزب العدالة والتنمية في ولايتها الرابعة.فلا المسألة المسيحية ومطالب أهلها المختلفة وجدت حلا لها وهي تأخذ أبعادا خارجية، ولا المسألة العلوية ويعد أفرادها أكثر من 15 مليونا، سارت على سكة الحل ومطالبهم متعددة ومزمنة.لقد وقف رئيس الحكومة أحمد داود أوغلو بعد صدور نتائج الانتخابات الأخيرة وهو يعد بأن يكون حاضنا لكل فئات المجتمع وأن يكون منفتحا على الخمسين في المئة الباقية التي لم تصوت له. وهو الأمر الذي لم ينجح في تحقيقه حزب العدالة والتنمية في السنوات الـ13 الماضية.لكن الفرصة اليوم متاحة، خصوصا أن العدالة والتنمية أمامه فترة أربع سنوات كاملة يفترض ألا يبددها وهو ما يأمله الكثيرون داخل تركيا.