13 سبتمبر 2025

تسجيل

تصحيح مفاهيم ورد على ( الخميس )

14 نوفمبر 2014

في البداية لابد أن أؤكد أن مقالي هذا لا علاقة ولا تقارب له مع المحاكمات التي يتعرض لها الداعية الكويتي عثمان الخميس على خلفية نقاشاته المذهبية لا من جهة الشكل ولا من جهة المضمون ولا من جهة التوقيت.. ولكن مقالي يتعلق بما قاله خلال الحرب على غزة في كلمة مصورة له اتهم فيها حماس بتهم غير واقعية وأصدر عليها أحكاما ظالمة تقوم على الإشاعات وعدم التدبر.. فالقضية تصحيح مفاهيم وإزالة التباس ألقاه على أحكام شرعية ونصوص مقدسة وقضية عامة.. فمقالي وجهته فلسطين وغايته حماية جناب الدين دون أي اعتبار آخر.. وأقول: "الخميس" وخلال الحرب "الصهيو أمريكعربية " ودون تقدير منه للتوقيت ولا احترام منه لصمود حماس راح يتهم حماس بالعناد والجهل وأنها تغامر بغزة ودمائها.. واتكأ لحكمه هذا على آيتين وحديث، أما الآيتان، فالأولى يخاطب الله تعالى فيها المؤمنين مخففا عليهم بقوله (إن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين) فقال "الخميس" لا تجوز المقاومة إن كان الأعداء أكثر من ضعف عدد المسلمين كما الحال في غزة! وأما الآية الثانية فقول الله تعالى (وأعدو لهم ما استطعتم من قوة) مستدلا بها على أن المتوجب على أهل غزة وفقها الاستمرار في إعداد العدة وليس أن يقاتلوا.. وأما الحديث فقصة آل ياسر – رضي الله عنهم – الذين تعرضوا للأذى والتعذيب في مكة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم بالصبر ولم يأمرهم بالقتال.. واستخلص "الخميس" من كل ما ذكر أن المطلوب من أهل غزة هو الصبر وإعداد العدة لا سوى ذلك.. وفي سقطة منه تفوح برائحة الغرور والكبر تساءل مستنكرا "وهل في غزة علماء"؟ والتزاما مني بمنهجية الدعوة بالحسنى وتصحيحا للمفاهيم التي أربكها وخلطها الداعية "الخميس" أرد فأقول: أولا: ما جاء به "الخميس" سبقه إليه آخرون كمحمود الهباش وزير أوقاف سلطة رام الله المقال، ومحمود زقزوق وزير أوقاف مصر للساقط حسني مبارك.. وهو ما صار يسمى " فقه التنازلات أو فكر الهزيمة " وهو ذات الفكر الذي يحاول إعلاميون معروفون وشيوخ رسميون ترويجه على العامة والبسطاء. ثانيا: وما نحا إليه "الخميس" حيلة قديمة هي اقتطاع النصوص وإخراجها من سياقها، وتجاهل القرائن والسياق ومقاصد الشريعة وكليات الدين.. وإلا فقول الله تعالى (إن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين) إنما يفيد رخصة الفرار إذا زاد عدد العدو على الضعف وأمكن الفرار فأين هذا من حرب التحرير والدفاع عن النفس وعن حوزة الإسلام في غزة؟ كذا حديث "آل ياسر" رضي الله عنهم فهو لا يفيد التنازل والتهرؤ الذي يدعو إليه "الخميس" لأن القتال كان محظورا بقول الله تعالى حينئذ (كفوا أيدكم وأقيموا الصلاة) فإن سأل أحد عن حكمة منع القتال فليس فارق القوة العددية بين الفريقين هو جوهر الحكمة، ولكن لأن الدعوة في مطلعها وكانت محتاجة للترويج وللوقت والتفرغ وأن تتجذر في الضمائر والقلوب، وأن تبرز أحقيتها وحقوقيتها، وكل ذلك يستلزم عدم المغامرة بحياة النبي صلى الله عليه وسلم وحياة القلة المسلمة.. فالشيخ إذن يخلط الشام باليمن ويقيس على غير مقيس ويبني على غير علة مشتركة؟ ثالثا: وأما استشهاده بقول الله تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) وأنها تدل على الاكتفاء بالإعداد.. فذلك والله من الضلال المبين ومن التهافت المشين!! وهل يسمح العدو وأولياؤهم من بني جلدتنا بهذا الإعداد لولا المقاومة التي يريد أن يحرمها ويتهمها بالجهل والعناد؟ ثم أليست المقاومة قد أعدت من القوة ما يسيء وجوه كارهيها؟ ألا يرى الصواريخ والأنفاق والراجمات؟ ألا يرى شعب غزة كيف أعدته المقاومة دينيا ومعنويا؟ ولماذا لا يرى ولا يسمع عن المجاهدين الذين لقنوا العدو درسا في الصمود والقتال والجرأة لم تعلمه إياه كل الأمة لعشرات السنين منذ قيام الكيان.. فإن كان "الداعية الخميس" لا يرى ذلك فتلك مصيبة، وإن كان يراه فالمصيبة أعظم! رابعا: وماذا يقول "الخميس" عن مقاتلة النبي صلى الله عليه وسلم للروم في "مؤتة" وفي "تبوك" عندما أرسل ثلاثة آلاف للأولى وثلاثين ألفا للثانية في مواجهة مئات الآلاف من الروم في بلادهم وعلى أرضهم؟ وهل كان صلى الله عليه وسلم – وحاشاه ألف مرة أن يكون – هل كان معاندا وجاهلا ولا يعلم ما يعلمه "الخميس" من دين الله تعالى؟ خامسا: ونسأل "الخميس" لنلزمه بل لنحرجه – نعم لنحرجه – هل كانت ثورة الكويتيين على مئات آلاف الجنود العراقيين كان عنادا وجهلا ولأن الكويت ليس فيها علماء؟ وهل ثورة الجزائريين الذين قتل منهم في يوم واحد سنة 1945 خمسة وأربعين ألفا على يد فرنسا هل كانوا هم أيضا معاندين وجهلة وعصاة!! سادسا: ولنا أن نسأل "الخميس" ما الذي يعنيه له قول الله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله)؟ آخر القول: لقد أبدع "عثمان الخميس" في مجالات وموضوعات أخرى.. فيا ليته عرف حده فوقف عنده ولم يتجاوزه إلى ما لا يعلم، وليته فهم أن استهداف المقاومة التي تقدم قادتها فداء للقدس ودفاعا عن النفس وصيانة للدماء المحرمة هو نوع من الإرجاف والخذلان والتخلي عن النصرة الواجبة.