12 سبتمبر 2025
تسجيلذكرى رحيل الرئيس الفلسطيني "ياسر عرفات" هذه المرة أخذت خصوصية بسبب تطورين اثنين أنشأتهما منظمة فتح وسلطتها، أحدهما متعلق بالعدو الصهيوني والآخر متعلق بحماس وغزة.. وكان متوقعا أن تصير للتطورين امتدادات وتداعيات تطال كل الحالة الفلسطينية.. متحدثو فتح والسلطة اجتهدوا كثيرا ومنذ شهور في التلميح وأحيانا التصريح واستخدام لهجة صارمة ولغة قطعية جازمة بأن القاتل هو العدو الصهيوني، ما فهم أن فتح والسلطة امتلكت أدلة وبيّنات جديدة بخلاف كل السنوات الماضية وأنها أتمت بناء الملف الاتهامي وأنها بصدد اتخاذ إجراء ما ضد العدو متناسب مع المستجدات ومختلف عما سبق اتخاذه في هذا الاتجاه.. هذا هو التطور الأول؛ أما التطور الثاني: فهو تهديدهم المتواصل لحماس ولغزة مستقويين بالانقلاب المصري الذي يوالونه، وفي هذا السياق تتابعت تصريحاتهم بأكثر من أسلوب وفي أكثر من مناسبة، وحشدوا إعلامهم في هذه الحرب المعنوية، وأنشأوا ما سمي "حركة تمرد غزة" على غرار تلك المصرية التي أنشأها السيسي لدعم انقلابه.. وحددوا ساعة الصفر لحراكهم يوم 11/11 وقال أحد متحدثيهم (أي حمساوي يخرج من بيته يوم 11/11 لا يلوم إلا نفسه). ثم جاء يوم المخاض الموعود بين مصدق للتهديد ويتحسب له ولتداعياته، وبين العالمين بحال فتح والسلطة ومعادلاتها، والعارفين بحال الانقلاب المصري وفشله بعد أربعة أشهر في تأمين أو قاعدة ارتكاز وأمان له فضلا عن الانطلاق منها ضد غزة ولم يكونوا ليأخذوا هذه التهديدات على محمل الأهمية. جاء يوم المخاض وإذا بالجبل يعطس عطستين، ويمر ذلك اليوم كأي يوم قبله وكأي يوم بعده، وتنصرف فتح لمعالجاتها اليومية ومعانياتها التفصيلية بعيدا عما كان عليها أن تفعله ضد العدو، وعما فشلت في فعله ضد المقاومة وغزة. فإذا تجاوزنا منظمة فتح والسلطة وتهديداتها وحالها ومآلها.. وعدنا لعرفات واغتياله ومناسبته وما يجب أن يقال وأن يفعل في هذه المناسبة.. فأقول: لا عجب أن يترحم على عرفات اليوم كثيرون ممن لم يكونوا مغرمين به حال حياته، لأن كلمة الحق يجب أن تقال، ويجب أن يقولها من كانوا يؤيدونه ومن كانوا يعارضونه.. وهذا هو المحك الذي تمتحن فيه المصداقية والوطنية والشرف والعدل. كلمة الحق يجب أن تقال عندما يسطو على ميراثه أولئك الذين كانوا يخالفونه ويعادونه ويتآمرون عليه ويحاصرونه ممن كانوا معه ذات مرة من أجل اكتساب شرعية لم يستحقونها بالرصيد الذاتي ولم يضحوا في سبيلها بشيء (أحدهم صرح أنه لم يطلق رصاصة واحدة على العدو!!). كلمة الحق يجب أن تقال أيضا عندما نرى – المنعّمين المتسمنين على الموائد، المتنقلين بين الفنادق، ملاّك الفلل والقصور يجرجرون منظمة عرفات وميراثه لنصرة نظم مجرمة معادية لطموحات وحريات شعوبها (سوريا، ومصر مثال ذلك). لهذا وذاك وذلك يصير تقرير الحقائق واجبا وطنيا وصراحة لا بد منها.. حتى لو كان مؤسفا وغير لائق ذلك في مناسبة لها كل هذا الجلال والحساسية.. ولهذا وذاك وذلك يصير ضروريا وضع النقاط على الحروف والحؤول دون السطو الخبيث على الرجل وميراثه ومشروعه. من حق الشعب الفلسطيني أن يعرف ما لدى ذلك القائد الفتحوي الهارب من القضاء من معلومات وأسرار يقول إنها تتعلق باغتيال الراحل عرفات، وإنه يمتلكها، وإنها سبب الخلاف بينه وبين رئيس الحركة "محمود عباس"! حتى لو كان ذلك الهارب مجرد يحاول ركوب المناسبة للتذكير بنفسه وليسترعي اهتماما إعلاميا زائفا. آخر القول: المؤتمرات الصحفية والتصريحات النارية واللهجة التهديدية التي تكلمت بها لجنة التحقيق في قضية دم عرفات لا قيمة لها ما لم يكن وراءها ملف اتهام حقيقي وما لم يكن التحرك جادا باتجاه فعل حقيقي بعد ذلك.. فإن أرادت منظمة فتح وسلطتها أن تثأر للراحل فالأكيد أن الثأر ليس في جهة حماس، والأكيد أيضا أن الثأر الجلي الواضح لا ينتظر ملفات ومحاكمات.. وفي فلسطين مثل يقول (الحق على قد إيد صاحبه).