14 سبتمبر 2025

تسجيل

سيكولوجية الإحباط

14 نوفمبر 2013

الإحباط حالة نفسية داخلية يعيشها الفرد عندما لا يحقق رغباته الأساسية نتيجة لمعوقات خارجية. حيث يتصور خلالها استحالة بلوغ طموحه مما يصيبه بخيبة الأمل واستشعار الخسارة. يتسلل الإحباط إلى حياة الشخص ببطء نتيجة لتراكم المواقف التي تخالف توقعات الشخص وآماله حتى يصل لدرجة من الاستسلام والضعف والانسحاب، مع مزاج اكتئابي يحول بين الفرد وبين التفاعل مع الحياة بالشكل المطلوب والمتوقع. ويبدو الشخص خلال حالة الإحباط سلبيا متشائما غير مكترث بالحياة مما قد يفقده محطات مهمة نتيجة عزوفه عن الكثير من المهام خشية الفشل والإخفاق. لقد أشارت بعض الدراسات والملاحظات العلمية إلى أن ثمة مواقف خارجية تكمن خلف تشكيل حالة الإحباط. إلا أن الجانب المهم الذي لا يجب إغفاله في تشكيل حالة الإحباط هو مفهوم الفرد عن نفسه وتفسيره للصعوبات والعقبات وقدرته على الموازنة بين رغباته وبين إمكانياته. الطموح ووجود الأهداف بحد ذاته لا يضمن للفرد أن يحيا حياته بكفاءة ومهارة تمكنه من خوض التجارب بمرونة فكرية ونفسية عالية. إن الاستعداد الجيد وإتقان مهارات القدرة على المواجهة وعلى تحمل المسئولية و التفاوض و تقدير الذات والثقة بالنفس و التفكير الموضوعي العقلاني أدوات فعالة للتعامل مع الصعوبات والأزمات في الحياة، والمعرفة بتلك القدرات والمهارات لا تغني عن ممارستها بشكل فعلي وفهم كيفية تطبيقها. الشعور بالإحباط في حقيقته هو صورة تعكس مقدار الضجر والتذمر الذي تتسم به بعض الشخصيات التي توصف بعدم النضج في ردود أفعالها. وتمتد الأزمة وتزداد تعقيداً عندما يتحول الإحباط إلى عرض مرضي للاكتئاب أو القلق أو المخاوف، أو يصبح سمة للشخصية كما هو الحال في الشخصية التجنبية والشخصية القلقة والشخصية الاكتئابية. وقد أظهرت دراسة متخصصة أن حالات الإحباط والقلق أحد أهم الأسباب التي تقود إلى السير أثناء النوم، وما يترتب على ذلك من مخاطر كبيرة تهدد الأفراد الذين يعانون من هذه الظاهرة، ويعد الإحباط من أهم الحالات الانفعالية السلبية التي تتصادم فيها أهداف الفرد وتوقعاته مع المحيط الخارجي. وتختلف درجة الإحباط وشدته من فرد لآخر وذلك حسب معنى الهدف في حس الشخص وشدة العائق والخبرات السلبية المتكررة والمتتالية وعدم وجود البدائل وفقد المساندة الاجتماعية والسمات الشخصية للفرد والتنشئة الاجتماعية بالإضافة إلى قدرات الشخص النفسية والجسدية كذلك. وقد أظهرت الدراسات النفسية أن هناك علاقة بين مشاعر الإحباط المتكررة وظهور العدوان سواء كان لفظياً أو سلوكياً أو حتى ضمنياً في شعور الفرد واتجاهاته الفكرية.  وليس بالضرورة أن يكون العدوان موجهاً لمصدر الإحباط الحقيقي وإنما قد يحوله الشخص لمواقف وأشخاص خارج منطقة موضوع الإحباط الأساسي ويتخذهم كرموز للتعبير والتنفيس عن إحباطه بعدوانية. كما أظهرت الدراسات أن الإحباط يتزامن في بعض الحالات مع بعض السلوكيات النكوصية والارتدادية والتي تتمثل بالقيام بأفعال وسلوكيات لا تتناسب مع عمر الشخص أو مكانته الاجتماعية. إن الإحباط قد لا يشكل أزمة حقيقة واقعية، لكن ما يشكل الأزمة أو الحالة السلبية هو درجة تأثر الفرد والتي قد تتراوح بين السلبية المطلقة أو العدوان الجارح. إن الإخفاق أو حتى الفشل مثيرات نسبية محايدة تكتسب معناها السلبي أو الإيجابي من ردة فعل الأشخاص ودرجة وشكل تأثرهم بالموقف من حولهم.  والحقيقة التي ينبغي التنبيه إليها أنه كلما تمتع الشخص بتقدير متوازن لذاته استطاع التحكم في سلوكياته، وبالتالي كان أقل عرضة للإصابة بالإحباط كحالة انفعالية سلبية مؤقتة أو دائمة، مرضية أو غير متكيفة. إن النضج الانفعالي والذكاء الاجتماعي يمنح الفرد الفرصة الإيجابية للتعامل مع مواقف الإحباط بمرونة وتفهم للتقليل من درجة التأثر بالأحداث على اختلافها وتنوعها.