11 سبتمبر 2025

تسجيل

هل نقف على أعتاب تأسيس إمبراطورية روسية - فارسية؟

14 أكتوبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تمتلك روسيا علاقات وثيقة مع النظامين الإيراني والسوري، لاسيما إذا علمنا أن إيرادات روسيا المالية التي تأتي من خلال مبيعات الأسلحة، تشكلُ حيزًا أكبر ممّا تجنيه من تجارة الطاقة. وتشغل إيران والعراق وسوريا المراتب الثلاثة الأولى في قائمة الدول التي تشتري معظم الأسلحة المنتجة روسيًا. بالإضافة إلى أن تلك الدول تعتبر بوابة روسيا على منطقة الشرق الأوسط التي تعتبر مركز العالم.لقد كانت روسيا أبرز دولة تنتهك بشكل غير معلن الحظر الذي كان مفروضًا على إيران، محققة بذلك أكبر حجم تبادل تجاري مع ذلك البلد المقاطع عالميًا، لذلك فقد عارضت توقيع اتفاق نووي بين دول (P5 + 1) وإيران، لأن رفع الحظر المفروض على إيران سيضع حدًا ينهي تجارة روسيا المربحة.لقد اتخذ الدعم السياسي والعسكري المعلن الذي قدمته روسيا لنظام الأسد في سوريا، بعدًا مختلفًا، منذ مطلع الأسبوع الماضي. حيث حوَّلت روسيا مطارًا في محافظة طرطوس الساحلية السورية من الاستخدامات المدنية إلى العسكرية، وأهَّلت مطار اللاذقية للاستخدامات العسكرية، ثم بدأت بقصف معاقل قوات المعارضة السورية. لذلك، نستطيع القول إن روسيا دخلت "الحرب السورية" بشكل فعلي، وأعتقد أن "الحرب السورية" سوف تصبح حرب روسيا الجديدة، بعد سلسلة الحروب التي خاضتها في أفغانستان والشيشان وجورجيا وأوكرانيا. ما الذي دفع روسيا نحو اللجوء إلى تنفيذ هذه الخطوة؟1- الأسد وإيران على وشك خسارة المعركة في سوريا.تكبد النظام السوري وإيران خسائر فادحة خلال الفترة الأخيرة، نتيجة اتحاد قوى المعارضة السورية العاملة على الأرض، ما حدا بكثير من وسائل الإعلام والمثقفين للحديث عن "انهيار وشيك للنظام" نتيجة لتلك الخسائر التي من شأنها تغيير التوازنات في المنطقة. لقد رأت روسيا أن خسارة الأسد للمعركة ستعني خسارتها لسوريا، ومن ثم العراق وإيران. مع الإشارة إلى أن مسألة القاعدة العسكرية الوحيدة التي تملكها روسيا في البحر المتوسط (في طرطوس السورية)، تشكل الهاجس الأكبر بالنسبة للإدارة الروسية. 2- لا تريد خسارة قاعدتها العسكرية في "المياه الدافئة"طالما رغبت روسيا، ومنذ العهد العثماني، بالوصول إلى منطقة البحر المتوسط التي تعرف باسم "المياه الدافئة"، إلا أنها لم تنجح في ذلك، قام النظام السوري بتقديم قاعدة عسكرية في محافظة طرطوس المطلة على البحر المتوسط للروس، ما وفر لهم إمكانية تحقيق ذلك الحلم الذي راودهم على مر التاريخ، والوصول إلى المياه الدافئة، لذا فإن تحقيق قوات المعارضة السورية النصر في معركتها ضد نظام الأسد، سيعني خسارة روسيا قاعدتها العسكرية الوحيدة في البحر المتوسط، وسيعني بالتالي أن تصبح الولايات المتحدة المهيمن الوحيد على المنطقة بأسرها دون منازع، ولمنع هذه التحولات المهمة، دخلت روسيا الحرب بشكل فعلي. 3- الحرب تعني تحقيق مكاسب اقتصاديةلا يعرف على وجه الدقة حجم الأسلحة التي باعتها روسيا لدول إسلامية مثل إيران، والعراق، وسوريا، واليمن، ولبنان، وليبيا. لكن ودون أدنى شك، فإن حجم المبيعات الروسية من السلاح، خاصة لحليفتها إيران الموجودة كعنصر فعال في الحروب التي تدور في البلدان العربية الخمسة آنفة الذكر، كان كبيرًا للغاية. والأنكى من ذلك، هو أن الدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا والصين وفرنسا)، هي الدول التي تتخذ جميع القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة أو تنقضها، إلى جانب كونها أكثر البلدان التي تحقق مكاسب عالية من تجارة بيع الأسلحة إلى معظم البلدان الأخرى حول العالم. وانطلاقًا من هذا، نستطيع أن نفهم الأسباب التي أدت لإطالة أمد الحرب في سوريا ومنعت من إيجاد حلول فعالة لتلك الأزمة. 4- روسيا تنتقم لملف العقوبات والملف الأوكرانيشهدت علاقات روسيا تدهورًا مع جميع الدول الأوروبية والولايات المتحدة، على خلفية موقفها من الأزمة الأوكرانية، حيث شاركت روسيا بشكل فعلي في الحرب الأوكرانية، وقاتلت من أجل القضية الأهم بالنسبة لها، ألا وهي قاعدتها العسكرية في شبه جزيرة القرم، والتي تستطيع من خلال التحكم بمنطقة البحر الأسود. ووجهت السياسات الروسية الساعية لتوسيع السيطرة في تلك المنطقة بعقوبات اقتصادية فرضها الغرب عليها، تزامنت مع هبوط حاد لأسعار النفط، ما جعل الأمور في روسيا تتجه نحو الأسوأ ودفع البلاد نحو أزمة اقتصادية حادّة.تسعى روسيا من خلال دخولها الآن إلى سوريا، للانتقام من الغرب، ورد الصاع صاعين، والسيطرة على المنطقة الممتدة من بحر قزوين إلى البحر المتوسط، بمساعدة من إيران، فيما ستسعى الولايات المتحدة وأوروبا لمنع ذلك، عبر محادثات ستجريها مع روسيا، وستسعى من خلالها إلى إضعاف الدور الروسي عبر التلويح بزيادة العقوبات والتركيز على الرد من خلال الملف الأوكراني.ما هي النتائج المترتبة على التحرك الروسي؟1- قد تخسر المعارضة المعركة وتظفر إيرانلا تعمل روسيا على قصف مواقع تنظيم داعش فقط، بل جميع الأطراف المناهضة للأسد، فيما تستعد قوات عسكرية مشتركة تضم فصائل إيرانية وأخرى تابعة لـ"حزب الله" اللبناني، إضافة لقوات الأسد، لعملية برية واسعة. واستمرار ذلك على هذا النحو سيعني خسارة المعارضين للمعركة، وتحول سوريا إلى عراقٍ آخر، من خلال وقوعها تحت السيطرة الإيرانية، لكن بدعم روسي هذه المرة. 2- هجرة كبيرة تهزّ تركياتبدي تركيا ردود أفعال قوية، مناهضة للتدخل العسكري الروسي المباشر في الحرب السورية، وتدرس إعادة النظر في كل الأوراق التي تمتلكها، بما في ذلك اتفاقية بناء محطات الطاقة النووية واتفاقات أخرى في مجال الطاقة، في الوقت الذي تسعى فيه جاهدةً لخلق حراك أوروبي أمريكي مشترك ضد روسيا. خاصة أن خسارة المعارضة للمعركة، ستعني ترك تركيا أمام مواجهة موجة لجوء كبيرة، تفوق تلك التي واجهتها خلال سنوات الحرب، فضلًا عن مواجهة معضلة وجود أكثر من 2.5 مليون لاجئين، هم الآن مقيمون على أراضيها. من ناحية أخرى، علينا ألا ننسى ترحيب منظمة "بي كا كا" الإرهابية، بخطوة التدخل العسكري الروسي في سوريا.3- الإمبراطورية الروسية الإيرانيةحتى لو أظهرت الولايات المتحدة اعتقادها، بأن دخول روسيا في الحرب السورية، سيكون مشابهًا لدخولها في المستنقع الأفغاني، إلا أن الأمر لن يكون على هذا النحو. ذلك أن روسيا لن تشارك في المعركة بقوات برية كبيرة، وسيقتصر دورها على تمهيد الطريق أمام قوات الأسد والقوات الموالية له، من خلال توجيه ضربات جوية لمناهضيه. فالمعركة البرية التي ستشهد خسائر كبيرة على صعيد العنصر البشري، تركت للقوات الإيرانية والعراقية واللبنانية والسورية، فضلًا عن المنظمة المحلية.لا أعتقد أن فكرة تأسيس إمبراطورية إيرانية روسية في المنطقة الممتدة من بحر قزوين وحتى البحر المتوسط تشكل ضربًا من ضروب الخيال، فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب، وأتوقع قيام الولايات المتحدة الأمريكية بزيادة وجودها العسكري في المنطقة، في هذه المرحلة التي أدركت فيها أنها باتت قاب قوسين أو أدنى من خسارة المنطقة، لاسيما وأن حلفاءها الثلاثة الأقوى في المنطقة، (المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر) يعبرون دومًا عن حالة عدم الرضا جراء التطورات التي تشهدها الساحة في الوقت الراهن.مجزرة في أنقرةكنت أريد أن أكتب "أرى أن تركيا هي المتضرر الأكبر من كل هذه التطورات"، وأثناء كتابتي لهذه الجملة، وقع هجوم إرهابي في أنقرة، أسفر عن مقتل أكثر من مئة مدني في قلب العاصمة التركية. لم تعلن أي منظمة إرهابية حتى الآن مسؤوليتها عن الهجوم، ولا ينبغي انتظار تلك المنظمة لتعلن عن تبنيها للعملية الإرهابية، لأن الجهة التي تسعى لإعادة أنظمتها إلى الشرق الأوسط، والجهة التي تسعى لنشر الحروب والفوضى، هي نفسها التي تقف وراء المذبحة التي وقعت في أنقرة. وضعت القوى المظلمة كلا من بارزاني في العراق، والملك سلمان بن عبد العزيز في المملكة العربية السعودية، وأردوغان في تركيا، على رأس قائمة أهدافها، ما يشير إلى أننا نقف على أعتاب أيامٍ حبلى بالشدائد.. كان الله في عوننا جميعًا.