11 سبتمبر 2025

تسجيل

اليوم بالدمع يغتسلون

14 أكتوبر 2013

لكل منا مشوار حياة لا يشبه غيره، ودرب لا يماثله درب، ونحن أولاً وأخيراً أصحاب الاختيار مذ ملكنا القدرة على الاختيار، الدرب مفتوح، وكلنا نركض في طرقات الحياة الوسيعة بكل زهونا، وشبابنا، وقوتنا، وقدرتنا، نجمع مالاً، نحوز مناصب رفيعة، نملك ما نريد وما لا نريد، تغدق علينا السماء نعماً كثيرة مع نعمة الصحة، فنوجه أغلى ممتلكاتنا لكل ما يزيدنا بعداً واغضاباً للمحبوب مغدق النعم! يوسوس شياطين الإنس والجن فيضلون كل المأسورين تحت لحظة ضعف، فينسى المأسورون المستعذبون طعم الذنب غداً الذي فيه من الهوان ما خطر على قلب بشر، وتستعبدنا الأهواء فلا نكاد نتصور فكاكاً منها وقد أخذت بتلابيب نفوسنا الضعيفة، الإغراءات لا تنتهي، وزخارف الدنيا وبهرجها يقول تعال، ونلبي طائعين، نغوص في الطين، لا يردنا عن الغي تأنيب، ولا موعظة، ولا وجل، ولا خوف من زلزلة ميزان قد يثقل ليكون النعيم، وقد يطيش معلنا الضيعة الصاعقة، "غارقون، غارقون، غارقون، تائهون، نائمون، غافلون، مغيبون في غياهب الجب، والزمان يركض"، وخلف الزمان زمان، ويد الهوى تشدنا إلى دروبها، وكلما توغلنا في البعد عن درب النور استسهلنا المخالفة فلم نأبه بما نقول أو نفعل في دائرة تجمعنا بناس الكوكب فضيعنا حقوقا، وغدرنا، وكذبنا، وخنا أماناتنا، وخلفنا عهودا ووعودا، وظلمنا النفس فأوردناها ما لا تطيق، وتفلتت السنون ونحن غارقون في الغي، راضون بأن يعلو فينا الطين على النور، طويلاً ظل الحال على ذلك المنوال حتى هزته لحظة يقين لا يدري المرء فينا ما الذي حركها ومن أين أتت، هل كانت عندما فقدنا حبيباً ففجعنا أن نواريه التراب، أم عندما فتح المرء عينيه بعد طول نوم ليجد نفسه غريبا على كوكب بارد أعطاه كل شيء إلا شعور الأمان، أم كانت تلك الهزة رحمة من الله العالم بالعصاة المحبين الذين تغلبهم شقوتهم فيعصون، لكن قلوبهم ما مات فيها حبه أبدا، ولا كفرت يوما بأنعمه، ببساطة تزلزل لحظة اليقين من عاش عمرا حزينا يفتقد طعم الفرح رغم كل ما حاز وملك، ومن عاش في أسر المعاصي طويلاً مرة يَعِدْ، ومرة يُسوِّفْ، حتى استيقظ النائم في الجب على يده خاوية فارغة من ادخارات الخير ليسكن صدره حزن لا يفارقه، وتنتفض الروح المسكينة باحثة عن مصدر يفك عن الصدر ضوائقه، وعن القلب أغلاله، وعن العين نورها وقد أعشاها طول المكث في إظلام طويل بلا نهار، وتهفو الروح الفقيرة للغنى الحقيقي، والفرح الحقيقي، والأمان الحقيقي، فتحن إلى البيت البعيد حيث الأمان، كل الأمان وتجد السير مع السائرين الذين تركوا خلفهم نعيمهم الدنيوي الذي ما زادهم إلا شقوة، والهاهم وأبعدهم عن غفوة، مجرد غفوة براحة. اليوم يعود التائهون عن أنفسهم ليقفوا على صعيد عرفات الطاهر يغسلون بالدمع أوزارهم، وطينهم، ووقعاتهم، ويشكون لربهم ما كان من قساوة قلوبهم التي أبعدتهم عن الحبيب وكنفه، اليوم يقف على صعيد عرفات كثيرون يريدون فكاكاً من قبضة الشهوات واغواء الدنيا، وعذاب الروح التي لا يهدأ نحيبها بعد زلزال الهزة وقد ندموا على ما كان من تفريط فتكرم المحبوب بستر العيوب، ومحو الذنوب، وتجلى في المشهد المهيب يقول لعباده أنا الغفار لمن يتوب، أنا الستار لكل العيوب، ويا سعد من ستر الله عيبه. ** طبقات فوق الهمس * أما من واقف على عرفة اليوم يدعو ربه من قلبه أن يصلح الله الأمة ويزهق روح الانتقام ليسلم الإنسان من ظلم الإنسان، ما من واقف على عرفة يدعو بزوال الغمة. * رغم العيد، حزن فارع في قاهرة المعز يطل من الوجوه، والبيوت، والشرفات، والشوارع، والأبواب، والشقوق، حزن يقول بكل الوجع أنا حزين! * رغم عقم المواساة لأنها لا تجدي والمصاب جلل، والقلوب مكلومة بقطوع وجروح لا تلتئم نواسي الأرامل، والأيتام، وقلوب أمهات فقدن قطعاً من قلوبهن ومازال حزنهن حارقاً لا يهدأ. ** بطاقة معايدة * يا زفتك للجنة يا فستانك يا سابقة خطابك لعرس جنانك لو سلم القلب الجميل للفضفضة ما تكلميش الجنة عن أوطانك إحكي لحورية عن عريسها الجي اسمه على جبينه الشهيد الحي ومتغلطيش وترددي سيرة وطن بيبوس ولاده بالرصاص الحي