18 سبتمبر 2025
تسجيلتتميز رسالة الإسلام بأنها جاءت لإصلاح البشرية، دينها ودنياها وآخرتها معاً، وهذا الشمول أهم ما يميز المنهج الإصلاحي الإسلامي. ومما يؤكد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تحقيق جوانب الإصلاح الثلاثة دعاؤه المتكرر: "اللهم اصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، واصلح لي دنياي التي فيها معاشي، واصلح لي آخرتي التي فيها معادي"، وفي هذا تأكيد على أنه لا صلاح للبشرية إلا بتكافل جوانب الإصلاح، إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بدعاً في ذلك؛ فهذا نبي الله شعيب صلى الله عليه وسلم يقول لقومه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وهو بذلك أيضا يختصر في الإصلاح، ويبين قيمته.إلا أننا نجد في مقابل المصلحين أناسا يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا، ويحبون العيش في ظل العوج والانحراف، ويرون أن أجواء الفساد تساعد على تحقيق مآربهم، وهم في طباعهم تلك يشبهون الجراثيم التي تنمو وتتكاثر في الأجواء النتنة والعفنة، إذا طلعت الشمس بحرارتها فإن هذه الجراثيم تموت ولذلك فهم لا يحبون العيش في الضوء والعلن، ومن تبجح هؤلاء واقرانهم انهم يروجون لأنفسهم ويخدعون الناس ويدعون انهم مصلحون وقد قال الله عز وجل عنهم "وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون".إن من نكد الزمان أن يرفع راية الإصلاح زعيم المفسدين، أو ترفع راية الفضيلة والعفة قوادة بغي!! كما حدث في كثير من فترات الزمان، وهم يفعلون هذا ليحولوا بين الناس والاستماع لدعاة الحق والإصلاح، كما فعل فرعون محرضا جماهير الأمة على دعاة الإصلاح، حيث قال لقومه: "ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد".قال صاحبي: هل هناك من شروط للإصلاح؟ قلت: نعم فهناك الخيرية وشرط قبول التوبة، أما عن قبول الخيرية فعملية الإصلاح هي المهمة للأمة الإسلامية وان المسلم لا يعد مسلما إلا إذا بدأ بممارسة هذه العملية مستدلا بقول المولى عز وجل "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله..." ففي هذه الآية الكريمة تتحدد مقومات الخيرية، ومن أهمها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واللذان من أدوات الإصلاح.أما عن الإصلاح بشرط قبول التوبة، فنحن نستقي الحكم من القرآن بأن الإصلاح هو شرط النجاة من الهلاك وذلك من قوله عز وجل "وما كان ربك يهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون".ومن خلال الاستعراض للقرآن الكريم تبين أن الله لا يقبل توبة عبد بمجرد الإعلان اللفظي لهذه التوبة بل يشترط على تائب من كل ذنب أن يحدث إصلاحا بعد إفساده.وفي هذا المقام تأتي آيات كثيرة منها على سبيل المثال قوله عز وجل "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله واخلصوا دينهم فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤتي الله المؤمنين أجرا عظيما".قال صاحبي: ما مقومات الإصلاح الناجح؟ قلت: هي كالآتي:1- أن يكون المنطلق إيمانيا عاطفيا.2- ألا يحمل مشروعه إلا الصالحون.3- أن يبدأ المصلح بأهله وعشيرته وبمن حوله.4- التدرج ومراعاة طباع الناس وأحوال الزمان.5- إن الإصلاح لكل مجالات الحياة.6- أن تقتنع الأمة به، ولا يفرض عليها فرضا.7- أن تكون بوابته الحرية، ومنهجه الشورى وسناده العدل.8- حماية وحدة الأمة، وعدم محاباة فئة على حساب الأخرى.9- مشاركة الأمة كلها بكل أفرادها وطوائفها في عملية الإصلاح.10- حفظ أرواح الناس وصيانة أعراضهم.والله من وراء القصد.