11 سبتمبر 2025
تسجيلما انفصمتا عن الواقع بل كانتا معه بالعدل وفي ساحة الإنسانية والحرية الحقة وفق شرع الله تعالى وهدي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أتى على مشاهد هاتين الإطلالتان وغيرهما عرف أن العدل والحرية والقوة والعزة والفأل المبني على العمل والبناء بقاء للدول والأمم، وما انتقضت إلاّ كان تراجعاً وهلاكاً وسقوطاً. الإطلالة الأولى: كلمات العهدة العمرية تعتبر شاهداً على سماحة الإسلام وسمو تعامله مع الآخر، وتسامح الأقوياء المنتصرين مع المستسلمين عندما فتحها المسلمون 638 من الهجرة، وهي وثيقة سُلمت لأهل القدس من قبل الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمنهم على دينهم وممتلكاتهم، واشترط ألاّ يسكن اليهود معهم أهل الغدر والخيانة ونقض العهود والمواثيق، وهذه العهدة العمرية من أهم الوثائق التاريخية في القدس وفلسطين الأرض المباركة. وجاء فيها "بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أعطى عبدالله أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان: أعطاهم أمانـاً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقص منها ولا من خيرها، ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضام أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود، وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطى أهل المدائن، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص، فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم (ويخلى بيعهم وصلبهم)، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم وصلبهم، حتى يبلغوا مأمنهم، ومن كان بها من أهل الأرض قبل مقتل فلان فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية، شهد على ذلك: خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبدالرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان، وكتب وحضر سنة خمسة عشرة هـ "، وتبقى هذه الأرض المباركة أرض وقف إسلامية إلى يوم القيامة لا يحق لأحد التصرف فيها كائناً من كان وبأي وجه من الوجوه. الإطلالة الثانية: الفأل العملي وليست أحلاماً ولا أماني واليقين كذلك يصنعان للفرد والأمة الحياة من الجديد (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)، "ما ظَنُّكَ يا أبا بكرٍ باثنينِ اللهُ ثالثُهُما"، فنحن لا نقر ولا نحتفل بالباطل وإن سعى وتزاحم عليه حفنة من بني جلدتنا بتطبيعهم مع الكيان الصهيوني المغتصب السارق، فهؤلاء لا يقام لهم وزن، ومن يَرضعِ الذُلَّ في مهده *** يَشب رأسهُ دونَ أن يرفعا وما نراه اليوم من سعي واحتفاء صريح وتباه بالأفاعي الصهيونية، لهو مؤذن بزوال هذه الأفاعي السامة، والجميع وهم كذلك يعلمون أن وعد الله لا يتأخر مع من كان الفأل يلازمه، ولكن ثمة أقدارا وحكما يريدها الله سبحانه للأمة في ظل هذه المداولة مع الباطل واستدراج أهله وأذنابه وذبابه، وستأتـيك مشاهد الخير والعزة بإذن الله، فـالقُدْسُ وفلسطين كلها ستبقى إسلامية، وستظل رايتها إسلامية إلى أن يرث الله سبحانه الأرض ومن عليها. "ومضة" وصدق الشاعر: ومن هانت القدس في دينه يكون كمن هان حتى كفر [email protected]