17 سبتمبر 2025
تسجيللا يمل المرجفون من الحديث والتسويق لأفكارهم في كل محفل طمعاً في تحقيق مآربهم؛ فلا يغرنك تقلبهم في البلاد ولا عباراتهم المتزلفة خوفاً على العباد في دينهم وأمنهم ومعاشهم, فهم لا يميلون سوى للدمار والخراب ممتطين سنام كل بدعة ومنتهزين ذرى كل فرصة للكذب وصناعة الزيف وبثه بين الناس, فما أن أعلن عن اتفاق جدة الأخير بشأن العمل على محاصرة إرهاب داعش ومن نهج نهجه دولياً وشله بتعاون الدول الموقعة على الاتفاق الذي توافق أن يكون تاريخه في الحادي عشر من سبتمبر كموعد له في دلالة عند من استشعر لظى الإرهاب حين تكوم برجا التجارة في نيويورك إثر ما قيل إنه غزوة تعز الدين فإذا بالأمر يعود وبالاً على عموم المسلمين ويدخل العالم في دوامة عهد جديد ملامحه الريبة والتحارب وإعادة الحسابات وخرائط الحدود مما أسقط دولا وجز رقابا وأذاق الناس لباس الخوف والجوع, كل ذلك بسبب مغامرة غير محسوبة العواقب شرع لها جزافاً وسيقت لها التبريرات لياً وتطويعاً لأدلة دين لا يقر سفك الدماء ولا قتل الأبرياء بل يدعو بالحكمة والتي هي أحسن, وفي تاريخ الأمة وحروبها صور لقياس التوازنات ومعادلات الحروب وأهدافها لا الهمجية والانفعالية وخلط الفكر بالمصالح ورهنه للغير, فإعلان جدة استشاط منه المتعاطفون مع داعش بمبررات واهية وأنفاس تدرك نهاية مسلكها، فالعالم أجمع ماض نحو اقتلاع جذور الفتنة واستغلال الدين لنشر الذعر ومحاربة العالم دون وجه حق وبأساليب مروعة ودخيلة على كل الإنسانية وتاريخها, فالمرجفون يعنونون أحاديث خواطرهم الجانحة نحو الشر في إلصاق تهم الإرهاب وصناعته بالدول التي تتعاون الآن لمحاربته ويتمادون في ذلك بلملمة البراهين القديم منها والحديث وكأن أولئك المرجفين راضون عن جز الرقاب ونحر الأطفال وسبي النساء وتهجير الأقوام، وكأن تلك المناظر تطيب لهم وتؤملهم في عهد من الفوضى في كل مكان فتلك هي أحلام الوهم عندهم.. فالدول الموقعة على اتفاق جدة تدرك أهمية الوقوف في وجه التمادي الظاهر للفوضى في أكثر من موقع ببنود عمل ملزمة وفاعلة حيث لم يعد هناك مجال للتنظير والأخذ والرد فالخطر متفاقم وتعدى الخطوط الحمراء مما حتم ضرورة صده في ظروف غدت ملحة وسريعة مهما جوبهت بالخذلان والكسل والتبرير من البعض, فاتفاق جدة بما فيه من بنود وحيثيات تجيش لعسكرة أربعين دولة لشن حرب عالمية مصغرة لمواجهة داعش وفلوله؛ فهذه الحملة تواجه بتخوين للدول المتحالفة وللمتعاطفين معها بنشر التعليلات والحيثيات المثبطة لهمة المواجهة التي تخلص العالم من صور العنف المستطير, فهذه الأفكار السوداء لابد أن تقابل بحرب فكرية تُحشد لها الجهود المكثفة في كل مكان لتجفيف منابع الإمداد لهذا الإرهاب الغريب الذي استطاع أن يلم تحت راياته السود رجالا ونساء من أكثر من 70 دولة بصياغة محفزات جذب يصعب على العقل الرزين فهم مهيتها ومكنونها الذي يتجاوز كل المبادئ والقيم في كل الأعراف والأديان.. ومع التصميم العريض الذي ينتهجه مسوقو الإرهاب سراً وعلانية يحتاج العالم أجمع إلى مكاشفة وصراحة مطلقة للتضييق على منابع هذا الفكر ودعاته وإقصائهم بل ومحاكمتهم والنيل منهم جراء ما طال العالم من تداعيات فكرهم وممارساتهم, نتمنى أن يعود الجميع إلى رشده وأن يحكم العقل دائما صيانة لضمير الإنسانية والحد من تشويه سماحة الدين.