06 نوفمبر 2025
تسجيلالتنمية تقوم على تعاضد أطراف المجتمع, والتكاتف بين مؤسسات الدولة وبين مؤسسات القطاع الخاص, بين الأفراد والجماعات كل يبذل جهده, من أجل بناء مجتمع قادر على الاستمرار والتقدم والتطور, ولكن حين تحل الانشقاقات والتصدعات في المجتمع, في شكل فرق وطوائف تحدث الفاجعة, ويتراجع الاقتصاد وتتهاوى معه رفاهية الإنسان, ويتشظى المجتمع ويفقد قدراته, ولذلك فإن العدو ومن أجل ضرب الاقتصاد فإنه يعمل على تفتيت المجتمع ومن أجل ضرب المجتمع يضرب الاقتصاد, وجهان لعملة واحدة, وتوجيه الجهود إلى أعمال التخريب بدل البناء والتنمية, ولذلك فإن صناعة الأحقاد وبذرها في المجتمعات, هي صناعة شيطانية هدفها تدمير النمو الاقتصادي وحذف أي جهود تنموية, وشل القدرة المجتمعية على تحقيق الرفاهية, توجيه الجهود إلى التنمية هي أهم عمل تقوم به الدولة , وتحققه الدولة عادة من خلال وضع مشروعات قومية كبيرة لتسلط الضوء عليها, وتركيز جهود الأفراد والمؤسسات حتى تتمكن من حشد الطاقات وتوجيهها لتحقيق إنجازات, بدل ترك الأمور عشوائية قد تؤدي إلى منافسات بين الأفراد وتحولها إلى إما غالب أو مغلوب, بل صرف أنظار الجميع إلى أهداف عظمى, تدفع إلى تكاتف الجهود وخلق بيئة, حاضنة لمفاهيم التعاون والحاجة لكل جهد, تحويل الأفراد والمجموعات إلى خلايا عاملة, متجانسة قد يكون الهدف الأكبر بالنسبة لأي دولة, ولذلك ضرورة خلق المشاريع الضخمة والعمل على إنجازها, وليس هناك من أوضاع تؤدي لتكاتف الجهود كعدو خارجي أو مشاريع تنمية جبارة, ما عدا ذلك ودون وجود موجه, تتحول الجهود لمشاريع فردية تتضارب لتؤدي إلى اللامبالاة وفقدان الأمل والثقة بالآخر , الشعوب والأمم التي تفتقد الرؤية والأهداف البعيدة المدى, تنقلب على نفسها وتتحول الجهود بدل التعاون والتحالف إلى جهود تضرب بعضها بعضا, تكون نتيجتها ضعف النسيج الاجتماعي, وتراجع النمو الاقتصادي وفقدان الأمل, فتضمحل المبادرات ولا يعود الابتكار والاختراع سلوكا محببا ومطلوبا, بل التناحر وضياع الرؤية, عندما تقول أمة أنها تهدف للوصول إلى القمر أو المريخ , أو تضع نصب عينيها المنافسات والمناسبات الدولية , هي بهذا تحشد الجهود وتوجه العقول والانتباه, لتلك المشاريع خالقة بذلك بيئة متناغمة ورؤية جامعة, فتتحول الجهود بدل التضارب إلى التعاون, هذا يمكن من توفير الموارد وتوجيهها , فيتحقق البناء ويزداد النمو, وتتسع سعة الاقتصاد على استيعاب المشاريع , ويتحسن مستوى المعيشة , ويحصل المجتمع على الرفاهية, فكل الجهود متضافرة من أجل تحقيق أهداف متفق عليها, وظاهره للعيان, تمكن من تنسيق الجهود, وتنظيمها حول تلك الأهداف , مما يخلق أرضيات مشتركه بين الأفراد والمؤسسات, تجعل من تنسيق العمل ضرورة , فتنتظم جهود الجميع, في توافق إيجابي كل جهد يضاف لجهد آخر , بدل ترك الأمور على عواهنها دون رؤية, فتكون الجهود متناقضة تخصم من بعضها البعض, فكل ما يشتت الأمة هو في النهاية تدمير للاقتصاد, وإضعاف للأمة, وكل ما يجمع ويوحد جهودها هو عون للأمة ورفعه , وعلينا الاختيار إما الطائفية البغيضة أو وحدة المجتمع , إما العمل مع بعضنا البعض وإما التنافر والتناحر والاقتتال, الأمة تصنع خياراتها , والأمة تصنع واقعها , فإما واقع فقر وعوزة, هي نتيجة عدم توافر الحوافز في شكل مشاريع قومية, أو أخذ المبادرة ورسم واقع, يحقق أحلام الناس وآمالهم , بدل الجهود التي تصرف في الاحتراب , والموارد التي تصرف على الأسلحة والتدمير , لنوجهها للبناء والتعمير , العراق اليوم بغض النظر عن الظروف التي أوصلته إلى هذه التقاطعات , مازال قادرا أكثر من غيره على نسف هذه العقلية التدميرية , وخلق رؤية بعيدة عن الاقتتال, هي إرادة الجميع وليست إرادة الخارج , نعم المهمة ليست سهلة , ولكن لو أن السياسيين وضعوا نصب أعينهم , بناء بغداد والعراق , لانصرفت الجهود للتعمير , ولكن دائما ما كانت الجهود موجهه للانتقام والثأر , ومخيلة جمعية تكرس الأحقاد , كان دور السياسيين بعد الحرب , هو توجه الجهود للبناء والتشييد , وترميم ما خلفته الحرب, الأخوة في العراق لهم دروس في فلسطين, وغزه خاصة عندما توحدت الجهود , خلف رؤية المقاومة , استطاعت مجموعات قليلة من تحقيق ما لم تستطع تحقيقه جيوش كبيرة , لأن رؤية المقاومة وحدت الصف , والعقول الشابة خدمت القضية , والقادة والسياسيون قادوا الجهود, وقدموا شعبهم على أنفسهم , فتضافرت الجهود وتحقق النصر, وهذه الرؤية ستحقق الوحدة , وتعيد الأمل المفقود وتحيي الأمة , عندما تكون الأهداف عظيمة وسامية توحد الأمم وتجدد الأمل , ولذلك ما نطالب به هو وضع رؤية قومية عربية , تضع أهدافا كبيرة عظيمة, تعمل من أجلها الأمة العربية والإسلامية , وقد يكون مشروع برنامج فضاء هو أحد هذه المشاريع , ووضع وإنزال أفراد على الكواكب بتاريخ معين , مثل إنزال عربي على المريخ بحلول 2030 سيكون غاية يسعى لها الجميع, من المهندس إلى العلماء العرب إلى الطلبة إلى المؤسسات إلى المبادرين, ومن المجدي أن تعمل كل دولة من خلال أهدافها العظيمة أيضاً لتتوحد في الغاية القومية.