11 سبتمبر 2025

تسجيل

يد الداخلية لا تصفق لوحدها

14 سبتمبر 2005

الحملة الوطنية للوقاية من حوادث الطرق التي تتولاها حاليا وزارة الداخلية ممثلة بادارة المرور والدوريات، جهود كبيرة، وتثمين بالغ من قبل افراد المجتمع، ولكن التساؤل هل يمكن لحملات من قبل جهة واحدة ان تحمي المجتمع من ظاهرة نزيف الشوارع، التي تتواصل بصورة يومية؟. بالتأكيد مثل هذه الحملات والندوات والمحاضرات التوعوية تعمل على خلق وعي لدى أفراد المجتمع، خاصة الشباب، الذين يمثلون النسبة الأكبر من الضحايا، ولكن هناك أطرافا عدة مطلوب منها الوقوف مع وزارة الداخلية في جهودها الحثيثة نحو الحد من هذه الحوادث، وتكثيف التعاون لخلق ثقافة ووعي دائم بعيدا عن "الوقتية". الاسرة.. وزارة التربية بأجهزتها المختلفة.. وزارة الأوقاف.. المساجد.. الإعلام.. هذه الجهات وغيرها يمكن أن تلعب أدوارا عديدة وايجابية من أجل الحفاظ على أرواح شباب المستقبل، والثروة الحقيقية لهذا الوطن. لا أريد الحديث عن الموازنات التي تستنزفها حوادث الطرق، وما يترتب على ذلك من إهدار للمال العام، ولكن الحديث بالدرجة الأولى على الطاقات البشرية، والكوادر الشبابية التي تذهب يوميا جراء الحوادث، ففي العام الماضي كانت حصيلة الحوادث وفاة 164 ، اضافة الى مئات الجرحى والمصابين، والذين تحول العشرات منهم الى الاصابة بعاهات مستديمة، بمعنى آخر ان الدولة قد خسرت كل هذه الطاقات التي كان بالامكان الاستفادة منها في عملية البناء، التي نحن اليوم بأمس الحاجة اليها، في ظل تنامي التحديات، وما تتطلبه عملية التنمية بالمجتمع. وزارة الداخلية ـ مع كل الجهود التي تقوم بها، وهي محل تقدير المجتمع بمؤسساته وأفراده ـ لا يمكنها لوحدها ايقاف "نزيف الشوارع"، حتى ولو فرضت مئات الغرامات المالية، أو ضاعفت البعض منها عشرات المرات، كل ذلك قد يقلل من الحوادث، ولكن اذا لم تتعاون جهات أخرى معها فان هذه الجهود ستظل محدودة، تماما كالمثل القائل " اليد الواحدة لاتصفق ". لذلك فان المسؤولية المجتمعية تفرض على الجميع، مؤسسات حكومية كانت أو خاصة، أو الافراد، تضافر الجهود من اجل مصلحة ومستقبل هذا الوطن، والسعي بكل اخلاص من أجل إحداث توعية للأجيال، وغرس القيم والمبادئ التي تقيم وزنا للروح البشرية، وتقدر الامكانات التي وضعتها الدولة من أجل بناء دولة ومجتمع معاصر، وتحفظ الثروات التي وضعت تحت يديها، وتعمل على البحث الجاد عن كيفية خدمة البلد، ووضع المصلحة العليا فوق كل اعتبار. نريد تفعيلا أكثر لأدوار مؤسسات المجتمع وللأسرة، وتعاونا أوثق مع الجهات المختصة بوزارة الداخلية، من أجل خلق وعي أكبر بقضية الحوادث في مجتمعنا، التي تستنزف الكثير على كل صعيد.