16 سبتمبر 2025

تسجيل

لبنان يدخل موسوعة جينيس في تعذر انتخاب رئيس للجمهورية

14 أغسطس 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); مجالات كثيرة دخل من خلالها لبنان موسوعة جينيس للأرقام القياسية. كإعداد أكبر صحن تبولة، وأكبر صحن حمص بطحينة، وكذلك إعداد أطول سندويش فلافل، وأطول سندويش فلافل... لكن يبدو أن لبنان مقبل على لقب جديد يقتحم من خلاله موسوعة الأرقام القياسية، وهو تعذر انتخاب رئيس للجمهورية بعد مرور عامين وثلاثة أشهر على شغور سدة الرئاسة وانعقاد 43 جلسة لانتخاب الرئيس. من المعروف في عالم الصحافة أن الخبر الذي يستحق الاهتمام والنشر في وسائل الإعلام هو المعلومة الجديدة والمهمة. فإذا كانت المعلومة جديدة وليست مهمة فهي ليست بخبر، وإذا كانت المعلومة قديمة ومهمة فهي ليست بخبر كذلك. بناء على ما سبق، فقد بات يمكن اعتبار أن فشل مجلس النواب اللبناني بانتخاب رئيس للجمهورية على التوالي ليس خبراً صحفياً يستحق المتابعة والنشر والاهتمام. فمن ناحية أولى الفشل معلوم مسبقاً للقاصي والداني ولم يعد جديداً، في ظل تعنّت القوى السياسية وتمسكها بمواقفها، واستغلال ثغرات دستورية لعرقلة انتخاب رئيس جديد. ومن ناحية ثانية، في الوقت الذي يفترض أن تنصب جهود جميع القوى السياسية للمسارعة في ملء كرسي رأس الدولة، إلا أن الحاصل هو العكس، فالنواب يتعاملون مع جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بلامبالاة، مما أفقد هذا الاستحقاق أهميته وبريقه، وجعل جلسة الانتخاب أقرب للفلكلور ومناسبة لبعض النواب المغمورين للظهور أمام شاشات التلفزة وعلى صفحات الصحف. فالقوى السياسية المتناحرة تستخف بعقول اللبنانيين ويتقاذفون مسؤولية الفشل بانتخاب رئيس للجمهورية. الفريق الذي يقوده حزب الله ومن ورائه القوى والأحزاب الحليفة للنظام السوري وإيران يزعمون الحرص على انتخاب رئيس جديد، تسأل: لماذا إذاً يتغيب نوابكم عن حضور جلسات الانتخاب ويُفقدونها النصاب القانوني.. يجيبون: لأن الجلسة إذا تأمن نصاب حضورها فإن نتيجة الانتخاب لن تكون في صالحنا، فنحن لا نملك الأصوات الناخبة المطلوبة لفوز مرشحنا. تسأل: ألا يعني ذلك أنكم تعرقلون انتخاب الرئيس؟ فيجيبون بجمل فارغة فضفافة عن الديمقراطية لاتفهم منها شيئاً. على الضفة الأخرى التي يتزعمها تيار المستقبل برئاسة سعد الحريري ربما يكون الوضع أفضل حالاً لكنه ليس مقنعاً كذلك. تسأل: أنت تعتبرون انتخاب رئيس للجمهورية أولوية مطلقة يجب أن تتم اليوم قبل الغد، أليس صحيحاً؟ يجيبون: بالطبع ونحن من أجل ذلك نحرص على المشاركة في جميع جلسات الانتخاب بخلاف الطرف الآخر الذي يتغيب عنها لإفقادها النصاب الدستوري المطلوب. تسأل: طالما أنكم متحمسون لهذه الدرجة لانتخاب رئيس للجمهورية، ومن أجل ذلك تنازلتم عن مرشحكم سمير جعجع وأيّدتم مرشحاً ينتمي للطرف الآخر هو سليمان فرنجية حليف حزب الله وصديق بشار الأسد، فلماذا لا تستكملون حرصكم هذا وتؤيدون انتخاب ميشال عون الذي يطالب به الطرف الآخر وبذلك تصلون إلى مخرج يرضي الطرفين؟ يجيبون في الحقيقة... في الواقع.... عبارات غير مفهومة. يا سادة يا كرام، العالم كله يدرك أن انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان لم يكن يوماً ملفاً داخلياً، إنما هو شأن تشارك في حسمه أطراف خارجية إقليمية ودولية، وكل الشروط والمبررات التي تقدمها القوى المتناحرة لعدم انتخاب رئيس هي مجرد ذر للرماد في العيون. فالقاصي قبل الداني يدرك أن كلمة السر حين تصل، لا راد لها مهما كانت تخالف الشروط وتعاكس المواقف السابقة. وهو أمر سبق للبنانيين أن شهدوا عليه في محطات أخرى كثيرة. فكم من مرة تعذر تشكيل حكومة جديدة، وكم من مرة تعذر الاتفاق على بيان وزاري، وكم من مرة عاندت القوى المتخاصمة وأصرت على الاحتفاظ بحقائب وزارية بعينها، ثم بعد ذلك، وبقدرة قادر، ودون مقدمات، يتنازل كل طرف للآخر، وتبرز في الواجهة عبارات رنانة طنانة بأن التنازل والتراجع عن المواقف السابقة كان بدافع الحرص على الوطن والمواطن، وأن وأن وأن. في كل بقاع الأرض تعد جلسات انتخاب رئيس للجمهورية حدثاً يستحق حبس الأنفاس لأنه يشكل محطة مفصلية في مسار الوطن، إلا في لبنان، فإنه لا يستحق أكثر من احتلال زاوية صغيرة في صحيفة يومية.