07 نوفمبر 2025

تسجيل

مرحلة التشابك المؤسسي

14 أغسطس 2016

قد تبدو بعض الإجراءات التي تدخل في بعض الأمور العامة بديهية وإضافات نوعية، ولكن لماذا التأخير وقد كانت المطالبات بوضعها كثيرة ومتكررة؟ ما حال دون تطور بعض القطاعات الاقتصادية بشكل أسرع، ولكن بالنظر لما تحتاجه تلك الإضافات النوعية والتي تمكن الشركات والقطاعات الاقتصادية من النمو والتطور، كان لا بد من خلق بيئة مؤسسية أولا. فمثلا تضمن القرار الأخير في قانون المناقصات بندا يسمح لبنك التنمية بضمان الشركات الصغيرة والمتوسطة الوطنية لتأهيلها لدخول المناقصات، وكانت الشركات الوطنية الصغيرة غير قادرة على ذلك بسبب الشروط، ومنها تقديم قائمة توضح سابقة المشاريع المنفذة وخاصة على مستوى المشاريع المعتمدة من قبل لجنة المناقصات، ولكن هذه الشركات حصلت على سابقة إنجازات هي في الأساس تحتاج الحصول على مشاريع أهم مصدر وهو لجنة المناقصات، ولكن لا يمكن الطلب من لجنة المناقصات السماح بدخول شركات لا تملك القدرة على تقديم الضمانات، فمن جهة اللجنة مطالبة بأن تقوم بعملها على أكمل وجه وهذا يعني أن تقبل الشركات القادرة على تقديم الضمانات، لذلك ولعدم وجود مؤسسة ترعى قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة واللصيقة للقطاع، لم يكن من الممكن حل هذا الإشكال مهما حسنت النيات وصدقت الجهود، ولكن بإقامة المؤسسات خلال المرحلة الماضية بدأنا نرى حلول أعجزتنا لفترات طويلة، فبوجود المؤسسات تخلق بيئة تمكن من تقديم حلول تبدو سهلة وطبيعية في مثل هذه الظروف، ولكن نحتاج حلولا مؤسسية وقيادات تملك الإرادة والمبادرة، ومع الوقت تكتسب تلك المؤسسات الخبرة وتبدأ في التجذر داخل الاقتصاد والمجتمع، لذلك ما نرى ونحصد من ثمار هو نتيجة الجهود المؤسسية واختيار القيادات القادرة على العطاء بطبيعتها. مستوى التشابك المؤسسي الذي نلحظه يتشكل أمامنا اليوم هو حصيلة الجهود والمبادرات التي تم تأسيسها، وهذه المرحلة هي من أهم المراحل ودورة من دورات التطور وبالوعي على ما يجري بالتفاعل بين المؤسسات في هذه الفترة يمكن أن نعزز هذا المنحى في التواصل، ونضع جهودنا من أجل إغناء الاقتصاد والمجتمع بتمتين عرى التواصل بين مؤسساتنا خاصة في المرحلة القادمة، فمن أجل بلوغ غايتنا للوصول للاقتصاد الرقمي ومن ثم الاقتصاد المعرفي، سيكون دور التشابك المؤسسي هو الأول، فمراكز الأبحاث التي تم إنشاؤها لتحقيق حلم الأمة ورؤية 2030 يعتمد على تحويل مخرجات تلك المراكز إلى منتجات للاقتصاد والسوق، فلا فائدة إن لم نمكن مختلف مؤسساتنا من قيام كل مؤسسة بدورها كامل وغير منقوص بل نتطلع لقياديينا لأخذ خطوات ومبادرات وخلق نظم تربط مؤسساتنا لتحقيق التكامل المنشود بين قطاع الأعمال والقطاعات الاقتصادية، فالاقتصاد يحتاج لمخيلة جمعية تنقله من العمل التقليدي إلى مصاف العمل الرائد، وهذا يعني أن نكون على نفس المسافة من القطاعات المماثلة في الاقتصاد العالمي، وهذا لم يعد حلما مع أني ولفترة قصيرة كنت من المتشككين لأنني عشت شخصيا تجارب ومشاريع خاصة في الولايات المتحدة واستثمرت في أعداد كبيرة من الشركات الناشئة في معظم دول العالم، ولكن اكتشفت أن ما نبحث عنه في دول العالم والمناطق المعروفة، مثل سليكون فالي وغيرها، أصبحت متوفرة داخل الدولة ولكن هناك فجوة بين تلك المؤسسات البحثية وقطاع الأعمال، وهذا ما أعنيه بالتشابك المؤسسي إن كان بين المؤسسات وبعضها، خاصة الحاضنات ومؤسسات التمويل والمؤسسات الداعمة لها، والتي كونت اليوم بيئة حاضنة للأعمال والتطوير وتحويل تلك المخرجات إلى منتجات تعود على الإنسان والاقتصاد بالفائدة، نحن اليوم مطالبون (قطاع خاص - قطاع أعمال - قطاع عام - أصحاب المبادرات) بالتمعن فيما يعني كل هذا لبلدنا واقتصادنا وما يعنيه لمستقبل المنطقة، ونقوم بالمبادرة من أجل خلق اقتصاد قادر على البقاء واستمرار مستوى المعيشة والكرامة لنا كمجتمع، مع العلم أن ما وصلت له هذه المشاريع هو باستثمارات من قبل الدولة، وهي المراحل الأصعب والأخطر والأكثر كلفة، وفي معظم بلدان العالم من يتحمل ذلك هم رجال الأعمال وقطاع الأعمال والشركات والمحافظ والصناديق المتخصصة، ولكن هنا كل ذلك تم ووصلت تلك الأبحاث والمبادرات إلى مرحلة القطف ولا نجد مؤسسات أو قطاع أعمال يحتضنها ويستثمر فيها ليخرجها للعيان وللسوق.