14 سبتمبر 2025

تسجيل

منح ربانية .. على طريق الوصول لاتفاق التهدئة

14 أغسطس 2014

العدو وحلفاؤه الجدد يحاولون التملص من مواجهة استحقاقات خيبتهم في غزة، وأقصى ما يستطيعون المناورة به هو إضاعة الوقت، إلا أن ذلك يصطدم بعزيمة حماس على المواجهة وبإصرارها على شروطها ومتطلباتها، ويصطدم بصمود الشعب الحاضن لها.. بالتالي فالممكن الوحيد بالنسبة لهم بعد أربعين يوما من القتال والمناورة واللف والدوران، وبعد أن لم يعد للاجتياح البري أفق حقيقي، هو أن يدفعوا الثمن جملة أو يدخلوا في حرب استنزاف ليس الكيان مستعدا لها ولا هي معنونة في تكوينه الفكري أو النفسي أو السياسي.هذه هي الحقيقية التي يؤمن بها العدو بقدر ما تؤمن بها المقاومة، وهي المآل الأخير الذي لا بد من الوصول إليه.. ولكن يبدو أن الله تعالى يحقق للمقاومة وللشعب الفلسطيني ولشعوبنا الطيبة جملة من المنح على طريق الوصول هذا.. وأقول: على طريق الوصول تدفع القضية الفلسطينية وتطوراتها اليومية والساعتية إلى مقدمة الاهتمام المحلي والعربي والعالمي.. ولذلك من الأثر والتداعيات الممتدة ما له على إعادة الوجاهة لمشروع التحرير، وعلى رفض التطبيع، وعلى محاصرة الحلف "الصهيوعربي" الذي يتحدث عنه نتنياهو ووزرائه، وعلى محاصرة الدبلوماسية والاقتصاد الصهيوني عالميا، وعلى فضح وقصقصة الكثير من ممارسات الاحتلال. وعلى طريق الوصول، ومع كل يوم تستمر فيه حالة الحرب ويستمر فيه الصمود الفلسطيني، وتتواصل فيه إبداعات المقاومة، تتعزز وتتثبت في الوجدان الشعبي العام الثقة بالمقاومة على حساب عملية التسوية ووجاهة السلطة الفلسطينية التي بنى العدو عليها إستراتيجيته منذ عشرين سنة، وتتكرّس قيم الكرامة والثورة والتحرر لدى الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة على حساب منطق سلام لقمة العيش وتسول الحقوق والرضا بالفتات. وعلى طريق الوصول، ومع كل يوم تستمر فيه حالة الحرب، تنهدم فكرة المشروع الصهيوني وفكرة الدولة الناتجة عنه؛ لأن المشروع الصهيوني يقوم على تحقيق ثلاثة إنجازات، كما يقول "بن جوريون" في مذكراته.. هي (مد الكيان بالهجرات الصهيونية، ثم الاستيطان، ثم سلام مع المحيط العربي).. الأكيد أن استمرار القتل والقتال يقتل رغبة اليهودي في ترك وطنه بأوروبا أو روسيا أو أمريكا أو مصر، من أجل الهجرة إلى الكيان أو البقاء فيه، كما يهدم إمكانية الاندماج في المحيط العربي.. ولعل أوضح دليل على ذلك هو خلو مدن العدو، فيما يسمى غلاف غزة، من ساكنيها، ومسارعة النظم المتعاونة مع الاحتلال لإعطاء الانطباع بأنها في حالة عداوة معه. وعلى طريق الوصول، ومع كل يوم تستمر فيه حالة الحرب، تنتقص صورة الضحية التي استدام العدو يصدرها عن نفسه، ويستجلب بها الدعوم الرسمية وغير الرسمية.. لقد وصل الأمر أخيراً أن يقاطع الاتحاد الأوروبي الفواكه المستوردة من (إسرائيل).. وذكر الإعلام العبري أن الشعب الإيطالي بدأ يقاطع المحلات التجارية التي يمتلكها اليهود، وأن بعض مطاعم بلجيكا وضعت يافطات كتب عليها "مسموح للكلاب وممنوع على اليهود".. لقد وصلت كراهية الشعوب الأوروبية للكيان أن يوصي رعاياه في الدول الأوروبية بعدم التحدث باللغة العبرية وبإخفاء ملامحهم التي تشير إلى ديانتهم حين الذهاب إلى الكنس اليهودية. وعلى طريق الوصول، ومع كل يوم تستمر فيه حالة الحرب، تعود الضفة لغزة وتعودان للـ48 وللشتات، فيجتمع شمل القضية على القوة والجرأة واستعادة ذكريات أواسط التسعينيات.. على النقيض من مراد العدو الذي تقوم إستراتيجيته على الاستفراد بكل مكون على حدة، لتنفيذ مشاريعه التهويدية والتفريقية. وعلى طريق الوصول أيضا، ومع كل يوم تستمر فيه حالة الحرب، تنفضح الثورات المضادة للربيع العربي التي ظنها بعض المخلصين ثورات تصحيحية ولم يلحظوا عمالتها للعدو.. ففي كل يوم يطول فيه أمد هذه الحرب تتوفر فرصة إضافية لكشف هؤلاء الخونة المتآمرين، وتنصلح الفهوم ويقع الفرز على ما يجب أن يكون عليه. آخر القول: العدو خسر حربه على غزة وهذه خلاصة ناجزة ونهائية، ولسوف يدفع ثمن غباوته وغباوة بعض نظمنا التي حرضته حتى لو كانت عشرة أضعاف ما هي عليه.. فإن تأخر وماطل فسيدفعه بعد أن يكون قد خسر الكثير والكثير.. وأساس كل ذلك أن الله يمكر للمؤمنين الذين لا تطويهم التخويفات، ولا تلفلفهم المجاملات، وليسوا مدينين له بشيء.