15 سبتمبر 2025

تسجيل

الاختيار والقرار للتموضع الإستراتيجي

14 يوليو 2022

في واقع اليوم وقبل اجتماع مرتقب ولكي لا يكون تحصيل حاصل لقوى لا ترى غيرها إلا بملابسها لابد من الاختيار والقرار الإستراتيجي في سبيل تموضع إستراتيجي تستحقه دول المنطقة من حيث موقعها وثرواتها وتأثيرها على دقائق الحياة للقوى المهيمنة على العالم اليوم والتي تتعرض إلى نتف الريش وكسر المنقار بعد أن ترهلت الحداثة وعجزت عن إعطاء ما يطمح به الإنسان في الحداثة الغربية بأنواعها الأوروبية والأمريكية أو الصينية والسوفيتية وحتى التقليد متعدد التشوهات حول العالم. إن ثقافة الانبهار بالآخر كما ثقافة الموثوقية ببعض الموروثات التاريخية مخالف لأساس هويتنا، تلك الهوية التي تدعونا للتحديث والتجديد لقيادة المجتمع عبر العصور. الأمة اليوم بحاجة للتراص لأنها داخلة حتما غبار وقرقعة نتف الريش وكسر المنقار للنسر الحداثي لكن حين يتجدد ريشه ومنقاره لا ينبغي أن نكون من أرضعه ليأكلنا بل من روضناه لتعايش إيجابي لنا فيه موضع يليق بمكاننا. نكمل بعضنا إن النخب اليوم مهما تعددت آراؤها واتجاهاتها واضطربت عندها البوصلة، لابد أن تستعيد الوعي لتكون في بناء شخصية أصيلة أصلية فلا يأخذ موضعا من يتبع الآخرين أو يقلدهم ولا يأخذ زمام القيادة منبهر بغير أهله. إن التكامل هو أهم ما هو مطلوب فلن ندخل دوامة الصراع مجبرين أو مخيرين ونحن أقطاب وكتل بل لابد أن نتحد لنصمد كالجبل وهذه هي قاعة الامتحان الأكبر لقيادات المنطقة عموما. كيف نكون متوحدين؟ لكي نتوحد علينا أن نعرف أين الاختلاف وما هي معوقات تقاربه، ودراسة جدوى كل نقطة وبكل صراحة فالأمر مصيري ولا يغر الدول العربية بالذات وضعها الحالي فأغلب الدول هي دول وظيفية قد لا تبقى لها وظيفة في الوضع الجديد، فالدولة الوظيفية تكوينا ليست كالدولة الوظيفية ضمن مرحلة ما فهي تربح موقفا دون خسائر وتكون كعامل التفاوض ومتنفس الضغط أيام الحروب كما تفعل تركيا في حرب القرم، أما الوظيفية تكوينا فكل وجودها الوظيفة التي أنشئت من أجلها إن غابت، غابت أهميتها. إذًا فينبغي بناء على أسس لمنظومة قائمة، ولعل دول مجلس التعاون هي المنظومة الوحيدة التي لها هيكلية فاعلة نسبيا ولابد من إصلاحها وتعزيزها بإضافة دول أخرى كدول مراقبة تتشارك معها في البرنامج لتكون جدارا قويا يستطيع التحكم بالنتيجة وتموضع الأمة خلالها من جديد. الاختيار والقرار من يرغب بهذه الأفكار أن يختار أين سيتوجه، وأي وضع سيأخذ، هل هو وضع دول سعت للانضمام للناتو في خضم الملحمة في حرب القرم، أم كدولة من الناتو "تركيا" لكن أخذت موضع الوسيط والذي من الغباء الإخلال بدوره من الدول المتصارعة لأنه باب التفاوض لإعادة الاستقرار، فما يجري من حراك لروسيا أحيانا يوحي باضطراب الفكرة والقرار عندما تضر بمصالح من يقف على الحياد عمليا وهو جزء من حلف يتأهب للقتال. اليوم المنطقة تبدو تركن إلى منظومة يقودها حكام شباب واعد عركته الأحداث وتحدى الظرف فكانت إصلاحات كبيرة وأدوار سياسية تفوق حجم الدول لكن منظومة التعاون بحاجة إلى ترميم لابد أن يجري سريعا لكي تستطيع النخب أن تقوم بدورها في دعمها إن كان لهذا حاجة أو تفكير من أصحاب القرار. هل أقف إلى جانب روسيا في الصراع ودعم حراكها في قلب الطاولة على محاصريها؟ ولا ندري ما بعد حرب القرم هل ستتصالح القوتان أو تأخذ روسيا موضع الجمود برد الفعل (الحياد الصفري) تجاه الحراك المحتمل ضد التنين الصيني. هل أقف إلى جانب الولايات المتحدة الحليف الوهمي الذي يتعامل من خلال إستراتيجية نحن في التكتيك فيها؟ وهي تريد المنطقة تابعا عند الحاجة وليس حليفا إستراتيجيا بشكل منفصل. الموقف الإستراتيجي الذي أراه: 1. أن تتجمع دول الخليج بنفس مؤسسيها وتضيف لها أجنحة داعمة لتوسيع العمق السوقي وقاعدة الارتكاز فقوتها وحجم مكانتها بعد رجة القرم وما يليها بهذا الاتحاد وصلادته ومنع اختراقه من أي كان. 2. أن تضع لها رؤية تخرج بعضها من حصر الدور بالوظيفي السياسي أو الاقتصادي وتتجه بما ذكرناه في النقطة السابقة، وأن لا تأخذ دورا غير مدروس باتجاه المواقف والحروب. 3- أن تفكر بالاستقلال الاقتصادي من خلال إنشاء عملة موحدة تعتبر عملة التبادل التجاري والنفط والغاز وكل ما تستورد وتبيع، وقد ناقشت هذا في عدة مقالات ابتداء من مقال (عملة نفط الموحدة) وكما تلاه حول الموضوع من مقالات. 4. أن تسعى لدور الوسيط بأي اضطرابات محتملة في المنطقة أو عالميا وأن توازن المصالح مع تغليب مصلحتها وإستراتيجيتها فيما ذكرنا لأخذ مكانها الذي تستحقه فعلا في النظام العالمي القادم. 5. عند الضرورة تعقد التحالفات والمواقف الفاعلة وفق شروطها في النهايات، كما دخلت دوما الولايات المتحدة في النهايات وخارج أراضيها. إن التموضع الجيوسياسي لا يأتي هدية ولا يأتي بغير اتحاد والتعاون ومنظمة التعاون موجودة كل ما تحتاجه إلى تفعيل وإضافة الخبرات.