20 سبتمبر 2025

تسجيل

ترامب في لندن.. ماي تنتظر طوق النجاة

14 يوليو 2018

كان الأسبوع الماضي عاصفا في بريطانيا؛ فمن هزيمة قاسية لمنتخب بريطانيا أمام منتخب كرواتيا في كأس العالم لكرة القدم إلى استقالة أهم وزيرين في حكومة تريزا ماي وانتهاءً بزيارة مثيرة للجدل للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.  كم حاول الجمهور البريطاني الشغوف بكرة القدم حد الإدمان أن يجد في تقدم فريقه سلوى وهروبا من الانقسام السياسي الكبير بشأن خيارات الخروج من الاتحاد الأوروبي ومستقبل العلاقة بين الطرفين، إلا أن  كرواتيا أطاحت بكل ذلك وحرمت بريطانيا من الصعود إلى النهائي. وكان وزير شؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي ديفيد ديفيس قد استقال من منصبه وتبعه وزير الخارجية بوريس جونسون احتجاجا على إستراتيجية ماي لخروج آمن من الاتحاد الأوروبي. واستقال الوزيران احتجاجا على ما اعتبراه نصف خروج، وكلاهما مؤيد لانفصال تام وواضح وحذرا من تحول بريطانيا وفقا لخطة ماي إلى "مستعمرة" للاتحاد الأوروبي. وتكاد ماي تفقد أعصابها واتزانها في ظل توقعات باستقالات جديدة، فأطلقت استغاثة مكبوتة وهي تحذر أعضاء حزبها، حزب المحافظين من خطر صعود زعيم حزب العمال المعارض والمتربص بها جيرمي كوربن إلى السلطة إن لم يدعموا خياراتها المطروحة. يذكر أن زعيم حزب العمال البريطاني كان قد أثار الشهر الماضي عاصفة من التهكم في مجلس العموم أربكت ماي وانعقد لسانها ولم يساعدها في الرد عليه عندما طرح عليها سؤالا استفزازيا حول ما إذا كانت قد استجدت ترامب ليتولى عنها ملف الخروج من الاتحاد الأوروبي. عبثا حاول ترامب الذي هبط الخميس في لندن أن يتجاهل مشاعر الغضب العام تجاهه وتجاه سياساته وهو يزعم بأن البريطانيين "يحبونه" وهو لا يعبأ  كثيرا بالاحتجاجات ضده. في حين أطلق ناشطون دمية عملاقة تمثل ترامب في هيئة طفل يضع حفاضات ويبكي في سماء لندن، احتجاجا على زيارته، لكن الشرطة الاسكتلندية وهي جزء من الدولة العميقة قالت إنه لن يسمح للبالون بالتحليق فوق منتجع ترامب للغولف الذي يملكه في ترنبري حيث سيقضي فيه عطلة السبت والأحد. بيد أن رئيسة وزراء اسكتلندا لن تكن في استقباله وسينوب عنها الوزير في الحكومة البريطانية لشؤون اسكتلندا وهي من اشد منتقدي ترامب. وقبل نحو أكثر من عام واجهت ماي انتقادات كبيرة لدعوتها ترامب لزيارة بلادها رسمياً. ووقع 163 نائباً بريطانياً على طلب منع إلقاء ترامب خطاباً في مجلس العموم في حال زيارته لبريطانيا. في حين وقع أكثر من مليون و800 ألف شخص على عريضة تطالب بسحب دعوة ماي لترامب لزيارة بريطانيا.  ويحاول كل من ترامب وماي أن يلعبا على ما يعرف بـ"علاقة خاصة" تربط الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وهو تحالف وثيق ظل قائما على مر التاريخ المعاصر. فكلاهما يهرب إلى الآخر من مشاكل سياسية يعاني منها سواء في الداخل أو على نطاق علاقاتهما الخارجية. الاثنان تجمعهما السياسات الانعزالية وربما الاستعلائية حتى تجاه منظمة كبرى مثل الاتحاد الأوروبي. وقد زعم ترامب أن الشعب البريطاني الذي صوت للانفصال من الاتحاد الأوروبي يشاطره سياساته ضد الهجرة وقال إن الخروج من الاتحاد الأوروبي كان بسبب اعتراض البريطانيين على قضية الهجرة. وتأمل الحكومة البريطانية في التوصل بسرعة لاتفاق تجاري مع الولايات المتحدة بُعيد مغادرتها الاتحاد الأوروبي. وقالت ماي "عندما نخرج من الاتحاد الأوروبي سنبدأ في وضع مسار جديد لبريطانيا في العالم وتحالفاتنا العالمية ستكون أقوى من قبل". وترى ماي أنه لا يوجد تحالف أقوى من علاقات بريطانيا الخاصة مع الولايات المتحدة ولن يكون هناك تحالف أكثر أهمية في السنوات المقبلة. وكان سفير ترامب لدى لندن قد استبق وصوله بقوله بأن التوصل لاتفاق مع ماي سيكون من أهم أولويات ترامب، واصفا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بأنه فرصة تأتي مرة واحدة لتغيير المسار.