11 سبتمبر 2025

تسجيل

إعلام الأزمة المفتعلة...التضليل والتشويه والتلاعب

14 يوليو 2017

ماذا ننتظر من إعلام أسهم في التضليل وكان الناطق الرسمي لافتعال أزمة من دون حق؛ كما أبدع في استخدام مبررات وأكاذيب لا يصدقها حتى ألد الأعداء. إعلام أسهم في جريمة الافتراء على الآخر وتزوير الواقع وتشويه الحقائق بل وفبركة الأدلة والحجج. إعلام كان من المفروض أن يستقصي الواقع وأن يهدئ النفوس وأن يهدي إلى البصيرة والتعقل. إعلام تفنن في الحقد والضغينة والشتم والافتراء. لم يتساءل: أيعقل أن تُحاصر دولة من قبل جيرانها في عز الشهر الفضيل؟ إعلام لم يتساءل عن الطرق السليمة لحل المشكلة كالجلوس إلى طاولة المفاوضات وطرح القضايا بكل شفافية أمام الأعضاء الستة لمجلس التعاون الخليجي. إعلام لم يتساءل لماذا سلطنة عمان ودولة الكويت لم ينضما إلى دول الحصار؟ إعلام لم يتساءل عن انضمام مصر لدول الحصار وهي ليست دولة خليجية ولا عضو في مجلس التعاون الخليجي؛ إعلام لم يتساءل عن منطق المطالبة بإغلاق قناة الجزيرة وهناك عدة قنوات فضائية تملكها دول الحصار؛ إعلام لم يتساءل عن إعلان المقاطعة من دون سابق إنذار وبدون تقديم المطالب الرسمية للمقاطعة؛ إعلام لم يتساءل عن عدم قانونية ودستورية المطالب وكذلك عن التناقضات الكبيرة التي تضمنتها؛ إعلام لم يتساءل عن مطالبة قطر بإغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر وهناك عدة قواعد عسكرية في دول الحصار؛ إعلام لم يتساءل عن مطالبة قطر بعدم التعامل مع إيران ودول الحصار فيها من الإيرانيين مئات الآلاف وفيها من التبادلات التجارية ما يقدر بالمليارات. ما هو الدور الذي لعبته وسائل إعلام دول الحصار؟ تلك الوسائل التي فبركت الأزمة وباركتها وقدمت التصريحات المفبركة لأمير قطر رغم التكذيب الرسمي لدولة قطر لهذه التصريحات ورغم الإعلان الرسمي من قبل قطر عن اختراق وكالتها للأنباء -وكالة الأنباء القطرية (قنا). فالتصريحات المفبركة لم تكن إلا مبررا لافتعال الأزمة وإعلان الحصار على دولة قطر. فالانطلاقة إذن، كانت غير أخلاقية وجريمة إلكترونية تم اكتشافها فيما بعد من قبل خبراء أمريكيين وروس وقطريين وجاءت النتائج مؤكدة تورط دول الحصار في اختراق وكالة الأنباء القطرية. وللعلم دولة قطر تمتلك الأدلة والبيانات عن هوية منفذ الجريمة لكن من باب تلطيف الأجواء وتهدئتها لم تفرج عن اسم المجرم وفضلت السكوت والتهدئة بدلا من التصعيد. ما قام به الإعلام في دول الحصار هو مباركة الجريمة الإلكترونية ومواصلة التضليل و"الفبركة" والتعتيم والتشويه في حق دولة قطر وتقديمها كدولة إرهابية تمول الإرهاب عبر العالم وتحتضن المنظمات الإرهابية العالمية وعلى رأسها حركة حماس. فعلى سبيل المثال لا الحصر هذا ما تفضل به أحد كتاب الرأي في وسيلة من وسائل إعلام دول الحصار: "من المغرب العربي إلى قرى الهند مرورًا بمصر وبلاد الشام والإمارات والبحرين والسعودية وذهابًا إلى لندن، وربما دول ومدن أخرى ستكشفها الأيام المقبلة، هذا ليس استعراضًا ساذجًا للجغرافيا. ولكنه استعراض للمحطات التي رمت فيها قطر بحمولات دعم مختلفة ومتفاوتة وصولًا إلى هدف واحد وغاية واحدة: دعم الحركات الإرهابية لتحقيق أكبر قدر من الفوضى، فكانت اليد التي ارتدت قفاز الشيطان تحقيقًا لأهداف آثمة، الخراب والفوضى والدماء، زلزلة الجغرافيا، إضعاف الأنظمة، بعثرة الوحدة الوطنية للمجتمعات والدول، وإصابة الجيوش في مقتل!". أيعقل هذا الكلام من مفكر ومثقف وصانع رأي عام؟ ما فائدة ومصلحة قطر من كل هذه الأعمال؟ ولماذا؟ وما هي الأدلة والبراهين؟؟ وهذا هو الإعلام الذي يهدم ويساهم في الفتن والأزمات والحروب التي يستفيد منها الآخر...عدو الحقيقة وعدو الأمة والإسلام. الاتهامات والصور التي فبركها إعلام الحصار والتضليل على سبيل المثال شملت المقالات والأخبار المتعلقة باحتضان قطر كأس العالم 2022. حيث أشارت مقالات عديدة إلى أن أحلام المونديال تبخرت والتقارير أكدت أن قطر متورطة في عمليات رشوة وبذلك فإن أستراليا هي البلد الذي سيحتضن هذه التظاهرة الكروية العالمية. وهذا ما كتبه أحدهم حول الموضوع: "تلقت قطر صفعة جديدة بعد المقاطعة العربية، بعد إعلان مجموعة من الشركات المسؤولة عن تشييد الملاعب والفنادق لمونديال 2022 المقرر إقامته في الدوحة الرحيل، وعدم استكمالهم المشروعات الموكلة إليهم. وفجرت صحيفة (التلجراف) البريطانية القضية، بعدما أكدت في تقرير مطول أن الشركات التي تقوم بعمليات البناء ومعظمها أمريكية وبريطانية تستعد للخروج من قطر رغم عدم استكمال مشروعات كأس العالم، بسبب المقاطعة العربية للدولة الخليجية الداعمة للإرهاب". ومن خلال التغطية الإعلامية للأزمة خلال الخمسة أسابيع الماضية نلاحظ رائحة التشفي والضغينة والحقد والحسد وإثارة الفتنة والخلافات والنزاعات والأزمات والحروب. ممارسات إعلام الحصار بعيدة كل البعد عن المهنية والالتزام واحترام ذكاء القارئ. فمنهم من تكلم عن "المعدة" وعدم قدرة القطريين على التعود على استهلاك المواد الغذائية التركية، ومنهم من تكلم عن الأبقار التي استوردتها قطر ولم تقدر على تحمل الحرارة وبذلك عدم قدرتها على العيش في قطر والاستفادة منها في تزويد البلد بالحليب. حكايات وقصص عديدة وغريبة يندى لها الجبين ويتأسف كل عاقل عما وصل إليه الإعلام في دول الحصار. كيف لا ويأتي صحفي ويعلن أنه نتيجة للحصار لم يجد القطريون ما يأكلونه في رمضان وأنه لا وجود للمواد الغذائية في المراكز التجارية وغيرها من منافذ البيع. ومنهم من تجرأ وقال بكل وقاحة وانحطاط أخلاقي ومباشرة على الهواء إن قطر استعانت بشبيه لأمير قطر الشيخ تميم للقيام بجولة في أوساط الشعب. وقد يتساءل عاقل عن الضمير المهني وعن أخلاقيات مهنة نبيلة كمهنة الإعلام. كيف يهدأ بال هذا الصحفي عندما تنفرج الأمور وتهدأ وتنجلي الحقيقة وتسقط الأقنعة وتعلم الشعوب والرأي العام أن جريمة تضليل وتزييف وكذب وافتراء قد اقترفت في حقه.