19 سبتمبر 2025
تسجيلالتنافس على الدنيا هو الذي يؤدي إلى الحسد، وهو ما خافه النبي صلى الله عليه وسلم على أمته إذا فتحت فارس والروم فقال: "تتنافسون، ثم تتدابرون، ثم تتباغضون ...".ولقد فقه أسلافنا هذا المعنى فكان تنافسهم في أمر الآخرة، أما الدنيا عندهم فكانت لا تساوي شيئًا، يقول الحسن رحمه الله: والله لقد أدركت أقوامًا كانت الدنيا أهون عليهم من التراب الذي تمشون عليه، ما يبالون أشرقت الدنيا أم غربت، ذهبت إلى هذا، أو ذهبت إلى ذاك.وقال أيضًا: من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره.وأحسن من ذلك ما وجه إليه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: " انظروا إلى من هو أسفل منكم ، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم ؛ فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم ".أما إذا كان التنافس في الدنيا من أجل إحراز سبق أو كفاية يستغني بها المسلمون، كابتكار علمي، أو سبق اقتصادي ، بحيث لا يبقون عالة على أعدائهم مع نية التقرب بذلك إلى الله والطمع في جنته ورضوانه، فذلك حسن ومحمود، لأنه لا يخرج عن أن يكون من عمل الآخرة.إنه حينما تسقط القيم الزائفة ، و العصبيات الجاهلية المتخلفة ينفتح أفق التنافس الشريف على الخيرات التي يلخصها القرآن هنا بكلمة " التقوى " و يفصلها في آية مشابهة قائلا :" و أنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب و مهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة و منهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات الى الله مرجعكم جميعا فينبؤكم بما كنتم فيه تختلفون ".و نستلهم من هذه الآية أن التنافس على العمل الصالح و التسابق في الخيرات هو هدف اختلاف الشعوب ، بل إن هذا الاختلاف و التنوع مطلوب إذا كان وسيلة للتنافس البناء ، و التعارف و التعاون ، كما أن الاختلاف بين الناس في مجتمع واحد هدفه التسارع الى الخيرات.