19 سبتمبر 2025

تسجيل

ضيعنا قضايانا!!

14 يوليو 2011

يخطئ من يظن أو يعتقد أن الصراع العربي - الصهيوني ليس هو المحرك الأساسي والدافع الحقيقي للثورات العربية التي نعيش ربيعها هذه الأيام لأن هذا الصراع يمس الكرامة العربية وينقص من السيادة العربية ويحد من الحرية للشعوب لأن هذا الصراع والذي امتد حوالي ستين عاماً أثر على التنمية وسلب حرية المواطن العربي وجعل من الأنظمة العربية في أغلبها أنظمة دكتاتورية قمعية للشعب العربي فكل حرية مؤجلة وكل تقدم متأخر وكل صوت منخفض وكل تنمية مهدورة وكل حقوق ضائعة لأن الأنظمة الدكتاتورية العربية كانت تقول لنا الأولوية لصراعنا مع الكيان الصهيوني لهذا من حقها أن تبطش بنا كما تشاء وتمنع حريتنا متى تشاء وتقطع أرزاقنا متى تشاء وتمنع عنا الهواء والماء متى تشاء كل ذلك بحجة مواجهة العدو الصهيوني وبالتالي لم نحصل على الحرية ولقمة العيش الكريمة والتنمية والتطور ولم نحصل بالمقابل على تحرير الأرض العربية من العدو الغاصب ما عدا حرب أكتوبر المجيدة التي حررت سيناء بفضل من الله ثم بفضل التخطيط العسكري السليم والقوي الذي خطط له قائد الأمة العربية الراحل جمال عبدالناصر ولكن ورغم تحرير الأرض المصرية فإن القرار المصري السياسي احتل بمعاهدة كامب ديفيد المشؤومة. الثورات العربية تفجرت لأنها لم تعد تنتظر مدة أطول لعودة الحقوق إليها في الحرية المسلوبة ولقمة العيش الكريمة والأهم تلك الكرامة المرهونة بالتبعية للأجنبي وللقرار الأجنبي خاصة التبعية للإدارة الأمريكية والعدو الصهيوني لهذا انفجرت هذه الثورات ونجحت ثورة تونس ونجحت ثورة مصر بانتظار انتصارهما وهذا الانتصار المرتقب يرتبط بمطالب الثورات ومنها الحرية والكرامة وستبقى هذه الكرامة مفتوحة في حال بقاء تلك التبعية للعدو الصهيوني كما كان حال نظامي العابدين ومبارك. لكن ما يثير الدهشة والاستغراب ويدعو إلى التساؤل ما يحدث للثورة الليبية فرغم حماسنا وفرحنا بهذه الثورة أملاً منا أن تكون مثل ثورة تونس ومصر نجد أن هذه الثورة والتي طال حسمها تمد الجسور نحو العدو الصهيوني فقد نقلت وكالات الأنباء أن الفيلسوف المعروف أنه صهيوني أكثر من الصهاينة قد أوفده المجلس الوطني الانتقالي الليبي في بنغازي حاملاً رسالة من هذا المجلس إلى رئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو تؤكد على الرغبة في الاعتراف بإسرائيل، وقد كتبت مقالاً حول ذلك وقتها ولا أريد هنا الخوض بالتفاصيل لكن الدهشة والاستغراب لم تتوقف هنا بل ما تناقلته وكالات الأنباء بالأمس أن وفداً ليبياً أرسله العقيد معمر القذافي برئاسة محمد إسماعيل الضابط في جهاز المخابرات الليبي مع أربعة مسؤولين ليبيين إلى تل أبيب يقدم عرضاً للعدو الصهيوني بالاعتراف وإقامة علاقات دبلوماسية وفتح سفارة "لإسرائيل" في طرابلس!! ما هذا التنافس ما بين الثورة وبين العقيد الذي كان يدعي أنه القومي العربي والحارس للقومية العربية؟!!! الثورة التي نراهن عليها اليوم لم تنجح حتى الآن ولم تنتصر حتى الآن وفي حال نجاحها وانتصارها نحن على ثقة كاملة بأن الشعب الليبي لن يرضى بأي حال من الأحوال بالاعتراف بالعدو الصهيوني فهو شعب عربي أصيل ويرفض المساس بالحقوق العربية بل سيدافع عنها وسيكون في مقدمة المدافعين عن فلسطين وشعبها وهذا ما سنراه بإذن الله بعد انتصار الثورة ولكن أن يقرر العقيد القذافي الاعتراف بالكيان الصهيوني فهذا ليس مستبعداً عن سلوكه وممارساته الطائشة واللا معقولة والتي تؤكد أنه لا يملك بوصلة قومية أو وطنية وهذا أيضاً ما كتبته في مقال سابق عندما قلت إن القذافي ليس قومياً ولا وطنياً وبرزت هذه التصرفات من القذافي قبل الثورة ومنذ مدة طويلة عندما قال "العرب ما فيهم خير" وعندما توجه إلى إفريقيا وترك العرب والعروبة ومن يتبرأ من عروبته وقوميته فليس غريباً عليه أن يرتمي في أحضان الصهيوني ويعلن أنه سيعترف بها ويفتح لها سفارة في طرابلس مما يؤكد أيضا أن القذافي لا يفكر إلا بنفسه وبكرسي الحكم فقط. هذه الأخبار التي تناقلتها وكالات الأنباء سواء عن المجلس الانتقالي الليبي أو العقيد القذافي تدفعنا إلى الدهشة والاستغراب والسؤال لماذا هذا التسابق بين الدكتاتور وبعض الثوار إلى العدو الإسرائيلي وبهذه الحالة نقول: "بين حانا ومانا ضيعنا قضايانا"!!