17 سبتمبر 2025

تسجيل

الدبلوماسية القطرية والإعلام الدولي 

14 يونيو 2018

الإعلام الدولي جزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية للدول المستقلة المتمتعة بالسيادة الوطنية الكاملة، ووسيلة فاعلة من وسائل تحقيق بعض أهدافها السياسية الخارجية داخل المجتمع الدولي. إن توظيف الإعلام الدولي في خدمة المصلحة الوطنية العليا للدولة، ودراسة حجم الإمكانيات وتأثيرها في الأحداث العالمية المستجدة كل يوم. وخاصة عند نشوب أزمات سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو اضطرابات اجتماعية تطال تلك الدولة، أو الدول المجاورة لها، أو تطال مناطق المصالح الحيوية للدول الكبرى في أنحاء مختلفة من العالم. تمتلك دولة قطر مكانة قوية لبناء الصورة والتأثير العالمي من خلال تأسيسها للعلاقات الإيجابية بينها وبين معظم دول العالم، ولكونها كذلك قوة اقتصادية إلى جانب موقعها الاستراتيجي، إضافة إلى دورها المحوري في السياسات الإقليمية والدولية من خلال استضافة العديد من المؤتمرات الدولية والإقليمية على أرضها إضافة إلى المعارض الثقافية والاقتصادية والسياحية إلى جانب المؤتمرات الخاصة بالمنظمات العالمية والهيئات الإسلامية. والدبلوماسية القطرية، وظفت مختلف المعطيات الجديدة والعلمية والمعرفية في نسج وبناء العلاقات الهادفة، لأن الدبلوماسية في بعض الأحيان تستند إلى تصورات إستراتيجية، ولكنها في المقابل عمل إنساني يخضع لعمليات الحوار والسؤال وما يتضمنه الحوار من سجل وجدل واستجواب، ويمكن أن يكون لهذا الاحتكاك تأثير كبير في تغيير الصورة أو المفاهيم والقرارات لاسيما خلال فترة الأزمات. من خلال التجربة العلمية والإعلامية والدبلوماسية، ومن خلال معايشة ومتابعة الأزمة التي افتعلتها دول الحصار ضد دولة قطر والتي بدأت بالقرصنة الخبيثة على موقع وكالة الأنباء القطرية وتلفيق حديث مفترى نسب إلى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، ومن الوهلة الأولى انطلقت أضواء الدبلوماسية القطرية الكاشفة لتسلط شعاعها نحو أخبار الكذب والافتراء وتفضح إعلام الزيف بتحرك سريع يرتقي إلى مستوى المسؤولية التاريخية التي يتحملها رجال مؤمنون بقضيتهم، لتتحول وزارة الخارجية القطرية إلى خلية عمل متجانسة تضع برنامجاً شاملاً للتحرك واستثمار كل موظف في الوزارة  لأداء دوره المطلوب، رغم صعوبة المهمة إذا ما قيست بحجم الثقل الذي تمتلكه دول الحصار، ولا نبالغ إذا قلنا إن الوزارة تعمل أربعاً وعشرين ساعة من خلال مقرها في الدوحة أو من خلال بعثاتها الدبلوماسية المنتشرة حول العالم، وبشكل مستمر دون كلل وملل، لتنفيذ البرنامج المحدد وتوزيع الواجبات المطلوبة على الإدارات والأفراد في داخل الوزارة وكذلك البعثات الدبلوماسية القطرية المنتشرة في دول العالم. لقد استخدمت الوزارة الدبلوماسية الهادئة ذات الأفكار المدببة والتي تخترق كل جدران التعامل الدولي، لأنها تحمل الحق المبين والحجة الصادقة المستندة على الحقيقة ومن يؤمن بقضيته ، فإن طريق النجاح حليفه للوصول إلى الأهداف المرسومة والمطلوبة. سر نجاح الدبلوماسية القطرية إن سر نجاح الدبلوماسية القطرية، هو عملها بكل إيقاعات العمل الوطني القطري ونسقت جهودها مع كل وزارات الدولة إلى جانب المنظمات والهيئات غير الحكومية، ليكون الخطاب موحدا ويؤدي الأغراض التي تحقق توجيهات سمو الأمير على الوجه الأمثل. نعم نجحت الدبلوماسية القطرية وشكلت أحد أهم المسارات الناجحة في توضيح سلامة وقوة الموقف القطري والذي اتخذ من الحوار خياراً استراتيجياً لحل الأزمة والابتعاد عن الانفعال والتأزيم، واتباع المرونة المقرونة بالوعي والحزم منطلقين من موقف القوة لا الضعف، مع التأكيد على عدم المساس بسيادتها أو التدخل في شؤونها الداخلية. إن المتابع العربي قبل القطري يدرك بما لا يقبل الشك، أن الحق يعلو ولا يعلى عليه، ومهما عملت أجهزة الدعاية في تحريف الحقائق والتطبيل والتزمير، فإنه سيكتشف بشكل أكبر أن ما جاءت به دول الحصار، ما هي إلا مواقف شخصية لا ترتقي إلى سياسة دول تعمل ضمن منظومة القيم والأعراف الدولية، وحتى إن بعض قراراتهم تجاوزت حدود الله وسنة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتجاوزت أبسط حقوق الإنسان، ومع تنامي القناعات الدولية بموقف قطر السليم وفي ظل غياب أي دلائل أو براهين تثبت مزاعم دول الحصار تنصر إرادة قطر. إن الدبلوماسية القطرية الهادئة بقيادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قد تمكّنت، منذ الشهر الأول من الأزمة، من محاصرة دبلوماسية دول الحصار، وإبطال مفعولها تدريجيا، وذلك بفضل الاتزان والموضوعية واتباع السبل القانونية في التعامل مع الأزمة.  وفي المقابل لم تفلح الدبلوماسية الغوغائية لدول الحصار ولم تسعفها إمكانياتها المادية والتقنية وكل أبواقها الإعلامية التي تسيطر عليها من تغيير الحقيقة وإلصاق التهم الباطلة في شيطنة دولة قطر، أو وضعها في زاوية "الإرهاب"، فلم تترك الدبلوماسية القطرية المتوازنة مجالا لدبلوماسية دول الحصار الهجومية سوى الارتباك وعدم القدرة على دفع المواجهة إلى الأمام.