20 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تمكن الإسلام بعقيدته السمحاء، وقيمه المثلى،أن ينشيء مجتمعًا مكتملًا، قائمًا على التعددية الدينية والفكرية والعرقية،واحترام الحريات والاعتراف بالاختلافات الإنسانية منذ اللحظة الأولى، ولذلك وجدنا أن بدايات الدولة الإسلامية التي أقامها رسول الله عليه الصلاة والسلام في المدينة المنوّرة، كانت تتألف من العرب المسلمين إلى جانب عرب من أتباع الديانتين اليهودية والمسيحية،إلى جانب مجموعة أعراق، فكان هناك بعض الأصول الحبشية والإفريقية،وكذلك من الأصول الفارسية والأصول الرومّية، وكلهم كانوا يشعرون بالمساواة التامة في أصل الكرامة الآدمية وأمام القانون والعدالة دون أدنى تمييز.الإسلام دين متاح لكل الأفراد والمجتمعات، الذين يتفاوتون في الفقه والفهم والفكر، ويترتب على ذلك تفاوت في الاجتهاد بشكل حتمي، وكل الاجتهادات محل للنقاش والحوار والنقد، والأخذ والرد والاستدراك والأبطال، وليس هناك اجتهاد معصوم،أو اجتهاد فوق النقد والنقاش،وعلى ذلك تم وضع أسس الدولة الإسلامية الأولى.كل القوانين التي يتم صياغتها من أجل تنظيم أي شأن من شؤون الدولة والمجتمع، في أي مجال من مجالات الحياة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، ما هي إلا شكل من أشكال الاجتهاد،الذي يستند إلى المرجعية القيمية،والتراث الفقهي الواسع،ويستند إلى التجارب والاجتهادات السابقة في مراحل التاريخ، فهي ليست معصومة، وليست ثابتة خارج إطار التحديث والتطوير العقلي البشري.من هنا فإن إدارة الدولة الإسلامية في عاصمتها المدينة المنوّرة اشتقّت رؤيتها من خلال المبادئ والقواعد العامة التي أرساها الإسلام، والتي تتوافق مع العقل السليم، وتخاطب العقل الإنساني ابتداء، كما أنها أخذت بعد سنوات،خاصة بعد الفتوحات الإسلامية وحروب التحرير،تستفيد من كل تجارب البشر، وما تحصل لدى البشرية من خبرة متراكمة في العلوم والمعارف الدنيوية، في كل مراحل التاريخ،وفي كل بقاع الدنيا، ومن خلال البحث عن الحكمة أينما وجدت، ومتابعة تطورات الفكر الإنساني لدى كل الأمم، بما يحقق المصلحة والخير، وينفي الضرر،ويقلل الوقوع في الزلل والخطأ.القضايا المتعلقة بالدين والعقيدة، مثل العبادات، ومواضيع الأحوال الشخصية من زواج وطلاق وميراث وغير ذلك، فهذا مرده إلى المرجعية الدينية بلا تدخل من صاحب السلطة، سوى ما يتعلق بالأمور التنظيمية،التي تنفذها السلطة الحاكمة بالاتفاق مع أصحاب الشأن، من أجل إرساء الأمن والاستقرار المطلوبأما شؤون الدنيا الأخرى من زراعة وصناعة وتجارة واقتصاد وكل شؤون الحرف، وتأمين وسائل النقل والاتصال، وشؤون الجيش والعسكر والأمن،وتأمين الحدود الخارجية، والعلاقات الدولية، والتعليم والتدريب وتطوير عقول الناشئة، فكل ذلك خاضع للقاعدة المشتقة من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "أنتم أعلم بشؤون دنياكم"، ويكون مرد الأمر فيه إلى الخبرة البشرية والمقدرة العقلية والمستوى العلمي، وهذا ما يندرج تحت قاعدة (أهل الذكر)، التي وردت في القرآن الكريم في سياق: "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"..يتبع..