13 سبتمبر 2025
تسجيلدور هام ينتظر بنك قطر للتنمية في مستقبل الأيام، باعتبار أن شعار المرحلة الآن هو تفعيل دور القطاع الخاص في عملية التنمية من بوابة المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وقد تم لهذا الغرض قبل عدة شهور دمج شركة المشاريع الصغيرة والمتوسطة مع بنك التنمية لتوحيد الجهود التي تعمل على تحقيق هذا الهدف. فلماذا المشروعات الصغيرة والمتوسطة دون غيرها، وما أهمية ما يقدمه البنك لها، وما حجم ما قدمه بالفعل لهذا القطاع في السنوات القليلة الماضية؟ نعرف جميعاً أن أحد أهداف رؤية قطر الوطنية 2030، هو العمل على تنويع مصادر الدخل في قطر، وعندما نقول الدخل هنا لا نقصد إيرادات الحكومة وإنما الدخل القومي أو ما يُسمى في الاقتصاد الكلي بالناتج المحلي الإجمالي، أي دخل جميع وحدات الاقتصاد، الصغيرة منها والكبيرة. وهذا الهدف لا يتحقق إلا إذا نشط القطاع الخاص بإقامة مشروعات جديدة في كافة المجالات، خاصة-بالنسبة لقطر- التي لا تحتاج إلى استخدام كثيف للأيدي العاملة. ونجد أن هذا المدخل للتصنيع أو للنمو قد نجح في نقل دول نامية إلى مصاف الدول الناشئة بل وإلى المتقدمة. وبدلاً من تركز فئات الشباب في القطاع الحكومي الذي يوفر مصدراً أمنا ومضمونا للدخل، فإن الدخول إلى عالم المشروعات الاقتصادية المختلفة يفجر طاقات الإبداع لدى الشباب، ويفتح لهم باب التطور اللامحدود، مثلما تحقق ذلك لشباب آخرين في دول أخرى، بنوا إمبراطوريات مالية ضخمة بأفكار ومشروعات بدت يوماً ما بسيطة. ولأن الظروف التي نجح فيها آخرون من حيث البنية التحتية وتوفر عوامل النجاح الأخرى قد لا تكون متاحة بنفس القدر في دولة قطر، فقد كان لزاماً العمل على تغيير بيئة الأعمال المتاحة للقطاع الخاص ولفئة الشباب بالذات بعيداً عن الأنشطة التقليدية المعروفة من تجارة وخدمات وعقارات. وفي حين تركزت جهود الحكومة في العقدين الأخيرين على التوسع في فتح فروع للجامعات الأجنبية في قطر وتعزيز وتطوير جامعة قطر، والاهتمام بدعم أنشطة البحث العلمي والاختراعات، والعمل على تطوير بيئة مالية ونقدية مستقرة، فإن الحكومة قد بدأت منذ سنوات في الاهتمام بتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وكانت الخطوة الأولى عام 2006 بتحويل بنك التنمية الصناعية إلى بنك قطر للتنمية، ثم تلا ذلك دمج شركة المشاريع الصغيرة والمتوسطة مع البنك. ولأن دخول الشباب إلى عالم الأعمال يحتاج إلى خبرة ومساندة لضمان النجاح، فإن البنك يقوم بتقديم المساعدات المطلوبة، كما نشطت وزارة الاقتصاد والتجارة في عهد وزيرها الشاب نحو دعم توجهات الشباب إلى الأعمال من خلال برنامج تمكين الذي أعلن عنه الوزير في احتفال جرى مؤخراً بجامعة قطر. كما تقدم منظمة الخليج للاستشارات الصناعية الدعم اللازم من خلال ما توفره من دراسات جدوى للمشروعات، بالتعاون والتنسيق مع وزارة الطاقة والصناعة.وتشير البيانات المتاحة عن نشاط بنك قطر للتنمية في عام 2014 إلى أنه قدم نحو 1.1 مليار ريال بزيادة بنسبة 65% عن السنة السابقة في صورة قروض وتمويلات مباشرة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة. وقدم أيضاً ضمانات بنكية بقيمة 167.4 مليون ريال للقروض والتمويلات التي تقدمها البنوك الوطنية لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة في إطار ما يُعرف ببرنامج الضمين. الجدير بالذكر أن بنك قطر للتنمية قد توسع في عقد اتفاقات الضمين مع البنوك الوطنية الذي يقدم الدعم لأصحاب المشروعات في صورة ضمانات بدلاً من القروض المباشرة، حتى لا يكون نشاط بنك قطر للتنمية سبباً في سحب البساط من تحت البنوك الوطنية عندما يأخذ عملاؤها ويصرفهم بالتالي عن التعامل معها. ومنذ عام 2011 قدم بنك قطر للتنمية ضمانات قروض لأكثر من 212 بمشروع بقيمة إجمالية 573 مليون ريال.ويتم تقديم التمويل في صور مختلفة منها ما هو تقليدي، ومنها ما هو إسلامي، وبتكلفة مالية ميسرة. كما يقوم البنك بدعم صادرات المشاريع من خلال برنامج البنك المعروف باسم "تصدير"، الذي عزز من نمو صادرات المشروعات بنسبة 53%. إضافة إلى ذلك يأخذ البنك بيد أصحاب المشروعات فيقدم لهم دراسات الجدوى والمشورة والنصح من أجل ضمان نجاح مشروعاتهم وتطورها.في ظل كل هذه التسهيلات والمساعدات التي يقدمها البنك، وما توفره وزارة الاقتصاد والتجارة من دعم وتمكين للشباب الخريجين على وجه الخصوص، وما توفره الأجهزة الأخرى كوزارة الطاقة والصناعة ومنظمة الخليج للاستشارات الصناعية، فإنني أتوقع حدوث تطور مهم في قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة في السنوات القادمة وأن تحظى باهتمام أكبر من الحكومة عند وضع الخطة الإستراتيجية الثانية، وأن تزداد نسبة مساهمة ناتجها في الناتج المحلي الإجمالي، بما يحقق هدف التنويع الاقتصادي المنشود، والمنصوص عليه في رؤية قطر الوطنية.