11 سبتمبر 2025

تسجيل

هل لإسرائيل حق الدفاع عن النفس؟

14 مايو 2018

أثارت تغريدة على لسان وزير خارجية البحرين بخصوص "حق" إسرائيل في الدفاع عن نفسها زوبعة من الانتقادات الواسعة وسخطا لدى الشارع العربي، فالعقل الجمعي العربي يدرك جيداً أن تعبير حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ما هو إلا سحابة دخان تخفي خلفها سياسة ممنهجة للتوسع والاعتداء على العرب والفلسطينيين، والحق إن الرأي العام العربي يميز بين الغث والسمين، وهو بالغ التعقيد، فموقفه المعادي للاحتلال الإسرائيلي لا يعني الموافقة على السياسة الإيرانية في سوريا ولا حتى في العراق، فهناك فرق كبير بين إدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة ومباركة ما تقوم به المليشيات الإيرانية من زعزعة للاستقرار في المنطقة، كما أن إدانة الاعتداءات الإسرائيلية لا تعني التأييد لنظام بشار الذي يمارس شتى أنوع التقتيل بالشعب السوري بحجة مكافحة الإرهاب، فالمسألتان منفصلتان.  خطورة تغريدة وزير الخارجية البحريني تدور حول التسليم برواية إسرائيل، فهناك حرب ضروس تدور بين العرب وإسرائيل على السردية وحقيقة ما جرى منذ النكبة وحتى يومنا هذا، ولا يجوز بأي حال من الأحوال التسليم برواية طرف يحتل أرضا فلسطينية ويشرد الشعب الفلسطيني ويتنكر له ولحقه في العودة وحقه في تقرير مصيره على ترابه الوطني. نتفهم أن بعض الأنظمة العربية ترى بإيران تهديدا لمصالحها ونقف معها في ذلك، لكن لا يمكن الانسياق حول اندلاق هذه الأنظمة وهي تسترضي إسرائيل وتنبطح أمام رواية استعملها الجانب الإسرائيلي في محاولاته لإضفاء الشرعية في استهداف المقاومة الفلسطينية المشروعة.   بالمقابل، احتفت الصحافة العبرية بهذه التغريدة واعتبرتها استفاقة لدى دول عربية كانت تتنكر لهذا "الحق" الذي ما انفكت إسرائيل وهي تؤكد عليه في غير مناسبة. إسرائيل التي فشلت على مدار عقود من الزمان في تحقيق أي اختراق للعقل العربي تتلقى هدية لم تكن تنتظرها، فلا يثلج صدر الإسرائيليين أكثر من قبول بعض القادة العرب لمنطقها التضليلي، فهي دولة يمكن لها تحقيق الانتصارات العسكرية لكن لا يمكن لها هزيمة العقل العربي أو دفع العرب للتسليم بروايتها التاريخية التي تستعملها لإضفاء الشرعية على وجودها أولا ومن أجل تبرير تنكرها للحق الفلسطيني.  للأسف تأتي هذه الهدية "العربية" لإسرائيل في وقت تنحاز فيه إدارة ترامب أيضا للرواية الإسرائيلية وتقوم بنقل سفارتها للقدس مخالفة بذلك القانون الدولي، ولا يحرك بعض العرب ساكنا على اعتبار أن إسرائيل هي المخلص لهم من الخطر الإيراني، وهذا وهم ما بعده وهم، فالأصل أن تعتمد هذه الأنظمة على نفسها وتقيم تحالفات لا تكون إسرائيل من بينها، لأن الأخيرة هي المستفيد الأول من البعبع الإيراني ومن هلع هذه الأنظمة واستعدادها لتقديم الغالي والنفيس من أجل كبح جماح البعبع الإيراني.  وهذا يقودنا لحقيقة قاتمة تتمثل بالتمزق العربي، فدولنا للأسف لا تتفق على مصدر التهديد وبعض الأنظمة تستهدف أنظمة عربية شقيقة فقط لأن لها وجهة نظر مختلفة حيال بعض الملفات الإقليمية. لذلك ليس مستغرباً أن تستغل إسرائيل هذه الخلافات التي تتجذر لتكون كعب أخيل. وهو بالفعل ما تقوم به إسرائيل من خلال التواصل مع بعض الأنظمة العربية لتشكيل تحالف يكون موجها ضد إيران.  طبعا هذا لا يعفي إيران من مسؤولية ما آلت إليه الأمور، فلو كان النظام الإيراني صديقا للعرب وسندا لهم في قضاياهم العادلة ربما لما تمكنت إسرائيل من تسجيل هذا الاختراق ولما قامت بعض الشخصيات بالتسليم برواية يهودية اقصائية صممت لنزع الشرعية عن الحق الفلسطيني ولمنح إسرائيل اليد الطولى في الصراع وفي أخلاقياته.