13 سبتمبر 2025
تسجيلإذا كانت الكويت قد فقدت قبل سنوات المذيع والإعلامي جاسم محمد شهاب (1938 — 2011) وهو الذي اسس الاذاعة الشعبية في الكويت سنة 1964 م، فإننا فقدنا بالأمس محمد سلطان الكواري الذي ساهم في تأسيس الإذاعة الشعبية في قطر سنة 1980م مع المذيع والاعلامي القدير غازي حسن.. وهي فترة من الفترات المهمة والتاريخية في مسيرة الاعلام القطري بشكل عام والاذاعة بشكل خاص، ولا يمكن نسيانها أو نسيان رجالاتها الذين أسسوا هذه المرحلة، فنترحم على من مات منهم وندعو لمن هو على قيد الحياة بحياة مديدة. نعم، غاب عنا بالامس أحد أبناء الاعلام القطري بعد مسيرة حافلة بالعطاء والوفاء لوطنه، إنه المذيع محمد سلطان محمد حمزة الكواري (1950 — 2017) رحمه الله رحمة واسعة، الذي خدم الاذاعة القطرية على وجه الخصوص لعدة عقود، وقدم خدمات لا تنسى للبرنامج العام، وللاذاعة الشعبية التي كان اول مدير لها مع بداية انطلاقتها عام 1980 م ـ إذا لم تخني الذاكرة ـ فهو مؤسسها مع غازي حسين ومن المهتمين للارتقاء بها. الفقيد كان مهتماً بالتراث والموروث الشعبي القطري وأحداث مجتمع الغوص على اللؤلؤ وكرمته وزارة الثقافة 2015وحسنا فعلت وزارة الثقافة والفنون والتراث في سنة 2015 م عندما كرمته كأحد الرواد الاعلاميين في خدمة التراث والمهتمين بإحيائه، بسبب جهوده التي ستظل باقية في ذاكرة التراث القطري ومسيرة الإعلام. الإعلامي الفقيد محمد الكواري لم يكن مذيعا في اذاعة قطر فقط، بل قدم بعض البرامج والمشاريع الاعلامية، وشارك في التقديم والتمثيل التلفزيوني، وقدم بعض الفقرات التمثيلية مع انطلاق تلفزيون قطر في بداياته الاولى، إلا ان اهتمامه الاكبر كان ينصب على برامج التراث والادب الشعبي عبر الاذاعة الشعبية التي لاقت نجاحا ورواجا اعلاميا عبر البيوت القطرية في الثمانينيات، وأنا كنت من عشاقها في تلك الفترة حتى أنني ما زلت احتفظ ببعض الاصوات الشعبية النادرة التي بثتها الاذاعة الشعبية في ذلك الوقت، وحينها لم تكن الفضائيات منتشرة بعد، بل كانت الاذاعة هي زادنا اليومي وهواؤنا الذي نتنفسه في زمن الطيبين. اتذكر ايضا تلك المجموعة من الاصوات الشعبية التي كانت تقدم لكبار المبدعين في قطر والخليج ومن المؤدين للاصوات المحبوبة قديما على مستوى المنطقة من امثال محمد بن فارس وضاحي بن وليد والرفاعي وسالم فرج وعبدالله فضالة ومحمود الكويتي وعبداللطيف الكويتي وسالم راشد الصوري وعلي هزيم وعبدالله احمد ومحمد زويد وعبدالله سالم بو شيخة وابراهيم علي ومحمد رشيد وعلي بن روغة وعوض دوخي وصالح الحريبي وشادي الخليج.. وغيرهم كثير. واتذكر كذلك الدور الكبير الذي قام به المذيع محمد سلطان مع تأسيس الاذاعة الشعبية قبل اكثر من 30 سنة عندما قامت الاذاعة بتحويل المئات من الاسطوانات الشعبية من تسجيلات القار إلى اشرطة تسجيلية خصيصا لإذاعة قطر الشعبية عند تأسيسها، لكون هذه التسجيلات التراثية بمثابة الثروة التي لا تقدر بثمن في تاريخ الأمم، وهذا تطلب منه ومن فريق العمل الذي عمل معه في بذل المزيد من الجهد لتوثيقها للاذاعة، وهذا لم يتحقق إلا من خلال مثابرته وصبره على ايصال التراث القطري والخليجي إلى اسماع كل من كان يستمع للاذاعة الشعبية التي كان يسمعها أهل البحرين وعمان والامارات والسعودية والكويت بلا انقطاع. له بصمة مع المذيع غازي حسن في تأسيس الإذاعة الشعبية 1980 التي لاقت نجاحاً على مستوى الخليجبقي ان نعرف ان المذيع محمد الكواري تخرج من دار المعلمين سنة 1970 م، وعمل في وزارة التربية والتعليم، ثم انتقل للعمل في الاذاعة عام 1974 م، كما عمل لفترة وجيرة في الجيش حيث عاد بعدها للاذاعة مرة اخرى، واشتهر بتقديمه لبرنامجه الاذاعي الشهير "المجلة الشعبية"، وكذلك العديد من البرامج مع كبار السن والرواة من قطر حول مجتمع الغوص على اللؤلؤ والموروث الشعبي والتراث القطري بوجه عام. كما قدم بعض برامج البث المباشر والسهرات الاذاعية عبر أثير الاذاعة، حيث استضاف الفنانين من قطر والخليج، ومجموعة من الشعراء الشعبيين من قطر مثل سعيد البديد المناعي وسعد بن سعد الكشاشي المهندي وراشد بن سعد المطاوعة الكواري.. وغيرهم. وشغل الكثير من المناصب الاخرى مثل رئيس قسم المذيعين ومراقب البرنامج العام بالإنابة لفترة ثلاث سنوات. في الختام: نتمنى من اذاعة قطر ان تكرم القطريين الذين ساهموا في خدمة الاذاعة على مدى العقود الخمسة الماضية خاصة أن اذاعة قطر ستحتفل في العام 2018 م بمرور نصف قرن على تأسيسها وهو ما يعرف باليوبيل الذهبي لها. كلمة أخيرة: رحم الله محمد سلطان الكواري، ذلك الإنسان البسيط، العاشق للإذاعة التي عايش بداياتها وعايش نشأة الإعلام القطري منذ أوائل السبعينيات، تلك المرحلة التي لا تنسى، إنها مرحلة الزمن الجميل التي غاب اسمها وخلد رسمها، وكما قالوا في الأمثال الشعبية: تفنى الجسوم وتبقى الرسوم.