13 سبتمبر 2025
تسجيلالعجز المائي العربي يبلغ 303 مليارات متر مكعب حتى العام 2025 وستنال مصر منه نصيب الأسد نظرا للنمو السكاني والتطور الاقتصادي والصناعي الذي نأمل أن تتبناه الإدارة الجديدة بعد الانتخابات الرئاسية القريبة، بعد انخفاض نصيب المواطن المصري من المياه سنويا إلى أقل من 500 متر مكعب سنويا طبقا لإحصاءات وزارة المياه والري المصرية. حيث ستمثل المياه التحدي الأكبر أمام التنمية، ليس في مصر فقط، بل ومعظم الدول العربية، حيث ستدخل مصر والمنطقة العربية تحت خط الفقر وندرة المياه الحادة المتمثلة في تزايد النمو السكاني الذي ليس له سقف، وزيادة الاحتياجات التنموية والمائية في ظل الآثار السلبية للتغيرات المناخية المتوقعة على الموارد والمصادر المائية المتاحة. وإذا كانت مصر أول المتضررين من هذا العجز برغم أنها هبة النيل، إلا أنها آخر الساعين إلى تنوع مصادر الموارد المائية، رغم الضغوط الشديدة التي يمثلها بناء سد النهضة في إثيوبيا، وما له من آثار سلبية على حجم المياه التي تصل إلى دولة المصب، مما يجعل من أزمة توفير المياه تشكل أضخم التحديات التي تواجه الزراعة والصناعة، وأن نحو 90% من الأراضي المصرية تقع في حزام المناطق القاحلة أو شبه القاحلة بسبب نقص المياه.ولذلك نجد أن ما تفعله الإدارات المصرية المتعاقبة منذ عشرات السنين يحتاج إلى وقفة قوية لتحديد توجهاتها وإستراتيجيتها في السنوات القادمة حفاظا على حق الأجيال القادمة، لأن الوضع المائي ينبئ بمدى خطورة الموقف وتداعياته شديدة السلبية على النمو الاقتصادي والاجتماعي، خاصة أن ذلك يتواكب مع التزايد السكاني وزيادة الطلب على المياه بمواردها المحدودة أو شبه المعدومة، الأمر الذي يتطلب سرعة إجراء البحوث والدراسات حول أفضل البدائل الممكنة لتوفير الاحتياجات المائية الضرورية، وتوفير مصادر التمويل التي تمكن من إقامة مشاريع تحلية المياه التي سبقتنا فيها الكثير من الدول العربية، خاصة بعد تخفيض تكاليف عمليات التحلية بما يشجع على الاستثمار في تشييد مصانع التحلية لمواجهة الطلب المتزايد على المياه العذبة التي تهدر باستخدام نسب كبيرة منها في قطاعي الزراعة والبناء، بالإضافة إلى إقامة عدد كاف من السدود لتخزين مياه الأمطار، وحقن الخزانات الجوفية التي تواجه مخاطر النضوب، وإعادة معالجة مياه الصرف الزراعي والصناعي والصحي لاستخدامها في مجالات الزراعة والري والتعاون مع الجامعة العربية والمجلس العربي للمياه والمنظمات الإقليمية ومع الوكالة الألمانية للتنمية الدولية لبحث مدى تأثير التغير المناخي على القطاعات المرتبطة بالمياه، كالزراعة والبيئة، والثروة الحيوانية والصناعية، والتوسعات العقارية الذي يأتي على حساب الأمن الغذائي، ولاسيَّما بعد الارتفاعات المتكررة لأسعار المواد الغذائية التي تستورد من الخارج، ووضع مصر في سلة الدول التي تقع في نطاق العجز الغذائي والتي ستستمر إلى فترة قادمة في المستقبل، ولا شك أن مصر لابد أن تنتهج سياسات مائية غير تقليدية للبحث والكشف عن مصادر مياه جديدة، مع وجود أحواض من المياه العذبة تحت قاع المحيطات يمكن أن تدعم تزويد المناطق الساحلية المائية باحتياجاتها، وهي بكميات تفوق مئات المرات كمية المياه التي تم استخراجها من باطن الأرض في القرن الماضي، وهي من المجالات الجديدة أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية والتخفيف من حدة التوترات القائمة في العلاقات المصرية بدول حوض النيل، والتي كانت تتأرجح بين التحسن والتوتر من فترة لأخرى؛ نتيجة سوء إدارة هذا الملف الذي يمثل أمنًا قوميًّا لمصر، مثله مثل الحدود، بل يعتبر من أهم الملفات التي كان يجب الاهتمام بها منذ وقت مبكر، للحفاظ على كيانها ومصالحها في الحاضر والمستقبل، مع مراعاة المتغيرات الدولية، إلى جانب التنسيق مع دول حوض النيل فيما يتعلق بالمشروعات التي تقيمها، وقد تؤثر على تدفق المياه، مع الاهتمام بالحفاظ على أمن منابع نهر النيل، واستمرار التدفق الطبيعي لمياه النيل؛ باعتبار أن المياه مورد إستراتيجي مهم يؤثر على التنمية الاقتصادية في مصر.