16 سبتمبر 2025
تسجيلعنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ مُعَاذٍ؛ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَفْضَلِ الإِيمَانِ؟ قَالَ: أَفْضَلُ الإِيمَانِ: أَنْ تُحِبَّ ِللهِ، وَتُبْغِضَ فِي اللهِ، وَتُعْمِلَ لِسَانَكَ فِي ذِكْرِ اللهِ، قَالَ: وَمَاذَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: وَأَنْ تُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَتَكْرَهَ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ، وَأَنْ تَقُولَ خَيْرًا، أَوْ تَصْمُتَ. أخرجه أحمد في هذا العالم، نحن لا نملك السطوة علي أحد حولنا وحتى لو كان دوننا، ولا نملك السطوة على الحوار مع الآخرين أو التأثير فيهم أحيانا، ولكننا نملك زمام أنفسنا ونحكم القبضة على ذواتنا، فلا يجب أن يتعدى اهتمامي دائرتي الخاصة، وعندما أستقبل من الناس، يجب أن أستقبل كل شيء بعين طبعهم لا بعين طبعي ولا أتعدى دوائرهم الخاصة أيضا حتى لا أجابه بالرفض والطرد من حياتهم.إذا قابلنا إنسانا لا يهتم إلا بنفسه وبمصالحه الشخصية، فلا ننشغل بانتقاده، وإنمّا ننشغل بدورنا، وحينما نقابل ذلك الشخص الأناني لا بد أن نحدد موقع هذا الشخص الأناني من حياتنا، هل نحن ملزمون به أم غير ذلك؟ إن كان زوجا أو زوجة أو كان أماً أو أباً أو ابنا، أو حتى من المحيط الملتصق بنا، فهو شخص ملزمون به، وعلينا التعامل معه بطريقة معينة بحيث لا نخسر علاقتنا معه، وإنما يجب أن نجعل ذلك الأمر ككفتي ميزان ونقوم بحساب مزايا هذا الإنسان وعيوبه فيها، فأن كان في هذا الشخص صاحب دين وفضل اجعل الصفات الإيجابية في كفة والأنانية وغيرها من الصفات غير المرغوبة في كفة أخرى، واستمتع بمزاياه بعيدا عن عيوبه.من الخطأ الفادح تعميم ذلك العيب على بقية صفات ذلك الإنسان وإنما يجب أن أجعل ذلك العيب في محيطه الضيق والمحدد، فربما هو أناني لكنه يحبك، وهو أناني لكنه متعلّم أيما تعليم، وهو أناني لكنه مثقف ثقافة قد تستفيد منها، قد يكون أنانيا لكنه يحب الله ورسوله وبذلك تتقزم صفة الأنانية أمامنا، وتصير آخر ما نلتفت إليه من صفاته. من الخطأ أن تنظر إلى عيوب الناس وتقتصر عليها كسمات لشخصيته قبل أن تملأ عينيك من صفاتهم الطيبة والجميلة، وحتى في صفاتهم الجميلة تلك، أبدأ بالصفة الألذ لديك حتى تتذوقها وتتلذذ بها، وهنا تكبر الصفات الإيجابية التي عنده وتتقزم الصفات السلبية، أو بأكبر تقدير ستنال مقاسها الطبيعي، ولربما نسيت في خضم إيجابياته تلك صفة الأنانية وكأنها غير موجودة أصلاً.من المفيد جدا لمن يجد في نفسه شيئا من الأنانية أن يقوم ببعض الأعمال التطوعية والمشاركة في الأعمال الخيرية، لأنها تعلمه بشكل أو بآخر قيمة التعاون والتنازل للآخر خصوصا لمن هو أكثر حاجة منه ولعل الإنسان مجبول على حب ذاته، فتجده منذ طفولته حريصا على تلبية رغباته على حساب الآخرين، لكن تدخل الأهل في التربية وتنمية روح الجماعة بين أفراد الأسرة والمحيط الخارجي تهذب هذه الفطرة وتخفف من حدتها، وبالتالي قد تتلاشى من النفس البشرية إلى حد ما، وفي الوقت نفسه قد نجد أن الأنانية تصبح سمة من سمات الشخصية النرجسية والتي يصبح من الصعب التخلص منها بسهولة، الا أن من الواجب على الناس المحيطين بذلك الشخص أن يتعاملوا معه ببعض الرفق ولا يبادلوه الكره والبغض فيعززون فكرة الأنانية عنده، أن احتواء ذلك الشخص وتوجيهه إلى حب الآخرين ومد أواصر الثقة بينه وبينهم وتعزيز المعاني السامية قد تنقذه من شراك الأنانية أو تخفف منها على أقل تقدير، فقد يكون ذلك الشخص صاحب نفس هشة وضعيفة ولكنه يحتمي خلف صدفة الأنانية لدرء عيون الناس عن ذلك الضعف في شخصيته، ويستخدم الأنانية مثل قناع يوهم به الآخرين بأنه واثق من نفسه ويستحق الأفضل دائما، وفي انصرافنا وتبادل الكراهية معه قد نكون أكثر أنانية منه، لأننا آثرنا الابتعاد وراحة البال، وإنما كانت السعادة الحقيقة في إسعاد الآخرين وتهدئة نفوسهم وتحويل عيوبهم إلى مزايا، هذا ما علمتني إياه الحياة.