10 سبتمبر 2025

تسجيل

إنه الخليفة المصلح العادل

14 أبريل 2022

حياته ومآثره حيّة، حياة الكبار من بدايتها إلى نهايتها عطاء لا يتوقف، تربيته كانت في أحضان الفقهاء والعلماء صُنّاع الحياة، وهو عند أهل العلم من الخلفاء الراشدين والعلماء العاملين رحمه الله. إنه الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز رحمه الله، لا تسأل عن تربيته ونشأته وولايته وحكمه وخلافته وصناعته الخير لهذه الأمة والإنسانية، ولا تسأل عن عدله ومسلكه وكيف كان يسير في ركابها لا يملّ ولا يكلّ!؟ ولا تسأل كيف كان مع الناس!؟ ولا تسأل كيف كان مع المجتمع بإصلاحه وإنكاره لكل نزعة عصبية وقبلية!؟ ولا تسأل كيف كان مع قيمة المسؤولية وكيف استشعاره لها وعظمها تجاه أفراد المجتمع بدون استثناء!؟ وهكذا فمآثره ومواقفه لا تُعد ولا تحصى رحمه الله. ومن أراد أن يتعلم كيف تُدار الأولويات فليتعلمها من هؤلاء الكبار، فلهم مع هذه الأولويات شأن كبير ومواقف واضحة المعالم جادة عملية لا شعارات! وأما إدارته رحمه الله للخلافة والحكم فحدث عنها وأنت رافع الرأس فخوراً بها، فجاءت خلافته على الأمة بالخير ورفع راية الحق والعدل والمساواة والرفاهية في أجمل صورها، فكانت خلافة حضارية بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ ودلالات وصور، ولم يسبقه في هذا المسلك غير جده الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وما أدراك ما جدّه رضي الله عنه!؟ قالت فاطمة بنت الحسين رضي الله عنهما "لو كان بقي لنا عمر بن عبدالعزيز ما احتجنا بعده إلى شيء". قال ميمون بن مهران رحمه الله "كانت العلماء مع عمر بن عبدالعزيز تلامذة". جاء عمر بن عبدالعزيز رحمه الله وهو يرى قرة عيون الملوك في ثلاث "أن يستفيض الأمن فيغمر البلدان، وأن تظهر المودة من الرعية لراعيها، ولا يكون ذلك إلا إذا أدى الراعي حقها قبل أن تؤدي حقه، وتحس بالسعادة تصل إلى أبوابها دون قلق أو شكوى، وإذا حدث هذان أثنى الناس على الوالي واسترسلوا في الثناء الحسن". "إن خلافة عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله - حجة تاريخية على من لا يزال يردد الكلمات والأصوات القائلة: إن الدولة التي تقوم على الأحكام الإسلامية والشريعة عرضة للمشاكل والأزمات وعرضة للانهيار في كل ساعة، وإنها ليست إلا حُلماً من الأحلام، ولا يزال التاريخ يتحدى هؤلاء ويقول لهم: ((قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ))". توفي رحمه الله بالسم، وكان بنو أمية تبرموا به، لما كان عليهم من شدة وانتزع منهم الكثير مما غصبوه، فسقوه السم رحمه الله. قال مجاهد رحمه الله، قال لي عمر بن عبدالعزيز رحمه الله: "ما يقول الناس فيَّ؟ قلت: يقولون: إنك مسحور، قال: ما أنا بمسحور، وإني لأعلم الساعة التي سقيت فيها، ثم دعا غلاماً له، فقال له: ويحك ما حملك على أن تسقيني السم؟ قال: ألف دينار أعطيتها وعلى أن أعتق، قال: هاتِ الألف، فجاء بها فألقاها عمر في بيت المال، وقال: اذهب حيث لا يراك أحد". غادر عمر رحمه الله وجاد بكل ما أوتي من قوة وشعور بالمسؤولية تجاه دينه وأمته. ما أروعك يا خليفة المسلمين أمير المؤمنين تعرف من سقاك السم ثم تقول له أذهب، أيا روح تحملها، وأيا أخلاق تسير عليها!. وما أصدقها وأجملها من روح!. ومضة قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله "إذا رأيت الرجل يحب عمر بن عبد العزيز، ويذكر محاسنه وينشرها، فاعلم أن من وراء ذلك خيراً إن شاء الله" فلننشر معالم ومآثر وعدل الخليفة الراشد المصلح العادل رحمه الله ورضي الله عنه.