14 أكتوبر 2025
تسجيلقطر أصبحت قبلة للمستثمرين من كل أنحاء العالم كما أكدنا في مقالات سابقة فإن سياسة الانفتاح هي الأكثر مناسبة لطبيعة الاقتصاد القطري، وهذه السياسية تقتضي تنويع الصندوق السيادي والمحافظ الاستثمارية في دول العالم؛ ليكون الاقتصاد قوة ناعمة للدولة تستطيع من خلاله التأثير في مراكز صنع القرار والمحافظة على مكانتها السياسية ومصالحها الاقتصادية والاجتماعية. وهذه السياسة فطن إليها صانع القرار القطري، والدليل على ذلك أننا نجد دبلوماسية قطرية نشيطة تقوم بعقد اتفاقات ثنائية مع الدول والمنظمات والهيئات الكبرى، كما أن الدولة تقوم باستضافة كبرى المؤتمرات والبطولات والفعاليات، وهذا تسويق لايقدر بثمن لدولة قطر، فإذا تأملنا أن 162 دولة كانت في قطر على مدى أسبوع كامل، يشاهدون الاستثمارات في البنية التحتية وما ينعم به أهل قطر من مواطنين ومقيمين من رخاء فإنهم بذلك سيكونون مرآة تنقل هذه الصورة الإيجابية إلى بلادهم. وهؤلاء الزوار ليسوا زوارا عاديين، بل هم أعضاء منتخبون ممثلون لشعوبهم تمثيلا ديمقراطيا، ومن ثم فإن انطباعاتهم لن تصل فقط إلى صانع القرار فحسب، بل ستمتد إلى القواعد الانتخابية والحواضن الشعبية لمجتمعاتهم التي انتخبتهم في التمثيل البرلماني لبلادهم، وهؤلاء الناخبون مؤثرون في القرارات التي تتخذها دولهم، خاصة في الأنظمة الديمقراطية. إن سمو أمير البلاد المفدى فطن إلى هذه النقطة وتكلم عنها بصراحة في خطابه إلى الاتحاد البرلماني الذي انعقد مؤخرا في الدوحة فذكر أن هناك نهضة اقتصادية في البلاد وتطوير مستمر في البنية التحتية ودعا زوار قطر وضيوفها إلى زيارة معالم قطر والسير في شوارعها ليطالعوا ما توصلت إليه قطر، وهذه الدعوة وجدت صدى طيبا عند البرلمانيين من كل دول العالم، فرئيسة الاتحاد البرلماني زارت معرض المنتجات القطرية في كتارا، وصرح كثير من أعضاء الاتحاد بأنهم حضروا مؤتمرا تاريخيا للاتحاد البرلماني، وخرجوا بانطباع يؤكد قدرة قطر على استضافة كأس العالم، وهو الحدث الذي مثل حافزا للاقتصاد الوطني في كل قطاعته، حيث سارعت قطر في تحديث بنيتها التحتية وإصلاح منظومتها التشريعية لتتوافق مع المعايير الدولية، وهو الحدث الذي جعل من قطر قبلة للمستثمرين من كل أنحاء العالم، ومثل الحدث نفسه قوة ناعمة كبرى لقطر التي باتت ملء السمع والبصر. إن سياسة الدولة في استقبال المؤتمرات والفعاليات الدولية يعطي ثقة المستثمر في قدرة الدولة على حفظ الأمن، ومن ثم يشجع المستثمر على أن يقبل على قطر فيستثمر فيها ومعها، وهذه أداة تعزز أيضا من سياسة الانفتاح التي تناسب اقتصادنا الوطني. لكن اللافت في النظر أن انفتاح قطر السياسي والاقتصادي لم يؤثر على هويتها وشخصيتها؛ لأن الاقتصاد ينعكس -شئنا أم أبينا- على سلوك المجتمع، لكن قطر متمسّكة بهويتها لتظل مرساة ترتبط بها وتقيس عليها مدى قربها أو بعدها عن ثوابت الأمة وأخلاقياتها، وفي هذا إبراز لهُوية قطر ليرى الزائر والضيف أصالة الشعب؛ مما يزيد من الثقة بقطر شعباً وقيادة، فمن كان وفياً لماضيه فهو صادق لحاضره. وبينما تعمل قطر على إبراز هويتها من خلال تجسيد ماضيها للنشء وليعلم مدى ما يدين به من أخلاق وسلوكيات وثقافة غنيه هي وليدة جهود ماضيه بقدر ما هي صنع جهود الحاضر، فتمتد احاسيسه لعمق الماضي ليصبح راسخاً كالشجرة تمتد عروقها لداخل الأرض، بينما يعيش النشء تلك اللحظات، يعيش الزائر والضيف تلك الأحاسيس فيشعر بقيمة الإنسانية، فهو يشهد تجربة بشرية حيه ينغمس فيها فيشعر بإنسانيته وتلك اللحظات التي يتشارك فيها ضيوفنا معنا لحظات إنسانية توحد بين الشعوب وتكون تجربة أصيلة لزوار قطر لا يضاهيها لحظات، فنراهم يقبلون على قطر وأهلها؛ بحثاً عن المشترك الإنساني الذي بدا يخبو في بقية العالم، تلك تجربة يبحث عنها الجميع، وقطر اليوم تمكن الإنسانيه من ان تعيش لحظات البراءة. وهذه الهوية كانت حاضرة في بطولة كأس العالم 2018 في روسيا حيث البيت القطري الذي زاره عشاق كرة القدم والمشجعين من كل أنحاء العالم، كما أن البرلمانيين زاروا معالم قطر ومتحفها الوطني ومعالمها الأثرية، وهذا تسويق للسياحة في قطر التي أنشأت هيئة للسياحة ستعمل بدورها على تنشيط قطاع الضيافة الذي ستكون مدخلاته مؤثرة بشكل إيجابي في الاقتصاد الوطني، بهذا التوجه لم يعد اقتصادنا قائما على النفط والغاز فحسب، بل بات متنوعا في مصادره، وهذا يعطيه استدامة وقوة واستقرارا، وهذا ما يتوافق مع رؤيتنا الوطنية عشرين ثلاثين. [email protected]