19 سبتمبر 2025

تسجيل

هذه ليست رحمة!

14 أبريل 2016

قلنا بالأمس لمن لم يقرأ الجزء الأول من هذا الحديث، إن العاطفة الأبوية لدى الوالدين كبيرة بلا حدود تجاه الأبناء، بحكم الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وما هذه الرحمة التي نجدها في قلوبنا تجاه الأبناء سوى جزء من مائة جزء من الرحمة التي وضعها الله الرحمن الرحيم في الكائنات الحية على هذا الكوكب الحي، لكن للأسف تعمق الأمر مع تطورات العصر، فصرنا نمارس رحمة زائفة تجاه الأبناء من حيث ندري أو لا ندري.إن أراد أحد الأبناء أمرًا ورآه الأب مثلًا أنه غير مناسب له ولعمره أو توقيته، فإن ما يحدث هو أن يتحول الابن إلى الأم الحنونة لتقوم بالتوسط، وغالبًا تفلح تحركاته نحو أمه في المهمة ومن المحاولة الأولى. وقد يحدث العكس أيضًا بأن تكون الأم هي الجهة الرافضة، فيلجأ الأبناء إلى الأب الحنون لتحقيق رغبة الابن أو البنت. وهكذا تجري الأمور في كثير من البيوت، وربما أحيانًا تتطور الأمور إن لم يجد أحد الأبناء ذاك الصدر الحنون لدى الأب أو الأم، فيلجأ إلى خارج البيت، إذ هناك الخالة والعمة أو الخال والعم وهلم جرا، ما يعني أن الأبناء على دراية بإستراتيجيات الضغوط على الوالدين، بحيث تبدأ بالداخلية، فإن لم تفلح كانت الضغوط الخارجية كفيلة بإنهاء المهمات، وغالبًا تنجح الوساطات وتتحقق الأمنيات والرغبات.حجتنا وتبريرنا في ذاك التعاطف الزائف مع الأبناء، غير الصحيح توقيته وظروفه، أن أبناءنا ليسوا بأقل من أبناء الأعمام أو العمات والخالات أو الأخوال! وأنه طالما أمورنا متيسرة ولله الحمد فلماذا نضيّق واسعًا؟ أو ربما نبرر تعاطفنا بأن ما يطلبه الأبناء هو ما يطلبه نظرائهم من هذا الجيل في كل المجتمع، فلماذا نحرمهم؟ وهكذا صرنا نبرر ونبرر حتى أفسدنا بأيدينا أبناءنا، وصار اليوم من يريد الحزم والضبط مع أبنائه، كمن لا يعيش عصره، حيث تجد الكل ضده!هل هذه هي الرحمة؟بالطبع لا.. إنما هي رحمة زائفة سرعان ما تظهر نتائجها على سلوكيات وتصرفات الأبناء وسنكون أول من يشتكي منها! والآباء والأمهات، بل المجتمع كله يتحمل ما نراه اليوم في أبناء هذا الجيل، من سلوكيات وطبائع البلادة والكسل والخمول، والاتكالية غير المنطقية وغيرها من أخلاقيات لا تسر بقدر ما تضر، إلا ما رحم ربي، وقليلٌ ما هم.. فهل نتنبه لهذا الأمر ونتعاون؟