17 سبتمبر 2025
تسجيلعرضت في مقال الأسبوع الماضي لقضية وقف سهم السلام عن التداول باعتبارها باتت قضية رأي عام تهم الشركة ومساهميها، والبورصة، وهيئة قطر للأسواق المالية. وتضمن المقال طرحاً تمهيدياً دون الدخول في التفاصيل، مع التنويه بأن جريدة الشرق قد اختصرت نصف صفحة منه لضيق المساحة، وهو ما تنبهت له هذه المرة فطلبت من مدير التحرير بأن يمنح مقال اليوم مساحة إضافية حتى أتمكن من عرض وجهتي نظر الهيئة والشركة في الموضوع بإنصاف. وقد بدأتُ بهيئة قطر للأسواق المالية، وعلمت من مسؤوليها ما يلي: 1- إن ما قامت به الهيئة من وقف متكرر لسهم السلام عن التداول إنما هو إجراء احترازي بحت يخوله لها القانون لحماية مصالح المساهمين، على خلفية ما قد يصدر من أحكام في القضية المرفوعة على الشركة. 2- إن وقف التداول المشار إليه لم يكن بدعة في ذاته، وإنما جرت على مثله العادة لدى هيئات رقابية عديدة في العالم، كلما حدث لذلك داعٍ كأن تقرر الجمعيات العمومية للشركات خفض رؤوس أموالها، فما بالك والتخفيض صادر عن محكمة الاستئناف من محكمتين مختلفتين، وقد كان قرار الهيئة بذلك تنظيمياً وليس جزائياً، لحين إتمام عملية الإفصاح عن الحكم بشفافية ووضوح وفقاً لمنطوق الحكم. 3- إن محكمة الاستئناف قد قضت "ببطلان الإجراءات القانونية والإدارية والمالية المتخذة من جانب رئيس مجلس إدارة السلام ونائبه، لتنفيذ قراري الجمعيتين العموميتين الصادرين في عامي 2002 و2005، بدمج بعض الشركات وكافة ما ترتب عليها من آثار، ومنها: زيادة رأسمال الشركة بقيمة الشركات المندمجة. كما قضت المحكمة بمحو كافة التأشيرات والقيود التي تمت بناء على تلك الإجراءات في سجلات الشركة، ومراقب حساباتها، ووزارة الأعمال، والبورصة، والهيئة. 4- تعهدت الشركة بعد صدور حكم الاستئناف الأول، بفتح حساب لدى البورصة ليقوم فيه مالكو الشركات المندمجة بشراء الأسهم اللازمة لتنفيذ الحكم في حال أصبح باتاً. وقد تم فتح الحساب، ولم يتم شراء الأسهم. 5- بعد صدور حكم الاستئناف الثاني حرصت الهيئة على تشكيل فريق عمل مشترك، إلا أن ممثل الشركة كانت له رؤية مختلفة، ولم يتم التوصل بالتالي إلى اتفاق حول تفسير منطوق الحكم لتحديد آلية تنفيذه، بعد صدوره من محكمة التمييز، وعليه فإن عملية الإفصاح عن الموضوع تعتبر منقوصة. 6- ترى الهيئة أن الفوائد المترتبة على الوقف المؤقت لتداول السهم-في ظل غياب الشفافية والإفصاح عن آلية تنفيذ الحكم- هي أفضل بكثير من المضار المترتبة عليه، وإن إدارة السلام تتحمل المسؤولية عن أي أضرار قد تلحق بالمساهمين. وفي المقابل فإن إدارة شركة السلام ترى ما يلي: 1-أنه كان من الممكن تفهم توقيف سهم الشركة عن التداول ليوم أو يومين لو صدرت الصيغة التنفيذية للحكم، ونصت على تخفيض رأس المال، إلا أن الحكم لم ينص سوى على بطلان الإجراءات التنفيذية، ولم يقض ببطلان زيادة رأس المال الذي هو قرار جمعية عامة غير عادية، وأصبح الجميع على علم تام بالحكم وأسبابه. ثم إن تكرار الإيقاف ولمدة طويلة يضر بالغير حسني النية وفي مقدمتهم مساهمو الشركة، وهو إجراء مخالف لمقاصد المشرع الذي قرر أن تعمل الهيئة على حمايتهم. 2-إن الشركة تعتبر أنها-على عكس ما تقوله الهيئة- قد أفصحت عن الحكم بشفافية ووضوح، في مرات عديدة، وأن أبلغ إفصاح هو نشر الحكم على موقع بورصة قطر وعلى موقع الشركة، بالإضافة إلى إحاطة الجمعية العامة للشركة بمنطوق الحكم وأسبابه، وأن الهيئة قد قبلت ذلك الإفصاح بدليل إعادة التداول بعد وقفه لمرتين سابقتين. وتعتقد الشركة أن الهيئة تدفع باتجاه الإفصاح عن تفسير مغاير للحكم، وفرض صيغة تناقض الأحكام الصادرة التي نصت جميعها على صحة قرارات الجمعية العامة من حيث الموضوع والشكل. 3- إن الشركة قد زودت الهيئة بتاريخ 22/11/2011- بناءً على طلبها- بخطة احتياطية للتعامل مع الحكم في حالة إذا رُفض الطعن بالتمييز وأصبح الحكم باتاً، وصدرت الصيغة التنفيذية. وقد وافقت الجمعية العامة -وهي السلطة العليا في الشركة وصاحبة الحق في التصرف- على الخطة الاحتياطية، وتم الإفصاح عنها في الصحف المحلية وعلى موقع البورصة، وموقع الشركة. كما تم تذكير الهيئة بقرار الجمعية العامة، وبعدم جواز اتخاذ إجراء احتياطي للمرة الثالثة في نفس القضية، وبضرورة إعادة التداول تحاشياً لتفاقم الأضرار. وقد تم الاتفاق على أن تقوم الهيئة بإرسال تصوراتها للإفصاح الذي تقترح أن تصدره الشركة، تمهيداً لإعادة التداول على السهم، ولم تف الهيئة بالتزامها، رغم أنه قد تم تذكيرها بذلك ثلاث مرات. 4-لقد تم الاتفاق على فتح حساب"لأغراض تسوية الحكم الصادر في الاستئناف، وما تقرره الجمعية العامة غير العادية للشركة امتثالا للحكم المتوقع صدوره عن محكمة التمييز". وحيث إن الحكم في الطعنين رقمي 233 و235/2011 بتاريخ 20/3/2012، قد قرر "تمييز الحكم المطعون فيه، فإنه يترتب على ذلك زواله واعتباره كأنه لم يكن". ولذا فقد انتهى مفعول التعهد وكتاب التسوية وكأنه لم يكن عملاً بحكم محكمة التمييز آنف الذكر. 5- ترى الشركة أن موقف ممثلي الهيئة هو السبب في فشل اجتماعات فريق العمل المشترك، حيث أصروا على رؤيتهم بأن الحكم قد قضى ببطلان الزيادة، وبأنه يجب تخفيض رأس المال، وإلغاء الأسهم المصدرة بقيمة الشركات المندمجة، أي بمعنى آخر بطلان قرار الجمعية العامة بزيادة رأس المال، وهذا أمر مخالف لجميع الأحكام الصادرة في القضية. 6- تؤكد الشركة علم الهيئة بحصولها على موافقات سابقة ولاحقة على الاندماجين من الجهات الرقابية المختصة، وأنها بوقفها التداول للمرة الثالثة تتحمل مسؤولية ما حدث من أضرار بسبب تجاوزها للصلاحيات المخولة لها، ولعدم محافظتها على الثقة في نظام التعامل في الأسواق المالية، أو حماية المساهمين. كما ترى الشركة أن الوقف لم يكن مبرراً بعد أن اتخذت الهيئة إجراءات كافية منذ صدور الحكم الابتدائي في العام 2010، ومن ذلك حجز جميع الأسهم المتاحة المملوكة من قبل أصحاب الشركات المندمجة سابقاً، وأخذ تعهد بالتزام أصحاب الشركات المندمجة بتنفيذ الحكم عندما يصبح باتاً. كما بادر أصحاب الشركات المندمجة طواعية بتوفير ما يقارب من 11.5 مليون سهم إضافية ووضعوها تحت تصرف الهيئة. ثم إن السلام العالمية وزعت بعد الاندماج أرباحاً للمساهمين منذ العام 2003 تزيد عن 800 مليون ريال، وأن لديها عدة أراض تصل قيمة إحداها في الوقت الراهن إلى700 مليون ريال، وذلك كله في مقابل اندماج بقيمة 403 ملايين ريال. على ضوء ما تقدم من وجهتي النظر أعلاه، أرى بأن حل مشكلة وقف تداول سهم السلام يقع على عاتق محكمة التمييز، فإذا كان صدور الحكم النهائي والقاطع عنها قد بات قريباً، فإنه يمكن الانتظار والبناء عليه، أما إذا كان سيتأخر لأسابيع أو شهور قادمة، فإنني أقترح إعادة التداول على السهم لمصلحة المساهمين، خاصة أن الهيئة –كما تقول الشركة- قد أخذت الضمانات الكافية لتنفيذ الحكم على النحو المشار إليه في البند 6 أعلاه، ولأن قرار محكمة التمييز الذي صدر في فبراير الماضي قد ألغى تنفيذ الحكم لحين البت النهائي فيه.