18 سبتمبر 2025

تسجيل

هجليج.. امتحان عسير لحكومة البشير

14 أبريل 2012

لأول مرة منذ انفصال جنوب السودان في يوليو من العام الماضي تضع الحركة الشعبية المتنفذة في دولة جنوب السودان الوليدة حكومة الرئيس عمر البشير في امتحان عسير.. تحد (سافر) أقدمت عليه جوبا ودخلت بقوات (تقدر بحوالي 11 ألف جندي)، إلى منطقة هجليج النفطية، (70) كيلو مترا داخل حدود السودان وأعلنت احتلالها بالكامل وتوقف العمل في حوالي (70) بئرا نفطية، وتنتج المنطقة ما يقارب (65) ألف برميل يوميا أي أكثر من نصف إنتاج السودان البالغ (115) ألف برميل في اليوم وهي الكمية التي ظلت الخرطوم تنتجها بعد الانفصال حوالي (30%) من إجمالي إنتاج سودان ما قبل الانفصال. غضب عارم عم الأوساط الشعبية في الخرطوم ورسائل (SMS) انتشرت تطالب بإقالة وزير الدفاع الذي يحتفظ بعلاقة (خاصة) مع الرئيس البشير.. التساؤل المرير كيف عجزت وزارة الدفاع عن رصد تحركات (11) ألفا من قوات الجيش الشعبي بيد أن رئيس دولة الجنوب سلفاكير أعلن صراحة أنه سوف يحتل هجليج.. الكثيرون ما زالوا يحمّلون وزير الدفاع وصول قوات حركة العدل والمساواة في مايو من العام 2008م إلى أم درمان غرب العاصمة الخرطوم، صحيح أنها كانت مغامرة وصفها البعض بالغباء خاصة بعد الخسائر الضخمة التي تكبدتها الحركة، إلا أن ذلك أبان خللا كبيرا في المنظومة الأمنية والعسكرية.. الجيش الثالث في إفريقيا يعجز عن صد عدوان معلوم مسبقا أمر أثار حفيظة الأوساط الشعبية وطرح تساؤلات جدية حول أداء وزير الدفاع الفريق عبد الرحيم محمد حسين وهو من الوزراء الأطول بقاء خلال العقدين الماضيين.. هل تتم مساءلة الوزير بشكل جدي أم أن الأمر سيمر مرور الكرام كما حدث في مايو 2008م؟!. ربما يكابر البعض ويتحدث عن أن الخرطوم قد كسبت المعركة الدبلوماسية، استنادا إلى (الاستنكار) الدولي لما حدث ومطالبة مجلس الأمن لجوبا بالانسحاب من المنطقة المحتلة وكذلك الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي.. لكن (الإهانة) التي تعرضت لها الخرطوم لا تزيلها البيانات الدولية مهما كانت لغتها قوية، ومنذ متى كان مجلس الأمن جادا؟ وسوريا أقرب مثال لطغيان المصالح الخاصة لأعضاء المجلس على مبادئ القانون الدولي.. عربيا، صحيح أن إدانة صريحة صدرت من مجلس التعاون الخليجي إلا أن خيبة أمل عظيمة أصابت الخرطوم من الموقف المصري.. السفير محمد مرسي مساعد وزير الخارجية االمصري لشئون السودان قال فى تصريح: "إن مصر تدعو الطرفين إلى ضبط النفس وتجنب أعمال العنف واحترام الحدود والالتزامات وفقا لاتفاقية السلام الموقعة بين الدولتين والعمل على تهيئة مناخ يناسب استئناف الحوار فيما بينهما".. فالاعتداء واضح وسافر بل أن مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي قد رفعا الحرج عن كل متردد وأدانا جوبا فما بال الخارجية المصرية هكذا تردد بعض الأوساط السودانية. ليس أمام حكومة الخرطوم إلا القيام بعمل عسكري يعيد سيطرتها على هجليج لأن ذلك الضامن الوحيد لشرعيتها.. لأن تحدي جوبا قائم بإصرار سلفاكير الذي قال مستخفا: "اتصل بي الأمين العام للأمم المتحدة وطلب مني الانسحاب من هجليج فقلت له لن أفعل وأنا لا أعمل تحت إمرتك". ولاحقا أعلنت جوبا لائحة شروط محددة، على الخرطوم الموافقة عليها قبل سحب قواتها من منطقة هجليج ومنها أن تمنح الخرطوم منطقة أبيي لقمة سائغة لجوبا، وهددت حكومة الجنوب بأن جيشها سيدخل أبيي "عنوة" كما دخل هجليج في حال لم ينسحب الجيش السوداني!!. إن احتلال هجليج أمر عظيم سيكون له ما بعده.. صحيح أن المؤشرات تشير إلى تمكن الجيش السوداني من استعادة المنطقة المحتلة (قريبا)، لكن بأي ثمن؟ وإلى متى ستبقى حالة الكر والفر بين جوبا والخرطوم؟ وما سر طغيان حالة التحدي السافر التي تعتري جوبا؟ أين إسرائيل مما يجري؟.