23 سبتمبر 2025
تسجيلهل وفقت حركة الإخوان في مصر بترشيح المهندس خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية؟ سؤال يشغل بال كثير من المتابعين والحريصين على المستقبل السياسي للحركة التي تعرضت إلى طعنتين في تاريخها السياسي، الأولى على يد جمال عبدالناصر بعد وصوله للسلطة، والثانية على يد محمد أنور السادات الذي تحالف معها في بداية مشواره السياسي، ثم تفرغ لإقصائها وضربها بعد أن قضى على خصومه من اليساريين، في حين أن الرئيس محمد حسني مبارك لم يكن يحب الإخوان، ولم يثق بهم، ولم يقربهم، وكان أكثر الرؤساء تحذيراً من وصولهم للسلطة. اليوم قد يتكرر المشهد نفسه مع المجلس العسكري الذي تخرج منه الرؤساء الثلاثة آنفي الذكر. وإذا صحّ –وهو الأغلب – أن المجلس العسكري قد بعث برسالة غير مباشرة للإخوان أو حذرهم من تكرار تجارب الماضي فيما لو قرروا الانقلاب أو ضغطوا عليه فهل كان الأنسب أمام هذا التحدي هو ترشيح خيرت الشاطر؟ قالها الإخوان وأعلنوها: ترشيح خيرت الشاطر، بعد أن تعهدوا بعدم ترشيح أحد للرئاسة، سببه القلق على ثورة مصر من الإجهاض بعد أن تبين لهم أن مشروعا يُعدّ لإعادة الشعب المصري إلى القفص. المتهمون في القضية هم أفراد المجلس العسكري وفلول الحزب الوطني وقيادات سابقة في حكم مبارك، هذا ما يهمس به الإخوان، وإن لم يفصح عنه بشكل واضح. وإذا كان من حق الإخوان، كما من حق غيرهم، ترشيح من يشاءون للسلطة، إلا أني أظن أنهم أخطأوا من جهتين، الأولى نكسهم للعهد الذي قدموه للشعب المصري وقواه السياسية في مطلق الأحوال. وحتى لو سلمنا جدلاً بأن مخططاً شريراً تتعرض له الثورة، فما كان بالإخوان أصلاً أن يتسرعوا إعلان عدم نيتهم ترشيح أحد للرئاسة، لأن أيّ قارئ سياسي يدرك أن أيّ ثورة تقوم سوف تتعرض لثورة مضادة، ومصر ليست بدعاً في هذا. الجهة الثانية تكمن في ترشيح خيرت الشاطر نفسه، والاعتراض ليس على شخصه أو سلوكه، إذ إن الرجل معروف بنجاحه الباهر في عالم الأعمال، ومصداقيته داخل الجماعة لا غبار عليها، لكنّ عيبه أنه كان ولا يزال نائب المرشد العام للإخوان، وأنه نفذ عقوبة السجن، والمعروف عنه الانتماء للتيار المتشدد داخل الجماعة. ويشكل ما سبق إشكالية حقيقة ستنعكس، ولابد، على مستقبل حركة الإخوان، سواء وصل الشاطر لسدة الرئاسة أو فشل، وإن كان الأرجح هو وصوله، بعد تحالف السلفيين مع الإخوان في دعمه للرئاسة. فالرجل يعتبر أحد أبرز القيادات في الجماعة بعد المرشد الدكتور محمد بديع، وإن أيّ خطأ أو فشل سيرتكبه، وهو وارد جدا، سيعتبر خطأ الجماعة وليس خطأ شخص في الجماعة، نظراً لحجمه ونفوذه داخلها. وكان الأولى بالإخوان، في حال أصروا على ترشيد أحد، أن يرشحوا شخصاً من خارج مكتب الإرشاد أصلاً، كأن يكون من حزب الحرية والعدالة، ومن غير الصف الأول، وذلك لضرورة الفصل بين جماعة الإخوان المسلمين، وهي جماعة فكرية دينية، لا هوية وطنية لها ولا هي تريد ذلك، ولدت في مصر لكن حضورها لا ينحصر داخل الحدود الجغرافية لمصر، وبين حزب الحرية والعدالة، وهو حزب سياسي مصري غير فئوي ولا مذهبي، أو هكذا أُريد له أن يكون. ومن هنا لو كان المرشح من الحزب لكان فشله في الوصول للرئاسة، أو خطؤه في إدارة البلد، سيعود بالضرر على الحزب أكثر من عودته بالضرورة على صورة الجماعة في الداخل والخارج. هذا ناهيك عن الاتهامات الأخرى للجماعة بالهيمنة على المشهد السياسي المصري وفرض نفسها وصية على الشعب والسعي لتفتيت أصوات الإسلاميين، إلى غير ذلك من الاتهامات التي تكال للجماعة بعد عزمها ترشيح قيادي منها لرئاسة الدولة.