17 سبتمبر 2025
تسجيللم أتعجب لتصريحات باقان اموم قبل عدة أيام من خلال مؤتمره الصحفي عبر القنوات الفضائية العربية والأجنبية وهو يتهم الرئيس البشير بأنه يرعى ميليشيات ويشرف بنفسه على تدريبها لخلق زعزعة لحكومة جنوب السودان لأن باقان جرى تصحيحه وتدويره لدى الدوائر الغربية للقيام بهذا الدور الهجومي واتهام الشماليين بأنهم عنصريون وأنهم يخلفون العهود وأن الإنسان الجنوبي كان مواطناً من الدرجة الثانية وأن التنمية لم تجد طريقها للجنوب بسبب التهميش إلى غير ذلك من الاتهامات التي أعدت بعناية من قبل شركات العلاقات العامة الصهيونية لإقناع بعض أبناء الجنوب بتلك الاتهامات وشغل المؤتمر الوطني بنفسه ونفى اتهاماته المستمرة التي تارة تشير إلى أحداث مختلفة وتارة إلى لي عنق الحقائق والأحداث والصعوبات التي تواجهها حكومته في إدارة دفة الأحداث في ظل التناقضات العظيمة التي أدخلوا فيها أنفسهم ومواطنيهم. فخلال السنوات الخمس التي جاءت بعد الاتفاقية لأعداد الجنوب ليكون دولة بإيجاد البنيات التحتية وتدريب الكوادر وإنصاف المظلومين وتوفير مبادئ العدل والأمن والاستقرار، عاش الجنوبيون أسوأ حالات عدم الاستقرار والعنصرية والإرهاب والانفراد بالحكم وتحويل الأموال التي خصصت للجنوب إلى المصالح الشخصية لأفراد قلائل في الحركة الشعبية.. فقد أشار لي مواطن كيني كنت معه في سيارته وأنا متجه لمطار نيروبي إلى مجموعة من الفلل الراقية في مساحة كبيرة قائلاً انظر هذه فلل قيادات الحركة الشعبية أنهم بدلاً من بناء الجنوب وإعمار بلدهم مما لحق بها من دمار وتخريب أثناء حرب العصابات فإنهم قاموا ببناء نيروبي أنهم حولوا وجهة الجنوب إلى الجنوب، فهناك سفريتان للخطوط الكينية أسبوعيا إلى جوبا، ويسافر المسؤولون للخارج عبر نيروبي وليس عبر الخرطوم. وأنهم يقضون معظم أوقاتهم مع أسرهم التي تقيم في هذه الفلل الجميلة، والجنوب بالنسبة لهم ما هو إلا مورد مالي لهم ولأسرهم، ومكافأة لهم وتجري عمليات إعداد ميناء بحري قرب ميناء ممباسا لأغراض تصدير النفط واستيراد السلع.. لهذه الأسباب ثارت ثورة أطور وغيره من الذين أفنوا حياتهم في الحرب مع الحركة الشعبية لنيل الاستقلال أو لتحقيق العدالة والتوازن إن كان كل ذلك صحيحاً في الأصل- فالبشير أول من بارك لحكومة الجنوب وشعب الجنوب نتيجة الاستفتاء التي عرفناها بأرقامها التي لا نسمع بها إلا في عهود الديكتاتوريات والإمبراطوريات التي يصوت فيها الشعوب أما بنعم وإما بنعم فتخرج النتائج بالرقم الشهير 99.9 بالمائة.. ورغم ما تثيره نتيجة ذلك الاستفتاء مقرونة بطبيعة الأمور في الجنوب وموقف الكثير من المواطنين والقوى السياسية من ما يسمى بالاستقلال فإن السودان تتنفس الصعداء بأن أذى بليغاً قد زال وأن حرباً شرسة دامت لنصف قرن لمجرد ادعاءات استعمارية وتحريض كنسي صهيوني قد انتهت،فقد نالت الخطة الإستراتيجية التي خطط لها منذ القرن قبل الماضي قد أتت أكلها، فإن أهل السودان تقبلوا النتيجة قيادة وقاعدة، باستثناء حلفاء الحركة الشعبية الذين كانوا يرمون من وراء نتيجة الاستفتاء لفوضى عارمة تعم السودان ويذهب المؤتمر الوطني ( هذا الحزب الذي وصفه عرمان في ندوة عقدت في القاهرة في رمضان الماضي بأنه حزب لا إرادة سياسية له) وصفق له بحرارة جميع عناصر الحركة وأصدقاؤها وحلفاؤها.. وكنت قد رددت عليه في تلك الندوة حول هذا الأمر بأن المؤتمر الوطني هو صاحب الإرادة السياسية الوحيد في السودان وإلا لما كانت هذه الاتفاقية التي اوقفت أطول حرب في إفريقيا.. ولما كان ما كان من تحول ديمقراطي وحريات تمكن الجميع من حرية التعبير والتنظيم برغم ما يحيط ببلادنا من مخاطر ومؤامرات تهدف إلى تمزيق وحدتها وزعزعة استقرارها. في الأسبوع المنصرف زار وفد الحركة بقيادة أموم الولايات المتحدة واستقبلتهم سوزان رايس بالأحضان.. وقاموا بدلا عن طلب الدعم والعون لبناء دولتهم المنهارة.. تقدموا بطلب بعدم رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على السودان، وهذا ما ظهر في العلن.. وسوف تظهر الأيام القادمة الأجندة السرية التي جرت بينهم وبين اللوبي الصهيوني الذي يقف وراء تصريحات باقان ورفاقه ضد بلادنا التي استقلوا عنها.. ما يؤكد حقيقة نوايا وأحقاد وعنصرية باقان ورفاقه على أهل السودان أنهم يرغبون في استمرار الحصار الاقتصادي على بلادنا.. ويريدون تفتيت وحدة بلادنا وعندما يثور عندهم ثائر من بني جلدتهم ضد فساد حكمهم وعنصرية سياساتهم يشيرون بوثائق مزورة إلى بلادنا بأنها ضالعة في عدم الاستقرار الأمني الذي يهز كيان باقان ورفاقه ليطير إلى أسياده في أمريكا ويشكو لهم.. ولكن الأمريكان يعرفون زيف الاتهامات وكشفوا الوثائق المزورة بسذاجة عن ضلوع المؤتمر الوطني في زعزعة الأمن والاستقرار في الجنوب.. وحتى لو قلنا جدلاً أن ذلك ممكن ألا ينظر باقان إلى أن استضافة حركات دارفور وتسليحها وتدريبها ودفعها صوب دارفور عبر الحدود جريمة تقوم بها دويلة عاجزة عن التحكم الأمني على مناطقها ضد دولة عريقة ضاربة بجذور خبراتها إلى سبعة آلاف سنة قبل الميلاد!؟.. ثم أن أهل الشمال لم يصدقوا أنهم تخلصوا من هذه السلسلة من التمرد الدائم لما يزيد على خمسين سنة لماذا يوترون الأجواء في الجنوب... يا أخي نحن لم نصدق تحقق ذلك فلماذا وكيف تتصور أننا نرفض قرار شعب الجنوب أن كان ذلك صحيحاً أو تزويرا.. يا أخي باقان زمان البشير قال لكم(( مبروك عليكم يسهل وعلينا يمهل!!)) هل فهمت العبارة أم نقولها لك بعربي جوبا.. وإذا لم ترد عربي جوبا نقولها لك بعربي دنقلا.. ((إدقن شورقدن.. أدقن كوة قدن!!)) هل فهمت أم أكررها لك بالعبرية!!؟ أما ياسر عرمان فلن تكون له أو لا يجوز قانوناً ودستوراً أن يكون مواطناً سودانياً ينتمي..إلى هذه الأرض التي تنتمي إليها، بعد أن سعى مع وفد باقان إلى تحريض الأمريكان ضد بلادنا بعدم رفع الحصار والعقوبات على السودان،هذه خيانة عظمى أن كان عرمان ينوي أن يكون مواطناً سودانياً جعلياً.. أما إن كان ينتمي إلى دولة باقان فلا حرج عليه، وعليه مغادرة أرضنا ولا يدخلها إلا إذا قبلت السلطات منحه تأشيرة دخول ولا أظن أن عاقلاُ سوف يقبل ذلك. كما قبلت من قبل بدخول من قال على رؤوس الأشهاد بأن حلايب مصرية!!