20 سبتمبر 2025

تسجيل

ما هي المسؤولية؟

14 مارس 2016

ضمن الحوادث البشرية التي تقع بين الناس ضمن التعاملات اليومية، لظروف وأسباب مختلفة، قام رجل من المهاجرين بضرب أنصاري، فما كان من الأخير سوى أن قام ونادى: يا للأنصار، فقام المهاجري ونادى بالمثل: يا للمهاجرين. فوصل الأمر سريعا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأتى مسرعا وقال: ما بال دعوى جاهلية؟ قالوا: يا رسول الله: ضرب رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار، فقال صلى الله عليه وسلم: دعوها فإنها منتنة.لكن لم ينته الأمر، فقد سمع رأس النفاق يومئذ، عبدالله بن أُبي بن سلول بما حدث بين الأنصاري والمهاجري، فقال: فعلوها؟ أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرجن الأعز منها الأذل. ويقصد بالأعز نفسه والأذل، رسول الله صلى الله عليه وسلم! فبلغ كلامه النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان معه الفاروق -رضي الله عنه- فقام من فوره وقال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعه، لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه.لم يستخدم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم صلاحياته لردع رأس المنافقين يومها، لماذا؟ لأنه نبي ورسول أولا، وبعد ذلك رئيس دولة وبشكل عام صاحب دعوة، يرى ما لا يراه كثيرون حوله، وهو المؤيد من السماء بوحي لا ينقطع، إذ ربما في تلك الحادثة، رأى ما هو أهم من قطع عنق منافق سيهلل الجميع لموته، بسبب ما كان يصدر عنه من أذى للمسلمين وإثارة للفتن بينهم.إن أسهل ما يمكن أن يتخذه أي صاحب قرار اليوم مع مخالفيه أو منتقديه، هو استخدام كامل الصلاحية المتوفرة له، بقانون أو دونه، فيقهرهم بأي وسيلة ممكنة، ذلك أن الصعوبة والتحدي في مثل تلكم الحالات، تتمثل في الصبر على المخالف، ومناقشته ومحاورته، فلعله يتغير أو تتغير الظروف المحيطة به، فإما أن يميل نحوك أو يكف شره عنك، وكلاهما خير.هكذا كان الأنبياء وأصحاب الدعوات، يبحثون أولا عن الخير في الآخرين مهما تضاءلت فرص العثور عليه، فلابد أن في كل إنسان ذرة خير، والمهارة في كيفية اكتشافها وتنميتها.. أليست هكذا هي المسؤولية؟