31 أكتوبر 2025

تسجيل

إخوان الأردن وتحديات المرحلة

14 مارس 2015

ليس معروفاً بعد ما إذا كانت الخطوة التي تقدم بها المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن عبد المجيد ذنيبات لجهة طلب الترخيص لجمعية باسم "الإخوان المسلمون في الأردن" تهدف لإنقاذ جماعة الإخوان من مصير الحلّ الذي لاقته الجماعة في مصر أم لتفتيت الجماعة من الداخل بعد أن أقصته الجماعة وأبعدته إلى جانب العشرات ممن يصنفون بتيار "الحمائم "داخل الجماعة. والمثير في ملف الإخوان هو دخول الحكومة على خط الأزمة في الوقت الذي تشتد فيه الحملة على تيار الإسلام السياسي في أغلب الدول العربية. وقد تميزت العلاقة بين الإخوان والنظام الملكي في الأردن حتى وصلت حدود الشراكة، وقد حمت الحركة الإسلامية النظام الأردني من موجة الثورات القومية التي أودت بالملكيات والنظم شبه الليبرالية في العراق ومصر وسوريا وليبيا واليمن والسودان، وأوشكت على أن تطيح بها في المغرب في الخمسينيات والستينيات، وبرر الإسلاميون موقفهم بكون الأردن "دولة مواجهة" ضد إسرائيل. ويقول د. مهند مبيضين في "الدستور الأردنية" إن بحوزته وثائق تؤكد أن الخطاب الإخواني كان يعامل الملك الأردني كخليفة، وقد عرضوا عليه ذلك، ورفضه، وأن وثائق أخرى تظهر دعم الإخوان لوحدة مصر والسودان ولفكرة جامعة الشعوب الإسلامية التي سافر من أجلها الملك عبد الله المؤسس لتركيا، كما دعموا فكرة وحدة سوريا الكبرى التي قادها الملك المؤسس.لقد كان دور الإخوان هامشيا في أهم حالتي احتجاج مرّ بهما الأردن، وهما هبة أبريل 1989 وأزمة الخبز 1996، علماً بأن العلاقة كانت يومها قد ساءت بين النظام والجماعة التي أنشئت في الأردن عام 1945 كفرع لجماعة الإخوان في مصر على يد الأردني عبد اللطيف أبو قورة بعد اتصاله بحسن البنا مؤسس الجماعة في مصر. ومنذ ذلك الحين تلعب الجماعة دورا بارزا في المجالين الاجتماعي والسياسي للأردن. وفي حرب 48 أنشأت الجماعة ثلاثة معسكرات لتدريب المجاهدين ضد الاحتلال الإسرائيلي، ثم أسهمت فيما بعد في إنشاء رابطة العالم الإسلامي والمؤتمر الإسلامي، إلى أن وضعت نظامها الأساسي عام 1953. واختير محمد عبد الرحمن خليفة مراقباً عاماً وهو نفس العام الذي تم انضمام إخوان فلسطين إلى إخوان الأردن، مشكلين جماعة واحدة. وقد وصلت الحركة إلى ذروة عطائها السياسي في انتخابات 1989، حيث حصدت 22 مقعدا من أصل 60 في البرلمان، بالإضافة إلى توليها رئاسة المجلس النيابي لثلاث دورات متتالية. ثم في العام 1991 شاركت الجماعة بخمسة وزراء في حكومة مضر بدران قبل أن تسوء العلاقة مع النظام في العام 1994 على خلفية توقيع الحكومة اتفاق وادي عربة الذي أنهى العداء بين الأردن وإسرائيل. وقد أنشأت الجماعة عام 1992 حزب جبهة العمل الإسلامي ليكون الذراع السياسية لها، وقد فشل الحزب في استقطاب شخصيات سياسية ودينية من خارج عباءة الإخوان. كما أنه لم يتمكن من الخروج من وصاية الجماعة، ولا تعرف الحدود الفاصلة بينهما. ويعتبر النموذج الأردني الأكثر شبها بالنموذج المصري من بين فروع الإخوان في العالم. ولهذا لمّا قررت جماعة الإخوان المسلمين في مصر تأسيس حزب سياسي لها وقع خيارها على النموذج الأردني. ورغم أن حزب جبهة العمل الإسلامي الذي يرأسه حالياً حمزة منصور يصنف من أكبر الأحزاب المعارضة في الأردن، وهو عضو لجنة التنسيق العليا للمعارضة الأردنية، إلا أنه لم ينجح في أن يصبح حزبا عابرا للحدود الإخوانية، حيث أخفقت الجماعة في فصل الدعوي عن السياسي، بخلاف التجربة التركية والمغربية. ويورد الزميل محمد أبو رمان نتائج استطلاع رأي مركز الدراسات الإستراتيجية الأردني، حيث تراجعت تفضيلات الشارع جبهة العمل الإسلامي من 6.1 إلى 1.5%.ولعل تراجع شعبية الحركة وعصف الخلافات الداخلية بها دفعت الحكومة لتوجيه رسائل شديدة القوة للجماعة برزت في إصدار محكمة أمن الدولة الأردنية قبل فترة حكماً بالحبس عاما ونصف العام على زكي بني أرشيد نائب المراقب العام للجماعة، بعد أن وجهت إليه تهمة "القيام بأعمال من شأنها تعكير صفو علاقات المملكة مع دولة أجنبية" على خلفية انتقاداته لدولة الإمارات العربية بعد اعتبارها جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابيا.يتطلب التحدي الذي تواجهه الحركة الإسلامية في الأردن اليوم اختبار أساليب جديدة غير معهودة تحول دون توسع الحكومة الأردنية في استهدافها مع الحفاظ على تماسكها الداخلي عبر استيعاب دعوات الإصلاح والقبول بما يحول دون مزيد من التشرذم.