19 سبتمبر 2025
تسجيللولا أن هناك (حدثا) لما تطرقت إليه، ذلك الحدث هو التوقيع على - المصفوفة - كما أسموها.. وهي مجموعة أعمال تعتمد على بعضها البعض وبالترتيب.. بحيث إذا توقف جزء منها توقف الكل.. وهذه المصفوفة هي تلك الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها بعد جدال ووساطات وجلسات طويلة بين الحكومة وحكومة جنوب السودان.. وكنا عقب كل اتفاق سواء بين رئيسي الدولتين أو وفدي البلدين نهلل ونكبر ونعد شعبنا على الأقل بالسلام والطمأنينة والاستقرار بعد حرب عصابات دامت لأكثر من ستين سنة وليس عشرين سنة كما يذكر البعض لربط اشتعال نيران الحرب بقدوم الإنقاذ إلى السلطة عام 1989م بينما الحرب كانت قد بدأت منذ إعلان استقلال السودان. (حوادث توريت) أو مأساة توريت ومقتل المئات من أبناء شمال السودان غدراً وحقداً مربوطين بتحريض من المستعمر والكنيسة آنذاك. نحن نكبر ونهلل يومياً شاكرين المولى عز وجل أن هدانا إلى ما نحن فيه ولم نكن لنهتدي لولا أن هدانا الله.. ولكننا في هذه الجولة لن نعلق على الاتفاق الأخير الذي من شأنه (إذا وجد الالتزام والتنفيذ) يقيل عثرة الاقتصاد في البلدين وبصفة أكبر لدى حكومة وشعب الجنوب ويحول دون انهيار دولة جنوب السودان.. كما تقول بذلك القراءات الغربية في ظل أزمة اقتصادية عالمية طاحنة أنهكت خزانات أغنى وأكبر الدول الصناعية في الغرب.. أنبوب النفط مفتاحه لدى حكومة الجنوب.. وهي التي بادرت بإغلاقه أمام كاميرات التلفاز وأنظار العالم.. وكانت قراءات الدول الاستكبارية تقول بأن هذا الإغلاق سوف يسقط حكومة السودان التي تعتمد جزئياً على عائدات نفط الجنوب.. ولكن خاب فألهم وخربت قراءاتهم فكان الأثر على اقتصاد الجنوب بأكثر مما توقعت حساباتهم لأن السودان كدولة قديمة عمرها تجاوز السبعة آلاف سنة قادرة على المضي دون حسابات عائدات النفط.. ولديها موارد طبيعية فوق الأرض وفي باطنها ما يعوض فقد دولارات عائد النفط حيث تفجرت الأرض عن البترول.. وتفتقت الجبال عن الذهب.. واستزرعت الأرض فاخضرت الآمال.. وانتعش الاقتصاد.. رغم الحصار الاقتصادي الجائر على بلادنا منذ العام 1984 وحتى اليوم دون أسباب حصرية ومحددة تستدعي هذه المواقف الخائبة من دولة كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وزبانيتها في الشرق والغرب. واليوم ودون تقليب كل الملفات الخائبة والتصرفات التي صاحبت مسيرة الاتفاقيات والمواقف المتناقضة مع الحق والإنسانية والقانون نستطيع أن نبارك هذه الخطوة التي فصلت الاتفاقيات السابقة ابتداء من نيفاشا وتاكورو ومشاكوس والتي انتهت باتفاقية السلام الشامل التي لم تكتمل جوانبها بعد.. نأمل أن يلتزم طرف حكومة الجنوب بهذه المصفوفة الجديدة المرتبطة بالدور والتسلسل والمواقيت الزمنية لكي نعود ونقول إن الاتفاق قد تم وأن النفط سوف ينهمر بعد أن يقدم الطرف الذي بيده مفتاح الأنابيب ويلتزم بما اتفق عليه من قبل ويسحب قواته وآلياته من أرضنا ويرفع يده عن تحريض ودعم المتمردين ويلتزم بالقانون الدولي وبنصوص الاتفاقيات المعلومة وعندها سوف تتحول نظرتنا لحكومة الجنوب ونتعامل معها إعلامياً كما نتعامل مع كافة دول العالم بالشفافية والالتزام بأخلاقيات المهنة ونحترم من يحترمنا ونوقر من يوقر ويحترم سيادتنا ولا يسيء لشعب السودان.. وقد شبعنا اتفاقيات هنا وهناك.. ويبقى الالتزام بها فهل نأمل في ذلك؟.