15 سبتمبر 2025

تسجيل

إسرائيل والإرهاب الأصيل

14 مارس 2013

يأتي الحديث هذه الأيام عن إرهاب "إسرائيل" في سياق فعاليات أسبوع مقاومة "الأبارتهايد" الصهيوني ضد الفلسطينيين، وبعد تصريحات رئيس الوزراء التركي "أردوغان" أمام منتدى تحالف الحضارات الأممي في فيينا قبل أسبوعين التي ذكر فيها الحاضرين والمتحالفين بعنصرية وجرائمية الصهيونية وقارنها بمعاداة السامية وفوبيا الخوف من الإسلام.. وما تبع ذلك من ردات فعل مؤيدة له أو معقبة عليه أو رافضة ومستنكرة لما أدلى به.. وأرى أن موضوع الإرهاب الإسرائيلي لا يجوز أن يظل رهن التذكر أو النسيان وأحيانية التوسع والتضيّق أو حسب الاهتمام وعدمه فإرهاب "إسرائيل" إرهاب أصيل ولابد من تناوله بما يستحق من التأصيل والتفصيل وأن يكون ثقافة الناشئة حتى لا تتكرر العثرة في الأجيال القادمة كما هي في جيلنا والذي سبقه.. وأقول:  إرهاب إسرائيل إرهاب " أصيل " ليس لاقترانه بوقت الأصيل الذي يستطيب الشعراء التغني به دون بقية الأوقات فهو يتجاوز التوقيت ليل ونهار، وهو أصيل ليس من الأصالة التي تعني شرف الأصل فما هو ولا أصله إلا عفونات متراكبة وقذارات منفلتة.. ولكن من التأصل بمعنى التوطن والثبات والديمومة كما تتأصل النباتات أو الحيوانات في مكان بعينه، وكما يقال " فلان أصيل في جهته أو في عرقه " أي قادر على تصدير الطباع والعادات لورّاثه وأتباعه.. ومن هذه الوجهة فقط يمكن وصف الإرهاب " الإسرائيلي " بأنه أصيل لأنه بلا شك متأصل في صفاتهم وسلوكهم ووجدانهم وأدمغتهم كما تتوطن النباتات والحيوانات موطنا لا تغادره، ولأن له القدرة على التسلسل من الأجداد إلى الآباء ثم الأبناء والأحفاد حتى سوَّد وجه تاريخهم كله وشوَّه علاقاتهم بكل من واطنهم وعايشهم قبل الذين ناكروهم وعادوهم. إرهاب إسرائيل إرهاب " أصيل " بشهاداتهم أنفسهم فقد نشرت الصحف " الإسرائيلية " قبل أربعة أشهر تقريبا استطلاعا للرأي أشار إلى أن 58% من الإسرائيليين اليهود يؤيدون نظام " الأبارتهايد " في حال ضمت " إسرائيل " المناطق المحتلة – للعلم فالأبارتهايد: تسمية إفريقية لنظام الفصل العنصري الذي حكمت الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا من خلاله في الفترة بين (1948 – 1993) نتائج الاستطلاع المشار إليه أثارت القلق لدى القيادات العربية بقدر ما أخزت بعض أوساط الليبراليين اليهود غير المتدينين.. والحقيقة أنه لا جديد في هذا الاستطلاع لأنه مجرد كشف للقناع عن المعنى الحقيقي لدولة يهودية مذهبية وإن من ميزة فيه فإنه أظهر قذارة العنصرية المتفشية في شرائح واسعة في هذا الكيان العنصري البغيض.  وإرهاب " إسرائيل " إرهاب أصيل.. لأنه ليس مجرد فكرة طارئة على ثقافتهم في لحظة انفلات وعدم اتزان ولا هو بتأثير مفكر استثنائي أو زعيم سادي مر على حياتهم ووصم تاريخهم كموسوليني أو لينين.. ولكن لأنه تجاوز دائما كل القواسم وكل تشابك المصالح وكل تقارب بين الثقافات وكل المصالح وكل مقتضيات المعايشة والمجاورة ولأنه احتفظ دائما بالحد الأعلى من العدوانية والكراهية.. والنموذج ماثل اليوم في معزل عن كل ثقافة السلام والانفتاح والعولمة والحريات وحقوق الإنسان وحيث يفشلون كل مساعي السلام والتسوية منذ عشرات السنين ويحرجون كل من يقترب منهم أو يتوقع سلمهم رغم زهادة المطلوب وعظم المأمول!! وإرهاب إسرائيل إرهاب " أصيل " لأنه ينبع من أفكار ظلامية تخيلوها ونسجوها وكتبوها منذ تاريخهم الأول حتى صارت عقيدة فكرية وهوية تاريخية من السابق إلى اللاحق ومن السلف إلى لخلف.. مثال على ذلك - مجرد مثال دون استقصاء - جاء في سفر الأعداد من توراتهم المحرفة 7 – 18 ( سخط موسى وقال لهم : هل أبقيتم كل أنثى حية؟ فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال وكل امرأة عرفت رجلا بزواج.. ) وفي سفر يشوع 28 – 34 يتحدث عن مدن أعدائهم فيقول: (فنزلوا عليها وحاربوها وضربوها بحد السيف.. هي وكل نفس بها حتى لم يبق منها شارد) لاحظ عبارات اقتلوا كل ذكر وكل امرأة! وعبارة كل نفس بها! التي تؤصل فيهم عقيدة الكراهية وسلوك التطهير العرقي وجرائم الحرب.. فهل هذا كلام رب أو حتى أناس أسوياء أم كلام وسواس خناس وشيطان رجيم؟  إرهاب " إسرائيل " أيضا إرهاب أصيل لأنهم مارسوه على أنبيائهم قبل أن يمارسوه على أحد سواهم؛ فهم الذين قال القرآن فيهم (أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون) ووصمهم بأنهم حرفوا دينهم ووسخوا عقيدتهم – دينهم هم وعقيدتهم هم – فقال: (يحرفون الكلم عن مواضعه) وأثبت أنهم حاولوا قتل النبي عيسى - عليه السلام - لولا أن ألقى الله تعالى شبهه على يهودي منهم فقتلوه بدلا منه فقال: (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم) وبين أن قباحتهم ووقاحتهم وصلت أن طعنوا في رب العزة ذاته جل قدره وعلا شأنه وأنهم قالوا ( يد الله مغلولة ) وقالوا ( إن الله فقير ونحن أغنياء ).. ولولا أن الموضع لا يحتمل الاستفاضة في نقل الشواهد والنصوص التي تدمغهم بالإرهاب المتأصل المتوارث لأفضت وأفضيت وأوفيت..  وإرهاب إسرائيل إرهاب " أصيل " لأنه استمر في المراحل الثلاث لكيانهم منذ قيام هذا المسخ إلى توسعة مرحلة التسوية ومحاولة الاندماج في المحيط الديموغرافي حوله فقد قام على التهجير وهدم مئات القرى وعلى المجازر الجماعية؟ ثم توسع فاحتل كل فلسطين وأراضي من سوريا ومصر ولبنان والأردن احتلالا كولونياليا استيطانيا غير عابئ بحقوق الإنسان والمعاهدات والمؤسسات والرأي العام العالمي الحافظ لها! ثم هو يمارس يوميا ولحظيا ضد المدنيين العزل كل أنواع وأشكال الإرهاب من قتل ممنهج ومستهدف وعقاب جماعي وتضييق على الحريات والحقوق الإنسانية والاجتماعية والصحية والاقتصادية والأمنية ومن انتهاكات حقوق الملكية الخاصة ومصادرة الأراضي وإقامة المستعمرات العسكرية والأمنية والاقتصادية والديموغرافية، ومن إذلال الناس على الحواجز العسكرية وعرقلة حركتهم ومنعها، ومن تخريب زراعتهم وتعويق ترميم البنى التحتية لمدنهم وقراهم التي لا يقوم أي مجتمع إنساني في أبسط صوره إلا عليها.. وحتى الأمم المتحدة التي حضنت هذا الكيان العاقّ الإرهابي ومنحته النسب وشهادة الميلاد وجدناه يحتقرها ويعادي مؤسساتها لمجرد أنها جاملت القيم الأخلاقية أحيانا فطاولته بنقد خجول ولسان متلجلج.  وإرهاب " إسرائيل " إرهاب أصيل لأنها في زمن الانفتاح والعولمة والتسامح الإنساني تبني أسوارا مادية ومعنوية حول نفسها وشعبها وتقرر عزل مواطنيها من اليهود في أتوبيسات منفصلة عن الأعراق الأخرى، ولأنها في زمن الوطنيات والإقليميات والعلمانيات تنادي لنفسها بدولة يهودية دينية توراتية عنصرية متطرفة.. ولأنها في زمن التوسع الإعلامي وانفتاح الآفاق والأجواء ليس على القارات السبع فقط بل وعلى الكواكب من حول الأرض تمارس كل أنواع الفظائع وكل ألوان التخريب والتدمير الممنهج للإنسان.. ولأنها في زمن المساواة والتبادل الثقافي تصف غير اليهود بالصراصير والأفاعي والجراذين والعقارب ويفتي حاخاماتها بقتل الناس على جنسهم وجنسياتهم.. ليراجع في ذلك ما ورد أكثر من مرة على لسان السادي المأفون " عوفاديا يوسف " الحاخام والرمز الديني..  آخر القول: لا يجوز أن يظل الحديث عن الإرهاب " الإسرائيلي " رهن التصعيد والتخفيض حسب حالة المواجهة ونوع الملفات المطروحة على الطاولة أو التفرغ والانشغال.. ولا يجوز أن يظل هذا الموضوع الإستراتيجي والخطير خاضعا للأحيانية ولكن يجب أن يظل على أجندة كل كاتب وكل وطني وأن يتحول لمنهجية بنائية.. هذا – بالطبع - إن أردنا أن نعرف عدونا.