11 سبتمبر 2025

تسجيل

التخطيط الاقتصادي لنفقات الأسرة

14 مارس 2012

مما لاشك فيه أن تكاليف المعيشة عموما تتزايد باستمرار نظير عوامل عديدة على رأسها ذلك الارتفاع المتواصل في الأسعار وتزايد وتعدد الحاجات والرغبات في ظل ذلك الغزو الهائل لمختلف صنوف الحاجات الاستهلاكية وغير الاستهلاكية ومن هنا فإن العديد من الأسر في العديد من الدول باتت تجد صعوبات حقيقية في تدبير كل تلك المتطلبات أو التكيف على الأقل بطريقة أو أخرى معها ومن هنا فإن مسألة ترشيد وتنظيم مصاريف الأسرة أصبحت جدا مهمة وضرورية لمختلف الأسر وبالتحديد للأسر التي تجد صعوبة في التوفيق بين ما تتقاضاه من أجر أو دخل مع كل تلك المتطلبات والمتزايدة يوما بعد يوم والتي منها على سبيل المثال المأكولات وأقساط المدارس، الإيجار، والمفروشات والأجهزة اللازمة للبيت، والسيارات وكذلك مصاريف السفر لقضاء العطلة السنوية وكذلك دفعات تسديد أقساط القروض (سيارات، أثاث، مبان.. إلخ) وما يمكن توفيره كمدخرات لمواجهة متطلبات المستقبل والظروف الطارئة، أو لإنشاء مشروع استثماري للأسرة إلخ. ومن هنا فإن مسألة تنظيم تلك المصاريف والتخطيط المسبق لها وإشراك جميع أفراد الأسرة في المناقشة فإنه بهذه الطريقة نسهم في التعريف بهذا الموضوع الاقتصادي المهم لجميع أفراد الأسرة وتنمي لديهم جميعاً كباراً وصغاراً الوعي الاقتصادي والترشيد والادخار والتخطيط للمستقبل وإذا ما أصبح هذا هو الحال لجميع الأسر فإننا ببساطة نستطيع أن نلمس النتائج الاقتصادية الكبيرة التي يمكن تحقيقها على مستوى المجتمع كاملاً في تنمية المدخرات والاستثمار وترشيد النفقات والتخطيط للمستقبل. وليس سرا في أن هناك العديد من الأسر تواجه مشكلات كبيرة ناتجة عن عدم قدرة مجموع إيراداتها على تغطية مجموع مصاريفها سواء المتكررة أو غير المتكررة وبالتالي لا تستطيع أن تدخر أي مبلغ لمواجهة ظروف المستقبل الطارئة وبالتالي يتأثر جميع أفراد الأسرة من النتائج السلبية المتوقعة لهذه المشكلة سواء كان ذلك داخل البيت أو خارجه وحتى تصل آثارها على صعيد المجتمع كاملاً، ولكننا نستطيع الجزم والتأكيد بأن أحد أهم الوسائل للموازنة بين دخولنا ومصروفاتنا على الأقل هو التخطيط المسبق بإشراك جميع أفراد الأسرة لوضع قائمة أولويات الصرف والإنفاق على ضوء المتوقع، فإن في هذا حلاً كبيراً لمشكلات العديد من الأسر ويكفي أن نضرب مثلاً واحداً لنرى ماذا يحصل عندما يذهب أحياناً لشراء بعض الحاجيات فإنه يشتري أضعاف ما كان يخطط لشرائه وربما لا يشتري ما كان ذاهبا لشرائه أصلاً. وبكل تأكيد فإن التخطيط الاقتصادي للأسرة ليس موجها فقط لأصحاب الدخول المتدنية ولكنه أيضاً ضرورة وفائدة لجميع الأسر وبغض النظر عن قيمة الدخل لأن أسلوب الحياة والعصر الذي نعيشه لا بد له أن يرتكز إلى العملية والموضوعية والنظرة المستقبلية بما يسهم في تنمية مواردنا الاقتصادية سواء كنا أسراً أم مجتمعاً بالكامل. ومن الطبيعي أن يقول قائل إن الحديث عن ضرورة وجود موازنات تقديرية لمصروفات ونفقات الأسر هو من المسائل صعبة التطبيق من الزاوية العملية وبكل تأكيد فإن هذا القول هو على جانب كبير من الصحة حيث إننا نجد كبار رجال التخطيط الاقتصادي الذين يخططون لكبرى المنشآت الاقتصادية الخاصة والحكومية ويرسمون موازنات الدول وقد لا يعدون موازنات لأسرهم ومن هنا فإن دعوتنا هذه هي لمن يرغب في ذلك ولو على سبيل التجربة لأننا نعتقد أن في ذلك إسهاما كبيرا في ترشيد وضبط لمصاريفنا وتخطيطا علميا لتوفير بعض المدخرات لأبنائنا من بعدنا.