28 أكتوبر 2025
تسجيلتصوروا لو أن قناة الجزيرة لم تكن، بينما شوارع مصر تلتهب بحناجر الملايين المطالبين برحيل مبارك ونظامه! تصوروا لو أن (الجزيرة) لم تكن، ودم الشباب في شوارع مصر يشهد على جريمة اغتيالهم بيد البلطجية، تصوروا لو لم تكن الجزيرة، بينما الإعلام المصري بكل أجهزته المسموعة، والمقروءة، والمرئية يمضي بثقة وثبات يحسد عليهما في تعمية الناس، وتضليلهم، والضحك عليهم، بطمس الحقيقة صوتا وصورة، بل بقلب الحقائق، وتقزيم الثورة الشعبية، وتلويث طهارة مقاصد شبابها الذي انتفض مطالبا بالعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، ومحاسبة رؤوس الفساد الذين أفسدوا الحياة، كل الحياة، لم يخجل الإعلام المصري المضلل المنحاز لمبارك من أن ينعت الشباب الذي أبدع ثورة لا مثيل لها بقلة مندسة مأجورة تعمل لصالح أجندات أجنبية، اشترت ذممهم بخمسين جنيها ووجبة كنتاكي! تصوروا لو أن (الجزيرة) لم تحاصر الكذب ولم تكشف التضليل بالصوت والصورة في ظل حكومة مرتعبة خافت من سقوط ورقة التوت، وكشف عوراتها، وفضائح فسادها من الرأس إلى القدم، قطعت الاتصالات، وقطعت خدمات الإنترنت والموبايل دون أن تدري أنها بتعطيل الاتصالات أججت الثورة المباركة وكانت صاحبة الفضل في اندفاع الملايين إلى ميدان التحرير ليكون نقطة لقاء الثوار بديلا عن فكرتها الخائبة "قطع الاتصالات"، ولنرى بأم أعيننا على (الجزيرة) كيف ينسج ثوار التحرر من الطغمة الفاسدة وعلى رأسهم كبيرهم حرير انتصارهم، وفك أسرهم عن نظام استعذب استعبادهم، وإذلالهم، وتجويعهم، بل وقتلهم، بل لنرى كيف هزمت الشرعية الثورية الشرعية الدستورية هزيمة مدوية ما تخيلها يوما (مبارك) الذي بدا متماسكاً بدرجة كادت أن تصيبنا بسكتة وما كنا ندرك أنها صحوة ما قبل الموت أو (حلاوة الروح). تصوروا لو أن (الجزيرة) لم تنقل أدق تفاصيل ثورة مصر الشعبية باشتعالها، وقوتها، وصمودها، وعدالة مطالبها، وشبابها الذي تصدى لخريجي السجون والبلطجية ليحمي أمن مصر وقد انسحبت الشرطة من أداء واجبها المقدس ليسقط الشباب البديع مضرجاً بدمائه مفتدياً أمن وطنه وثورته الأسطورية بروحه. تصوروا لو غابت (الجزيرة) عين الحقيقة عن رصد كل أشكال الاغتيال مع سبق الإصرار والترصد من رصاص مطاطي، وحي، وقنابل غاز، وخطف متظاهرين، وسيارات شرطة تدهس عامدة الثائرين، وحجارة تكسر جماجمهم وزجاجات مولوتوف حارقة تشتعل بأجسادهم، وقناصة يمطرون من فوق البنايات ورود ميدان التحرير برصاصهم وخستهم. تصوروا لو غابت (الجزيرة) عن رصد (تسونامي) الغضب الذي اشتعل بوجدان شباب مؤمن بالتغيير، صبر طويلا على فساد (للركب) وزواج غير مبارك بين السلطة والمال ومنظومة فساد كبرى طالت كل مؤسسات الدولة. تصوروا لو غابت (الجزيرة) عن مشهد وقوع ورق التوت، وعن رصد أشكال وألوان من الفساد نقلها شهود العيان إلى أسماعنا لفاسدين، كانوا يعتقدون أن مصر تكية، وإقطاعية ملاكي، ونهيبة يغرف منها من يشاء من أعوان النظام الفاسد على حساب شعب أجاعه مبارك! تصوروا لو لم تكن (الجزيرة) التي نقلت أصوات المقهورين المحاصرين بأوجاع القهر، والظلم، والفقر، والمرض بينما (رجالة) الريس ينهبون مصر بالمليارات! تصوروا لو لم تكن (الجزيرة) ولم تكن عينها اللاقطة لثورة الشباب الحر بل لشعب مصر بكل أطيافه الرافض لذل طال! أقسم لولا (الجزيرة) لجرى دم شبابنا أنهاراً، ولتمت تصفية آلاف الشباب في مذبحة لا إنسانية لإسكاتهم للأبد بعيداً عن أعين الكاميرا الراصدة، أقسم لولا (الجزيرة) لاعتقل النظام آلاف الشباب وملأ بهم السجون ليقبعوا بالزنازين عمراً طويلاً، أقسم لولا (الجزيرة) وكشفها بالصوت والصورة صباح مساء لمسرح الأحداث وما يجري فيه، لفقدنا من الثوار ما لا عد له، وإني لأعجب من سفاهة الذين كانوا يتصلون ليلوموا (الجزيرة) على نقلها الحي المباشر رغم كل محاولات طمس عيون كاميراتها ولا يلومون الإعلام المصري الكاذب الذي اشتغل بوقا لنظام مبارك وللعصابة الحاكمة، فضلل الناس بمعلومات كاذبة وأخبار ملفقة، وصور بعيدة عن الحقيقة، وافتراءات فاجرة تحط من أقدار الشرفاء، ولقد قاد التزييف والتضليل والكذب والتلفيق مجموعة من الإعلاميين المحسوبين على النظام، فلم يخجلوا وهم يعصبون عين الحقيقة باقتدار غريب، لقد عرف الناس الحقيقة جلية وكشفوا بعد قليل وقت الإعلام المنحاز لحرامية النظام ومجرميه، اكتشف الناس الدجالين، والكذابين، والأبواق، والرقاصين، والمنافقين، وراكبي الموجة من إعلاميي النظام الفاسد، كانوا كتابا أو إذاعيين، أو فنانين أو صحفيين، أو إعلاميين، وكل صاحب مصلحة كان يهمه أن يبقى نظام مبارك رغم كل مفاسده! كل إعلامي شريف يعرف نفسه ويعرفه الناس، وكل إعلامي منحط كان عونا للحرامية وخائنا لشرف مهنته أيضا يعرف نفسه، ولا أمل لراكبي الموجة فقد انكشفت عوراتهم وخبرنا نفاقهم وتلونهم، وشرف الثورة لايمكن أن ينتسبوا له أو ينتسب لهم، فالثورة لا تصافح إلا الشرفاء. لابد من تحية تليق بالجزيرة التي كانت عينا تقاوم مخرز الإعلام الكاذب المضلل، التي علمت (الرقاصين) كيف يكون الإعلام المحترم، وتحية تليق بشباب الثورة الذي انتزع كرامة مصر والذي طالما ظلمناه ونعتناه بالجيل الصايع المنقوع في المخدرات، المغيب بالكورة والبانجو، تحية لشباب الثورة الذي استجلب لمصر العظيمة فجرا جديدا وتاريخا جديدا، وميلادا جديدا، مبروك عليك يا غالية.. يا مصر، مبروك على كل ثائر هتف "مش حنمشي.. هو يمشي".