18 سبتمبر 2025
تسجيلنزول الغيث رحمة ورزق وخير وبركة وإحسان وفضل، ونعمة من نعم الله تعالى الكبرى، فلا حياة من دونه، فالكل له طالب، الإنسان والنبات والحيوان، فهو عزيز، قوامها وحياتها الماء ((وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ))، فالماء يعني الحياة، فنزوله وغيثه البلاد والعباد هو من عند الله سبحانه وتعالى المتفضل المنعم علينا. فلك الحمد على هذا الخير الذي أنزلته علينا. فكم في الغيث من جمال! وكم في رؤية الغيث وهو ينزل من السماء روعة وراحة! فعن أنس رضي الله عنه قال: أَصَابَنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطرٌ، قال: فَحَسَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثَوْبَهُ، حتى أَصابَهُ من المطر، فقلنا: يا رسول الله لِمَ صَنَعْتَ هذا؟ قال: «لأنه حَدِيثُ عَهْدٍ بربه تعالى». ما أجمل هذا الصنيع من معلّم الإنسانية كيف تفرح ببشائر الرحمة عندما تنزل من رب العالمين سبحانه وتعالى!. فكم في هذا المشهد من مباهج وأفراح بقدوم الخير!. وكان من هديه صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطرَ قال: «اللهم صَيّبَاً نافعاً». ويقول صلى الله عليه وسلم إذا رأى المطرَ: «رحمةٌ». إنها من معالم الجمال والابتهاج والتفاؤل النبوي حين ينزل الغيث. وصدق القائل: وتشاء أنتَ من البشائر قطرة ويشاء ربُك أن يغيثك بالمطر. قال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه النفيس (مفتاح دار السعادة ص:576-577 طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية- دولة قطر)، ((وبالجُمْلَةِ فإذا تأمَّلتَ السحاب الكثيف المظلم كيفَ تراهُ يجتمع في جوٍّ صافٍ لا كُدورة فيهِ، وكيف يخلقه الله متى شاءَ وإذا شاءَ، وهو مَعَ لينه ورخاوته حاملٌ للماء الثقيل بين السماء والأرض إلى أن يَأذن لهُ ربُّه وخالقه في إرسال ما مَعَه من الماء، فيرسله ويُنزله منه مقطعّاً بالقطرات، كل قطرة بقدرٍ مخصوص اقتضته حكمته ورحمته، فيرشُّ السحاب الماء على الأرض رشَّاً، ويُرسله قطرات مفصلة لا تختلط قطرة منها بأُخرى، ولا يتقدَّم متأخَّرُها، ولا يتَأخَّر مُتقدِّمُها، ولا تُدرك القطرة صاحبتها فتمتزجُ بها، بل تنزل كل واحدةٍ في الطريق الذي رُسم لها لا تَعدِلُ عنه، حتى تصيبَ الأرض قطرةً قطرة، قد عُيَّنت كلُ قطرةٍ منها لجزء من الأرض لا تتعدّاه إلى غيره.. فلَو اجتمع الخلقُ كلُّهم على أن يخلقوا منها قطرة واحدة أو يُحصُوا عدد القطر في لحظةٍ واحدةٍ لعَجَزُوا عنهُ. فتأمَّل كيفَ يَسوقهُ سُبحانهُ رزقاً للعبادِ والدَّواب والطيرِ والذرِّ والنمل، يَسوقهُ رزقاً للحيوان الفُلانيِّ في الأرضِ الفُلانيَّة بجانب الجَبَل الفُلانيِّ، فيصلُ إليه على شدَّةٍ من الحاجة والعطش في وقتِ كَذا وكَذا. ثمَّ كيفَ أودعه في الأرض ثمَّ أخرج بهِ أنواع الأغذية والأدوية والأقوات...)). ما أروع وصف الإمام ابن القيم رحمه الله لهذه الرحمة والنعمة، وما تحمله من نعم متتابعة!. والحذر من تلويث هذه النعم بالمعاصي والمجاهرة بها، قال التابعي عكرمة رحمه الله «دواب الأرض وهوامها، حتى الخنافس والعقارب يقولون: منعنا القطر بذنوب بني آدم» فانتبه أيها الإنسان وتدارك أمرك.. إنه الغيث!. فكم في الغيث من نعم!. فدروسه ومباهجه لا تنتهي، سبحانك ربنا ما أعظمك!. «ومضة» قال سبحانه وتعالى ((وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ)).