14 سبتمبر 2025
تسجيلكنت وما زلت ممن يؤمنون بأن فصل كلية الآداب عن كلية العلوم من القرارات الصائبة، وما زلت أصر على أن يكون الفصل اليوم قبل الغد لتحقيق عدة جوانب إيجابية، منها أن نصف عدد طلاب جامعة قطر من كلية الآداب والعلوم، ومن الظلم أن تصبح هذه الكلية بهذه الكثافة الطلابية دون تخصيص كلية للآداب وأخرى للعلوم لإنصاف الكليتين وعدم دمجهما تحت سقف كلية واحدة، لأن الدمج الذي حدث قبل أكثر من عشر سنوات كان يحتاج إلى إعادة نظر قبل تطبيقه في تلك الفترة، وآن الأوان اليوم للفصل التام بين الكليتين لتحقيق المصلحة العامة للمؤسسة وللمجتمع من ناحية، ولإنصاف عدد طلاب الجامعة الذي يزداد كل يوم من ناحية أخرى .ومع انطلاق مرحلة التغيير في جامعة قطر سنة 2003 م جاء قرار دمج "كلية الإنسانيات والعلوم الاجتماعية" مع "كلية العلوم" تحت مظلة كلية واحدة هي "كلية الآداب والعلوم" سنة 2005 م، وهو ما يحدث لأول مرة في تاريخ جامعة قطر منذ إنشائها بشكل رسمي سنة 1977 م .طلبة الآداب والعلوم في ازديادومع مرور الوقت تبين أن تجربة "كلية الآداب والعلوم" أصبحت غير مجدية، ولم يكن هناك أي توافق بين مجال الآداب ومجال العلوم تحت سقف واحد، وأثبتت الأيام التي مضت أن القرار كان متسرعا ولم يخدم العملية الأكاديمية والإدارية، خاصة أن عدد طلاب وطالبات الجامعة اليوم اقترب من 16000 وهو من الأرقام القياسية في مسيرة الجامعة الوطنية، وسيصل إلى 25000 أو يزيد مستقبلا بسبب الطفرة السكانية في البلد وازدياد عدد المواطنين والأجانب بشكل سنوي .وفي ظل هذا الازدياد والتفوق لعدد طلبة الآداب والعلوم بجامعتنا الوطنية صار الأمر يتطلب توزيع التخصصات وتساوي عدد الطلبة والطالبات بين جميع الكليات، مع فصل الآداب عن العلوم بغية تحقيق مجتمع مبدع ومتميز وحيوي من خلال هذه التخصصات المتنوعة عبر أقسام تسعى لتمكين وتعزيز مشاركة جميع الطلاب وأعضاء هيئة التدريس وإطلاق طاقاتهم الإبداعية نحو التقدم والتحفيز الفكري، وهذه الرسالة هي التي تنشدها الكلية اليوم ومطلوب السير عليها في المرحلة المقبلة أيضا .فصل الآداب عن العلوم ويلاحظ أن نصف عدد طلاب وطالبات الجامعة اليوم هم من كلية الآداب والعلوم، وهذا دليل على أن قرار فصل الآداب عن العلوم قد يكون الأنسب في الوقت الراهن لإنصاف "كلية الآداب" ككلية مستقلة عن "كلية العلوم"، وهو من الأعراف المتبعة في أغلب جامعات العالم منذ فترة زمنية طويلة . كما أن من نتائج الدمج وجود بعض الخلل أحيانا في إدارة الكلية بالشكل المطلوب، إذ إن التخصص الذي يحمله عميد الكلية أحيانا لا يكون منتميا للآداب والعلوم معا، وهذه ثغرة واضحة في إدارة العملين الإداري والأكاديمي بالشكل الذي يليق بمستوى الكلية وأدائها المتوقع، وهو كذلك ما قد يعرض الكلية أيضا لبعض الإخفاقات والهزات والخلافات الإدارية طوال هذه الفترة بسبب تعدد وجهات النظر داخل إدارة الكلية وبخاصة من قبل رؤساء الأقسام الأدبية أو رؤساء الأقسام العلمية، أو المراكز العلمية التي تتبع للعميد مباشرة وهي ظاهرة ملفتة للنظر يجب التوقف عندها عند المطالبة بفصل كلية الآداب عن كلية العلوم أسوة بالجامعات الأخرى في كل دول العالم.وهذا الفصل يتطلب كذلك العمل على تحقيق الاهتمام بكلية الآداب بشكل خاص، والتي همشت من قبل من خلال العمل على تحقيق التميز عبر أعلى مستويات الجودة العالمية في البحوث العلمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية وتطبيقاتها وذلك بتشجيع أعضاء هيئة التدريس، وطلاب الدراسات العليا بما يساير أحدث التطورات العالمية عبر مجالات تخصص الكلية، وكذلك من خلال خدمة قضايا التنمية المستدامة للجميع مع إيفاد طلاب البعثات القطريين في مختلف مجالات تخصص الكلية، مع تقديم الخدمات الثقافية للجمهور بما يساير الاحتياجات والسياسات التنموية. وهذا يتطلب الارتقاء برؤية الكلية ورسالتها من خلال مراجعتها بشكل دوري لتحديثها وإدخال التعديلات الحديثة عليها، مع التركيز على رسم الأهداف الأساسية لاستراتيجية الكلية .وكلية الآداب مطالبة بأن تركز رؤيتها في المرحلة القادمة على:تعزيز الهوية في المقام الأول، وكذلك اتباع الرؤية العصرية للتراث، وأن تكون متميزة في تكوين البيئة الثقافية والعلمية المحفزة على الإبداع وتشجيع المبدعين والتميز الفكري بشكل عام مع الانفتاح على قيم التنوع الثقافي من خلال مخرجات تدمج الخريجين بشكل خاص في التنمية وخدمة المجتمع وسوق العمل .وفي الختام نؤكد أهمية أن تسير جامعتنا نحو التطوير والتغيير للأفضل وأن تحافظ على مكانتها المرموقة بين الجامعات العربية والعالمية، مع التجديد في القيادات الإدارية العليا وعمداء الكليات ورؤساء الأقسام والمراكز العلمية والوظائف الإدارية الأخرى بكفاءات وطنية شابة مع تقليص العمالة الوافدة قدر الإمكان وبحدود ضيقة، وكذلك الالتزام بقضية "التقطير" التي هي أساس التنمية البشرية في كل مؤسسات الدولة، وهذه كلها من الطموحات السامية لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى التي نادى بها في كافة خطاباته السابقة في مجلس الشورى، مع جعل رؤية قطر الوطنية 2030 هي الهدف الأول قبل كل شيء للارتقاء بالمجتمع وسوق العمل. وهذا الشيء أكده أيضا رئيس جامعة قطر الجديد عندما أكد اهتمامه بالتعريب والتقطير في بداية تعيينه، ونسأل الله له ولإدارته التوفيق .كلمة أخيرة نتمنى من إدارة الجامعة ومجلس أمناء جامعة قطر العمل على فصل كلية الآداب عن كلية العلوم لتحقيق المصلحة العامة من ناحية، وخدمة الجامعة والمجتمع وسوق العمل من ناحية أخرى، مع الاعتزاز بالهوية لتخريج قيادات فكرية متمكنة .