26 أكتوبر 2025
تسجيلمن المفارقات أن يصير تفكيك سلطة رام الله نقطة التقاء بين العدو الصهيوني والشعب الفلسطيني والعربي .. ذلك على خلفية موقف تلك السلطة من " انتفاضة القدس " الحالية وانغلاق المسار السياسي الذي انتخبته من بين الخيارات الوطنية ، أما العدو فهو لا يرضى عن السلطة لأنها في نظره لا تصادم الانتفاضة بالقدر الذي يفترضه ، وأما الشعب الفلسطيني فهو لا يرضى عنها لما تكشف من علاقتها بالاحتلال إضافة لعدم جديتها وعدم قدرتها على الدفاع عنه ؛ وثمة حقيقة أساسية هنا ؛ هي أن السلطة قد صارت ثقلا على الفلسطينيين وعلى مشروعهم التحرري ( بشكلها الحالي ودورها في خدمة وتمرير الاحتلال وبإمكاناتها الهزيلة في مواجهته وبالفساد الذي ينخرها في مقابل جري العدو في تهويد فلسطين والقضاء على أي إمكانية لقيام دولة مستقلة للفلسطينيين ) .. وأقول :دعونا نتذكر جملة من الحقائق تذكر في هذا السياق ( 1- السلطة وجدت في سياق اتفاق أوسلو المؤقت 2- والقائمون عليها منذ وجدت هم فصيل بعينه لا يملك من الرأي العام الفلسطيني إلا قلة تتضاءل باطراد مع كل فشل وطني 3- وعندما أسسها عرفات كان يأمل أن المفاوضات ستؤدي لدولة وتنهي الصراع في وقت لا يتجاوز مدتها القانونية التي تحددت بخمس سنوات من 1993 حتى 1998 فتحمس لها وقبل في سبيله ما لا يجوز قبوله من التنسيق الأمني وتأجيل التفاوض على قضايا الوضع النهائي 4- كما أن للسلطة – في المفترض - مجلسا تشريعيا يراقب أداءها ويشرع لها ولكنه لم يعد قائما بفعل الخلاف الفصائلي الذي غرقت فيه ) .لنتذكر أيضا أن الراحل عرفات ومعه حركة فتح قد خلصوا بعد كل المفاوضات والسنوات إلى أن المقاومة هي الحل وأن السلطة يجب أن تنخرط في ذلك وهو ما وجّه إليه المنظمة والسلطة في الانتفاضة الثانية وقتل بسببه .. الذين يدافعون عن أحقية وجود السلطة وضروريتها يسوقون جملة من المبررات ويقولون لنصرف النظر في جدلية مواجهة الاحتلال عن الحيثيات القانونية والدستورية .. وأقول .. لو استعرضنا تلك المبررات فلسوف نجدها لا تنهض على رجل ولا تقوم على منطق .. فمن ذلك قولهم ( السلطة إنجاز وطني لا يجوز التفريط فيه ) وأقول : ليس هذا بصحيح إن جعلنا ثوابت المشروع الوطني الفلسطيني النهائية والتحرير والتنمية الوطنية والثقافية والسياسية والاقتصادية ومصادمة الاحتلال هي الحكم على الإنجازات .ويقولون : لو أن القائمين على أمر السلطة ما لا تقبله " إسرائيل " فلسوف يلقون نفس مصير عرفات – الذي خرج عن الخط قليلا - وأقول : وإذن فهل سيفعلون ما تريده " إسرائيل " ؟ويقولون : مشروع السلطة ليس فاشلا إلا بسبب الفتنة والانقسام بين حماس وفتح وبين غزة والضفة .. وأقول لم يأت الانقسام إلا بعد الانتفاضة الثانية في حين أن الفشل سبق ذلك باثنتي عشرة سنة ، ثم لا يجوز أن تصنع السلطة أسباب الانقسام ثم تنسبها لحماس ولغزة ويكفي هنا أن نستمع للنائب العام الفلسطيني الذي نسب لدحلان – حليف رئيس السلطة وتابعه آنذاك وهو يتهمه بتشكيل فرق الموت في غزة وتورطه في قتل قادة المقاومة .ويقولون لقد فشل خيار المقاومة فلا يجوز أن نعود إليه .. وأقول : إن مسالك المنظمة هي التي فشلت فيما نرى سواها – حماس والجهاد – لم يفشلوا في هذا الخيار ورأيناه يثمر في أيديهم انتصارات وإنجازات أكثر وأكبر من التوقعات ومن الإمكانات رغم الحصار والتآمر العالمي .ويقولون : لقد اعترف العالم بنا ( كذا دولة وكذا هيئة وكذا جهة ) وصرنا دولة على الخريطة الدولية .. وأقول هذا جيد لو كان اعترافا بمضمون عملي يمنع التهويد ويوقف القتل اليومي ويثبت دولة على أرض الواقع .. ولكنه للأسف اعتراف باهت عاجز ميت مجاملتي ، وثمنه تسليم رقبة الثورة والقضاء على كل إمكانية انطلاق حتى على المستوى العمومي الشعبي .. آخر القول : لقد صار تفكيك السلطة ضرورة فلسطينية وحتى الوصول لهذه المحطة يجب ألا يسمح للعاجز أن يطعن العاجز ظهر القادر ولا للكسول المخاتل أن يفرط أو يتآمر على تضحيات المجاهد الصادق .. كما لا يجوز أن يعطي أحد للعدو فرصة المناورة والمداورة واللعب على حبال الزمن والتناقضات .