18 سبتمبر 2025

تسجيل

التعدد

14 يناير 2015

تكتسب الحياة الزوجية أهميتها الأبدية من حيث كونها مرآة المجتمع، حيث هي النتاج الأولي لافراده على اختلاف ثقافتهم وتوجهاتهم.. ولقد حرصت جميع الثقافات على مر الأزمنة بتكوين الأسرة، تكوينا سليما، وتوالت الدراسات في وضع أسس لمعالجة أي عوارض أو مؤثرات خارجية قد تتسبب في انهيار ذلك الكيان المقدس والميثاق الغليظ.ولذلك نتلمس التخوف الدائم في لهجة الباحثين من الطلاق والتعدد، على اعتبار أنهما من أهم مصادر التهديد لكل أطراف الأسرة. ويعتبر التعدد - موضوعنا الآن - ذا أساس شرعي قبل أن يكون حاجة أو رغبة شخصية.إن سوء التطبيق لا يلغي التشريع، فقد شرع التعدد للرجل لعدة أسباب، تختلف حسب حاجة الشخص وحسب نمط شخصيته.. وبرؤية نفسية: يعتبر التعدد مخرجا لمأزق زواجي لا يتقن معناه إلا ناضجا عرف ضوابطه قبل أن يعرف حقوقه.. والحقيقة أنه ليس كل شخصية رجل تجيد فن التعدد والتعامل مع أكثر من شخصية مختلفة بسماتها..كما أنه، وبالمقابل، ليست كل امرأة لديها القدرة على تحمل مثل هذا الشكل من الحياة.. إذاً القضية تتمثل في القدرة والتقبل والقناعة والرضا، وبالرغم أن التعدد شُرع لحل مشكلة، إلا أن سوء التطبيق جعل منه بوابة لمشاكل أخرى قد يعجز البعض عن ضبطها وإدارتها.. تبنى العلاقات الزوجية على أسس واحتياجات واهتمامات غالبا مشتركة، وليس من العدل أن يخطط طرف وينفذ دون مراعاة ماهية الطرف الآخر ودون احترام لمتطلباته الخاصة..إن الأصل في التعدد أن يبدأ من احتياج حقيقي فعلي ولا يمكن إخضاعه لنزوة عابرة أو ردة فعل غاضبة تفقده قيمته الجوهرية.. والحقيقة أن الاحتياج الفعلي يأتي من الشعور بنقص مفترض في الطرف الآخر، كما يقدره الرجل، وليس بالضرورة أن يكون ذلك النقص موضوعيا أو موجودا، إلا أنه يراه نقصا واقعيا يؤثر على رغباته الفكرية والنفسية وربما الجسدية..وقد يلجأ البعض إلى التعدد رغم اكتفائه العاطفي والفكري من زوجته، مما يدخله في دائرة من المشاكل والتوترات الداخلية وهذا ما يقودنا للقول بأن من الإجحاف أن يعدد الرجل على امرأة اكتملت في نظره، فكرا وعاطفة..وبقراءة نفسية تهم الرجل والمرأة على حد سواء، فإن التعدد يخضع لضوابط تفرضها طبيعة الزوجة، كما هو الحال مع طبيعة الزوج.. فالتعدد مع امرأة تتسم بالحساسية المفرطة قد يجعله مصدر هلاك للحياة الزوجية. والتعدد من قبل رجل يتسم بالحزم المبالغ والجدية المفرطة يغفل الاحتياج العاطفي وتفهم غيرة المرأة قد يقود الحياة الزوجية لنهاية مؤلمة للطرفين ولأبنائهما. كما أن المرأة القلقة سترفض فكرة التعدد وتعتبرها رسالة من زوجها بأنها ناقصة..والزوج الذي يتسم بالضعف العام في قدرته على المواجهة واتخاذ القرار وضبط انفعالاته سيعجز عن إدارة مثل هذا الشكل المركب من الحياة.. لقد أخطأت الكثير من الزوجات حين أدركت التعدد على أنه مجرد إهانة معلنة لها تعكس قيمتها المخجلة لها أمام الناس.. وأخطأ الكثير من الأزواج عندما استخدم الـتعدد كوسيلة عقاب أو تأديب، متناسيا دوره الأساسي في إحداث المشاكل وعلاجها.. وخلاصة القول: إن اللجوء للتعدد هو في الأصل إشباع لحاجات تفوق الحاجات الجسدية العابرة، أو الحاجات الانفعالية غير المتزنة..إن التعدد هو وسيلة لتحقيق درجة جيدة من التكيف لضمان حياة زوجية سليمة، يتم من خلالها احتواء أطراف العلاقة..