11 سبتمبر 2025

تسجيل

المشروع القطري السوداني للآثار... عودة البريق

13 نوفمبر 2019

من الجميل أن تهتم الأمم بتاريخها، ولكن من الأجمل أن تجد من يعينك على ذلك من الأشقاء والاصدقاء، والحمد لله قد قيض الله للسودان من يعينه على حفظ تاريخه، فكان المشروع السوداني القطرى للآثار الذى تعود بداياته الى عام 2008م بعد لقاءات لمسؤولين سودانيين وقطريين، توجت بقيام هذا المشروع لصيانة وتطوير آثار السودان، وهذا المشروع مبادرة رائدة تهدف إلى تطوير الموروث الأثري الغني الذي تنعم به البلاد، وعند انطلاق المشروع زارت الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني رئيس مجلس أمناء هيئة متاحف قطر منطقة البجراوية وبعض المناطق الأثرية في شمال السودان، وتم تخصيص مبلغ 135 مليون دولار لهذا المشروع الكبير، تخصص للمحافظة ولإعادة ترميم الآثار السودانية بمناطق الولاية الشمالية ونهر النيل. والمشروع السوداني القطري للآثار ينقسم إلى قسمين أحدهما معنيّ بالدعم الخاص بالبعثات الأثرية العاملة في السودان التي كانت تأتي للسودان في وقت سابق بتمويل محدود، ولكن الآن المشروع وفر لها دعما لوجستيا على الأرض، لتمكينها من قضاء أطول وقت ممكن بالميدان، والقسم الآخر خاص بترميم إهرامات السودان، والمشروع يتوقع أن ينتهي خلال خمس سنوات، وقد بدأ العمل بالفعل من خلال 28 بعثة، ووصل حاليا إلى أكثر من 40 بعثة تعمل بمواقع مختلفة من ولايتي نهر النيل والشمالية، وجاءت البعثات الأثرية من دول أمريكا، بريطانيا، كندا، ألمانيا، فرنسا، بولندا، الدنمارك، إيطاليا، قطر، والسودان، وغيرها بالتعاون مع العديد من الجامعات الدولية المتخصصة، وبعد الانتهاء من المشروع سيمتلك السودان 40 موقعا أثريا متكاملا يمكن استغلالها في دعم السياحة في السودان. هذا المشروع يرمي إلى دعم استكشاف تراث السودان القديم والغنيّ، وإلى المساهمة في المحافظة عليه للأجيال المقبلة وتعزيز السياحة المحلية والدولية في المواقع ذات الأهمية الأثرية والثقافية، ولعل أهم مايميز هذا المشروع عن غيره من المشروعات الثقافية المشتركة بين الدول رؤيته الواضحة من البداية والمتمثلة في إحداث تغيير جوهري في جميع الجوانب المتعلقة بإدارة التراث الثقافي في منطقة النوبة السودانية، في حين يعد المشروع مظلة لعشرات البعثات العلمية الأثرية علمية من 25 مؤسسة في 11 دولة في العالم، حيث يقدم المشروع دعمًا ماليًا متواصلًا للبعثات العلمية المشاركة في مسح المواقع التي لم تستكشف من قبل، وتلك المنخرطة في مهام التنقيب عن الآثار القديمة وحفظها، وإجراء البحوث التي تسعى لإيجاد حلول للمشكلات، كما ويدعم المشروع وضع الخطط اللازمة لإدارة المواقع التراثية ويتابع تنفيذها، حيث انتهى المشروع حاليا من إنشاء مرافق وتجهيزات في محيط مواقع التراث العالمي في السودان لخدمة البعثات الأثرية، ومن بعد السياح، إلى جانب دعمه لدراسة لغات مفقودة كانت حية في العصور الغابرة في المناطق التي تقع على ضفاف النيل وفي المناطق النائية من شمال السودان. يهدف المشروع السوداني القطري للآثار كذلك لأن يترك أثرًا دائمًا بعد انتهائه، ولهذا لا يقتصر عمل البعثات المشاركة على اكتشاف الآثار والكنوز الثقافية السودانية، بل تعمل البعثات وفق خطة ذات أهداف متنوعة، من أهمها ترميم الآثار من أجل الحفاظ عليها وجعلها مزارًا للسياح على مدار أجيال وأجيال. وقد بدأت البعثة القطرية لأهرام السودان فعلا بتنفيذ مسح مكثف ثلاثي الأبعاد للأهرامات والمعابد الجنائزية وغرف الدفن، علماً بأن المشروع القطري السوداني للآثار ليس ملتزمًا فقط بالحفاظ على التراث، ولكنه سيجعل من المعالم الثقافية مزارًا لأهل السودان وللسياح القادمين من الخارج، ولهذا السبب أنشأنا قريتين سياحيتين فاخرتين في منطقة البجراوية وجبل البركل، وستديرهما في المستقبل القريب شركات متخصصة في السياحة الثقافية. يبقى أن نقول ان هذا المشروع جاء تنفيذًا لجملة من اتفاقيات التعاون بين قطر والسودان في مجالات عدة من بينها الصناعة والاقتصاد والبنية التحتية في السودان، يجب أن يستمر طرفا المشروع فيه من أجل تحقيق أهدافه، ولتستمر البعثات العلمية في العمل لفترات أطول للعمل في التنقيب وترميم المباني المتداعية، حتى يكون هذا المشروع درة في جبين الزمان.