09 أكتوبر 2025

تسجيل

المستثمر المحلي ومتلازمة حالة السيولة العالمية المزمنة

13 نوفمبر 2013

أصبحت السيولة العالمية والتي تتحرك حسب المستجدات والمتغيرات في الاقتصاد العالمي والأسواق, مصدر قلق للمتابعين والمراقبين والمستثمرين, وما حصل في آسيا في سبعه وتسعين, وما بعدها وما قبلها من تحركات سريعة ومؤثرة على أسواق المال والاقتصادات العالمية, فإن كان محمد مهاتير رئيس وزراء ماليزيا حينها, قد أنقذ اقتصاد بلده بوضع قيود على حركة رأس المال, والذي عرضه للكثير من الانتقادات بسبب ذلك , ولكن من انتقدوه رجعوا فمدحوه بعد ذلك , مثل سوره وغيره بعد أن تبين أن ما قام به هو في صالح اقتصاد ماليزيا وضرورة في ظروف متقلبة , ولذلك فإن الدرس الأول هو عدم التخوف مما سيقال في حال دعت الضرورة إلى وضع قوانين رادعة في ظروف قاهرة, أي السياسات والتوجهات في ظروف غير عادية تستدعي سياسات وتجهيزات غير عادية, وما نراه اليوم من استمرار حالة تقلبات السيولة في الاقتصاد العالمي, واستمرار تقلب تحركات الأموال في شكل سيولة عالمية, يدعو للحذر خاصة أن الاقتصادات الخليجية أصبحت في دائرة الضوء, مما قد يجعلها وجهة لتلك الأموال, ولذلك لا بد من وضع خطة للتعامل مع أزمات قد تدفع تلك الأموال للتوجه إلى أسواقنا, وفي المقابل نشوء أزمات قد تدفع تلك الأموال للحركة السريعة للخروج من الأسواق المحلية, وفي كلتا الحالتين لا بد من وجود مرونة لحركة الأموال مع القدرة على الحد من تلك التحركات دخولا أو خروجا, بوضع سياسات قد تغري المستثمرين في المحافظة على استقرار الأسواق المحلية, من حيث سياسات ضرائبية تحتم عند الدخول إلى تقليص مستوى الضريبة مع مرور الوقت, ربط الدخول في قطاعات حساسات بالتزام زمني, مما يجعل الخروج والدخول لأسواقنا يعتمد سياسات من قبل المستثمرين طويلة أو متوسطة المدى , وعدم ترك الأسواق والاقتصادات مفتوحة بلا قيود وعرضة للمضاربات, وكما قلنا حركة رأس المال حرة ولكن بقيود ترضي المستثمرين , بخلق دافع لدى مديري رؤوس الأموال بترك أو تقييد رأس المال لفترات أو طول من أجل الحصول على المنافع والمردود من سياسات الضرائب , ولذلك وبشكل أكثر استقرارا وضع حزمة دوافع للمستثمرين تجعل حركة السيولة في الاقتصاد منظمة بشكل هيكلي مدروس , وقد جاء الوقت لوضع حوافز للمستثمرين تدفعهم , للاستثمار في الأسواق على فترات طويلة ومتوسطة تحصن الاقتصاد من تقلبات السيولة, ومانراه الآن في الاقتصاد العالمي وتحرك السيولة من آسيا إلى أوربا بشكل جماعي, وفي حركة عقلية القطيع المعروفة عن المستثمرين , فأنها قد تعرض أوربا واقتصادها لمخاطر جمة , فارتفاع اليورو في الفترة الأخيرة غير مبرر , ولكن يبدو أن المستثمرين العالمين اصحبوا متجهين إلى الاقتصاد الأوروبي , وهناك موضة حركة جماعية تتغذى على نفسها تتجه إلى أوربا , واليوم أوربا مثل بقية دول العالم ستواجه مضار تلك الحركة الجماعية المتجهة إلى أسواقها , وستعرف أوربا ما عرفته آسيا وستقوم بوضع أطر لحركة رأس المال , والمشاهد لا يملك إلا أن يرى أن المنطقة ستكون نصب أعين أولائك المستثمرين , في المستقبل آن آجلا أو عاجلا ومن الرشد , توقع ما قد يحدث خاصة لما تملك المنطقة من إمكانات وفرص لا تخفى على العالم , ولذلك ليس من المستبعد أن تتحرك الأموال إلى مناطقنا بسرعة لا تستوعبها الاقتصادات الخليجية دخولا أو خروجا , وضع منظومة قوانين تردع من أراد الخروج بسرعة من السوق أو الدخول إليها دون التزام تجاه أمن السوق , لابد أن يشعر المستثمر أن له مصلحة في استتباب حالة السوق عند دخوله وخروجه , وهذا ينطبق على المستثمر الداخلي أو الخارجي , ويكون ذلك مدروسا أو مدفوعا للدراسة من خلال المحفزات والمحضورات , وفي التفكير المسبق ووضع حزمة قوانين الآن يمكن من خلالها اختبار تلك المنظومة والتأكد من فعاليتها واكتشاف القصور فيها قبل اللحظة التي تكون فيها ضرورة مهمة , حتى لا نهلع حين تتشكل الأحداث وتبدأ سلسلة التهافتات من قبل المستثمرين , الآن ليس هناك محفزات هيكلية على بقاء المستثمر في السوق , جعل الدخول الخروج ليس بالسهولة التي تجعل منه أمرا لا يحتاج للتفكير أمرا مفيدا في حال دخول الأموال بشكل منظم وخروجها بشكل منظم , ولكن نذر المد و الجزر المالي أصبحت قريبة وتتحرك من حولنا وإن تعرضت أوربا لتلك الموجات فإن منطقتنا قد تكون هي المرشحة بعد ذلك , وما قد يحصل لأوربا جراء تلك الحركة سيعرف في الأيام القادمة , وستكون قصة أوربا بعد آسيا و أمريكا ونحن هنا نتكلم على أن احتمال حدوث ذلك للمنطقة أصبح أقرب من ذي قبل , والتحوط ووضع آليات لدخول وخروج المستثمرين لحماية مكتسبات اقتصادات المنطقة ضرورة , فالأمن الاقتصادي والمالي من أهم ما يجب تحقيقه وهذا يحتم تحصين اقتصادات المنطقة , وسر قدرة تحرك موجات السيولة على الإضرار بالاقتصادات هو سرعة حركتها دخولا وخروجا , مما يجعل من قدرة معظم الاقتصادات على استيعابها غير ممكنة , ولذلك فوضع سياسات تبطئ من حركتها دخولا وخروجا واجبة خاصة أن الاقتصادات الخليجية غير قادرة على استيعابها في الوقت الحاضر.