29 أكتوبر 2025

تسجيل

السلام والإرهاب في عرف الإسلام .... جوبايدن في المختبر!5

13 أكتوبر 2014

نقل سيد قطب رحمه الله في كتابه السلام العالمي والإسلام ص:184 عن المستشرق مستر "جب" في كتابه إلى أين يتجه الإسلام" إن الإسلام مازال في قدرته أن يقدم للإنسانية خدمة سامية جليلة فليس هناك أية هيئة سواه يمكن أن تؤلف الأجناس البشرية في جبهة واحدة أساسها المساواة وإذا ما وضعت منازعات دول الشرق والغرب العظمى موضع الدرس فلابد من الالتجاء إلى الإسلام لحسم النزاع". لقد تبنى الغرب الأوروبي وعلى رأسه أمريكا أنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي لم يبق لهم حضارة تكون لهم ندا ويخشى من عدلها- وهو ما يسمونه الإرهاب – إلا الإسلام وعندها كان لا بد أن يبحثوا عن كل ذريعة وحيلة لدفع هذا الإسلام إلى المواجهة. وإذ إنه كمارد يحمل قوته في طيات خلود عقيدته وإن أصيب بشيء من الوهن فلابد من الحرب الاستباقية وجر المسلمين إلى حروب هنا وهناك بغية الإجهاز على ما تبقى من هذا الإسلام وصمموا على أن يعتبروا أنفسهم – أمريكا – القطب الأحادي الذي لا ينافس وأن جميع الأطراف يجب أن تكون تابعة له من قِبَل أن الغرب هو العقل والآخرون خرافة وهذا ما استقر في أدمغة النخب سواء منها السياسية أو الدينية وكأنه كما نقول الدكتورة نادية محمود مصطفى في كتابها مسارات وخبرات في تاريخ الحضارات ص 62 أن تاريخ البشرية الذي يمتد عشرات الألوف من السنين ما هو إلا مقدمة لتاريخ الغرب الحديث وبعدها يجب أن يتوقف! أليس هذا هو الإرهاب المعنوي بل والمادي بعينه. وهكذا فإنه منذ تقسيم الدولة العثمانية لم يعد لديهم آية قابلية للحوار مع الآخر بوجه جدي وحتى لو حاوروا وأشركوا معهم غيرهم أخذوا منا المتردية والنطيحة ومن يسير على نهجهم وحداثتهم الإرهابية وما حالفوا دولا منا إلا كي يتمددوا لتأمين مصالحهم يقول الأستاذ السيد رشيد رضا في تفسير المنار 10/98: ومن المَثُلات والعِبَر أن المسلمين أباحوا في حال عزتهم لأهل الملل الأخرى حرية واسعة في دينهم ومعاملاتهم لكنها عادت على المسلمين ودولهم بأشد المضار والمصائب في طور ضعفهم كامتيازات الكنائس ورؤساء الأديان والعامة حتى إن الصعلوك من أولئك الأجانب صار أعز من أكابر أمرائهم وعلمائهم. ثم يأتيك التعريف الأمريكي للإرهاب في التقرير الصادر من وزارة الخارجية الأمريكية أكتوبر 2001 (ليس ثمة تعريف واضح للإرهاب لكنهم يعرفون أنه العنف المتعمد ضد المدنيين بدوافع سياسية وأما الإرهاب الدولي فهو الذي يشترك فيه مواطنون أو يتم على أرض أكثر من دولة واحدة) يقول الأستاذ زكي على السيد أبوغضة في كتابه الإرهاب والسياسات المعاصرة: إن هذا التعريف الأمريكي يعد بمثابة شهادة هي لإدانة أمريكا بالإرهاب الحقيقي حتى إنها استعملت في حربها على اليابان قنبلتين ذريتين فقتلت مئات الألوف من المدنيين في هيروشيما وناجازكي كما قتلت مئات الألوف في العراق وأفغانستان لتنفيذ سياسة هيمنة القطب الواحد وكذلك فعلت في بلاد أخرى. ثم تأسفت وكأن الأسف يحيي أرواحا قد أزهقت. أقول: وكم تسببت في استمرار إزهاق الأرواح هي والغرب في البوسنة وفي ليبيا ومصر وفي سورية حيث إنها المبتز الأكبر في الثورة السورية لتحقيق مصالحها المتفقة تماما مع مصالح الغرب المسيحي والصهيوني الإسرائيلي والمجوسي الفارسي المتمثل في إيران وبمثل هذا التقديم يجب أن نفهم تصريحات نائب الرئيس الأمريكي جوبايدن مؤخرا وهو يتهم تركيا والإمارات والسعودية أنها دعمت المجموعات المتشددة التي تقاتل نظام الأسد وكان قد قال للطلبة المتخصصين في العلوم السياسة: إن هذه الدول منحت مليارات الدولارات وعشرات الآلاف من أطنان الأسلحة إلى المقاتلين السنة ضد بشار الأسد. ومع أن مراسل بي بي سي في واشنطن توم اسليموئت أكد أنه ليس غريبا أن يجاهر بايدن بآرائه تلك معرفة منه بالسيرة الذاتية لبايدن حيث إنه رغم تخصصه بالقانون والتاريخ وعلم السياسة وكونه على مدى سنين في مجلس الشيوخ سنتورا ورئيسا للجنة العلاقات الخارجية وعضوا في لجنة مكافحة الجريمة ولجنة مجلس الشيوخ القضائية لحقوق الإنسان ولجنة مجلس الشيوخ القضائية للإرهاب وسلامة أراضي الوطن وكان من بين من صوتوا لصالح غزو أفغانستان 2001 والعراق 2003 وهو من دعاة تقسيم العراق إلى ثلاث فيدراليات كردية وسنية وشيعية وأيد إرسال قوات أمريكية إلى دارفور بالسودان. وهو – وهذا هو الأهم – معروف بتأييده الشديد لإسرائيل وبالنسبة لإيران فإنه صوت ضد اعتبار الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية! فهنيئا لأوباما بهذا الاختيار له نائبا كونه على دراية بالسياسة الخارجية لذا فإن مراسل بي بي سي. لم يتعجب. ولكن بايدن سارع بالاعتذار للإمارات ولتركيا دون السعودية عما قذف به من اتهام جزافا فهل كانت زلة لسان منه كما قالوا أم فُهِم الأمر على غير ما يقصد مع أن القول صريح ولا يحتاج إلى تأويل إلا إذا حملنا ذلك على أن عقله فيه شيء حيث إنه أصيب بنزيف دموي في دماغه ثم تعافى. إن ما قاله بايدن هو من قبيل الخداع والحيلة ليجس نبض من اتهمهم وليلعب على الطرف الآخر من الحبل الذي يلعب عليه أوباما الذي يبطن غير ما يظهر فكم اتهم اللانظام السوري بأنه غير شرعي ثم هو يعمل بنقيض ذلك ويتفق مع الأمم المتحدة على إبقاء التمثيل الرسمي للخارجية السورية ومندوب سورية في الأمم المتحدة ويتفق مع إيران على طمأنتها أن وضع الأسد بخير وأنه باق رغم كل ما يشاع من أنه يريد أن يقوي المعارضة السورية المعتدلة بهدف ضرب الأسد والوصول إلى توازن قوى يسمح بجلوس الأسد للمفاوضات ثم إبرام الحل السياسي إرضاء لإسرائيل التي لا تريد إسقاط النظام أبداً وكذلك معظم الغرب المنافق الذي لا يهمه كما لا يهم أوباما سفح الدم السوري بمئات الآلاف والذين قضوا في الكيماوي بلا دم. إن بوش السابق وأوباما وبايدن ومن سبقهم يفخرون بدعمهم للصهاينة. أما بالنسبة لإيران فقد أشار بايدن إلى أنها الحليف الأكثر موثوقية لدى أمريكا. إن بايدن إذ يتهم من هم أعداء الأسد ليدل دلالة واضحة بمفهوم المخالفة أنه مع محور ما يسمونه الشر إيران وذيوله حزب الله والمليشيات والعراق الشيعي وهو ما صرح به أوباما من تجييش السنة لحرب داعش السنية. ولم يتحرك أي منهم وحلفاؤهم الغربيون ضد الأسد الذي هو منبع الإرهاب وإنما تعتبر داعش نتيجة لهذا الإرهاب ومع ذلك توافقت الحيل كيلا يرمي الأسد داعش حقيقة ولا ترميه حفاظا عليه أي على إسرائيل وإيران. ونحن بدورنا لا نستغرب مثل تصريحات بايدن فالشيء من معدنه لا يستغرب وكان مسفا جدا إذ مازح بعض طلبة الجامعة الذي هو نائب رئيس الهيئة الطلابية فقال له: إن منصب النائب يداني مهنة البغي! ولعل هذا ما فضحه به الكاتب الكبير صبحي الحديدي في جريدة القدس العربي 10/10/2014 بعنوان أصدقاء أمريكا في العالم المسلم حلفاء أم ضرع بقرة خامس حيث ينسب إلى هاري ترومان الرئيس الأمريكي الثالث والثلاثين قوله: انظروا إلى جميع نواب رؤساء أمريكا أين هم. لقد كانت فائدتهم أشبه بضرع خامس لدى بقر!! ولذا اعتذر بايدن نائب أوباما الرئيس الرابع والأربعين لكنه تصرف بشيء ما واعتذر ضحكا على من لم يفهموا العقل الغربي حق الفهم حتى الآن. وهكذا تقاسم الأدوار فإن باغنادوف نائب وزير الخارجية الروسي لعب على الوتر نفسه. فلافروف لا أحد أشد في الوقاحة منه إزاء الدفاع عن الأسد وباغنادوف يجلس مع المعارضة بالمظهر الناعم أي الإرهاب الناعم ولا فرق بين إرهاب ناعم لديه أو لدى بايدن وبين إرهاب خشن من اليهود والروس والمجوس كاستراتيجية أصيلة. ولكن ربما كان الإرهاب الناعم أشد أحيانا وستظهر الحقائق حاضرا ومستقبلا أن اليهود الصهاينة والروس والمجوس والروافض في سورية وإيران والعراق خصوصا والمسيحيين كلهم يد واحد على حرب الإسلام السني بحجة الإرهاب وإن وضعوا بعض النقوش الخادعة في المشهد. فلن يجديهم شيئا بل إن هذه المصائب ستوقظ المارد السني من جديد وستنقرض أمريكا الكبرى كما قال الكاتب "ألِغ بلاتونوف " في كتابه الحكومة العالمية الخفية فراجعه طبع دار الحصاد دمشق ط أول 2002 ومن وجهة نظرنا فلا حل لما نحن فيه من مدلهمات إلا بتنفيذ فهم قانون التعايش بين الأمم جميعا وذلك على مواثيق متفق عليها وهو مصداق قوله تعالى: (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) الحجرات: 13 فالتعاون والتضامن دون تمييز هو صمام الأمان الوحيد وأما في المعتمد فكما قال تعالى: (لكم دينكم ولي دين) سورة الكافرون: 6. وأما محاربة الإرهاب غير المفهوم اليوم فلن تكون أكثر من مجرد حرث في البحر.