14 سبتمبر 2025
تسجيلقال لي سائل: لماذا لا تغيرون إذا كنتم نظاماً ديمقراطياً.. لماذا تستمرون لأربعة وعشرين عاماً.. قلت له إننا راغبون في ذلك وطبيعة الحياة تؤكد التغيير والتجديد ولكن كيف يكون التغيير!؟.. لا بد من قانون يحكم عملية تداول السلطة.. وهذا أمر نؤمن به ونريد أن يحكم حياتنا السياسية كلها.. ليس على مستوى الحكومة وتداول الكراسي.. وإنما كذلك على مستوى الأحزاب السياسية نفسها.. فنحن مجتمع قبلي رعوي.. غرس الاستعمار فينا ذلك وركزه في عقولنا.. ثم غادر وهذا التداول يبدأ من تكوين الأحزاب نفسها.. فالذي لا يستطيع أن يتداول السلطة بين أفراد حزبه وبين الذين يعتنقون أفكارا موحدة ويعملون كوحدة واحدة لا يستطيع بالتالي أن يتعامل مع الآخرين الذين يخالفونه الرأي وينافسونه على السلطة.. بدليل أننا في السودان وبعد أن نلنا الاستقلال قبل ما يزيد على الستين عاماً.. نقف عاجزين عن كتابة دستور يرسم لنا خارطة طريق نحو حكم البلاد.. نعجز أن نلتقي حول دستور يتحدث بوضوح عن كيف يحكم السودان.. ومن هم السودانيون.. (تحديد الهوية، نوع الحكم، وكيف تدار هذه البلاد).. بل أقول بأن هذه القوى السياسية التي اجتمعت وأجمعت على دستور 2005، الذي يتقرر فيه مصير جنوب السودان لا تستطيع أن تلتقي وتقر دستوراً يحافظ على وحدة السودان كدولة ذات حضارة وإرث يفوق السبعة آلاف سنة. لماذا لا توحد الأحزاب السياسية السودانية دماءها وطاقاتها وأفكارها وآلياتها لماذا تحتكم قيادة هذه الأحزاب.. لماذا لا تتحرر أحزاب بلادنا من قيود الكسل والنوم على القوالب التي حددها المستعمر أو تحددت في القرن الماضي، ولماذا لا يغير هؤلاء ما بأنفسهم حتى يغير الله ما بهم (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) إن الله جعل في هذا الكون آيات كاختلاف الليل والنهار ومجرى السحاب وهطول الأمطار وتغير المناخ والبيئة.. فلماذا لا تغير أحزابنا من برامجها.. وتجدد لوائحها وتمارس الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة بين أفرادها حتى يطمئن الشعب لها ويقف بجانبها إذا اقتضت الظروف ذلك.. إذاً يا عزيزي، العيب ليس في سلطة الإنقاذ بقدر ما هو في القوى السياسية الرافضة للقانون، التي تريد تحويل البلاد إلى حالة من الفوضى والإرهاب.. استجابة للقوى الدولية التي تعزف على هذه الحالة النفسية المتردية التي غرسته في بلادنا..ولكن بمجرد أن تتوافق القوى السياسية على مبدأ كتابة الدستور الذي يحكم الأمر فإن التداول السلمي للسلطة سيكون الباب الأول في دستور بلادنا وستكون وثيقة الحقوق بابه الثاني وسيكون كيف يحكم السودان المبدأ الأساسي وليس من يحكم السودان.. وعلى ذلك فالواجب الأول الآن على الأحزاب والقوى السياسية هو التوافق على كتابة الدستور.. وعند ذلك ستأخذ كل الأمور مجراها السليم .. ولن يكون هناك وقت للكلام ولن تكون هناك مساحة فارغة للمناورة والمداورة والتمثيل ببلادنا في المحافل الدولية والإقليمية بأيدي أبناء بلادنا كما نشاهد ونرى ونعيش في كل محفل دولي.. نرى كيف يدافع جيراننا عن بلادهم ونرى بكل أسف كيف يبشع إخواننا من أبناء السودان ببلدهم ويصورونها غابة بها حيوانات مسكينة بريئة.. وبها أسود جائعة ضاربة قاتلة نهمة.. هكذا هو الوضع.. فسكت محدثي قائلا: والله أنتم بحاجة إلى طبيب يعالج كل هذه الأمراض العضال.. حتى تعودوا إلى الوضع الطبيعي الذي ينبغي أن تكونوا عليه..!!