16 سبتمبر 2025
تسجيلالحجاج في يوم التروية الآن، وغداً يوم الحج الأكبر على صعيد عرفات، ثم تتوالى أركان الحج بين الجمرات والطواف والهدي. فكل عام وأنتم وأمتنا الإسلامية بخير. ولنعلم أن في مناسك الحج وشعائره من الحكم والمآثر ما الله به عليم. فما شرع ركنا ولا سنة وفريضة ولا حث الدين على أداء واجب ونهى عن غيره إلا كان في ذلك حكمة وخير للإنسان وأمته، علمها من علمها وجهلها من جهلها. بل وفي مكة حيث بيت الله العتيق معالم روحانية ربما تستعصي على مجرد الإدراك البشري استيعابها بل وبعضها مما أتاح الله لنا علمه هو محل للعبرة والتدبر والتبصر في عظم قدرة الخالق وكراماته. عموماً نتمنى للحجاج حجاً مقبولاً وذنباً مغفوراً، وأن يقفل عموم الحجاج عائدين إلى أوطانهم سالمين غانمين مغفورا لهم فرحين بأداء الركن القويم. وتجدر الإشارة إلى أن بلادنا المملكة العربية السعودية تجند كل طاقاتها لهذا الموسم حرصاً على سلامة وأمن الحجاج وأداء فريضتهم على أكمل وجه بعيداً عن المعوقات والمشاكل، لاسيَّما والمشاعر هذا العام خصوصا الحرم المكي الشريف تشهد ساحاته وأروقته توسعات ضخمة تحتاج تعاون الحجاج خاصة وأن السعودية نادت هذا العام بالعمل على خفض أعداد الحجاج من الداخل والخارج حرصاً على سلامتهم، خاصة وأن الطاقة الاستيعابية للمكان محدودة بفعل الأعمال الإنشائية والتوسعات التاريخية التي يرعاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. أعود هنا إلى قدسية المكان وروحانيته المبهرة لكل العالم عبر التاريخ. فقد كنت أنتظم في برنامج لإدارة المياه في الولايات المتحدة Water Resource Management وصار أن أعد لنا لقاء مع مسؤولين في الخارجية الأمريكية وهي الجهة المنظمة للبرنامج ليتحدث كل الحضور عن انطباعهم عن التجربة الأمريكية وقوانينها في إدارة تملك المياه وحقوق توزيعها ومقارنة ذلك بالقوانين والتجارب المحلية لدى الحضور خاصة ونحن مجموعة من أنحاء العالم وزرنا خلال البرنامج عددا من الجامعات والمؤسسات المعنية بشؤون المياه في مجموعة ولايات أمريكية. وفي حديثي عن التجربة استشهدت ببئر زمزم وتاريخها المرتبط بالسيدة هاجر عندما أودعها سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام ذلك الوادي الغير ذي زرع حتى تفجرت تحت قدمي صغيرها سيدنا إسماعيل هذه البئر المباركة وتوافدت قوافل العرب إلى وادي مكة بعد أن شاهدوا الطيور تحوم فوقه، في علامة فهموا من خلالها أن تغيراً حدث في المكان وأن حياة جديدة دبت في جنباته فوفدوا إلى المكان ليطلبوا من السيدة هاجر الإذن لهم بالإفادة من المياه فوافقت شريطة تعليم ابنها النبي إسماعيل. فربما تكون هذه القصة بعالميتها بداية تاريخية لموضوع إدارة المياه ويمكن استخلاص العبر منها خاصة وأن تلك البئر المباركة "زمزم" لا تزال تمد مكة المكرمة وزوارها بالمياه والتي هي عصب الحياة وعنوان الحضارة الإنسانية المشرقة التي محورها ومقرها مكة المكرمة مدينة أبو الأنبياء ومبعث خاتمهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام. وخلاصة القول إن في شعائر الحج ومعالم المكان عبر ومعارف للعالم أجمع يمكن تعميمها للبشرية بعمق الفهم لرسالة الحج ومعانيه عبر كل العصور وهو ما يحمل جميع المسلمين وتحديداً الكتاب وأهل العلم للوصول بمكنون ثقافتهم ومخزونها الفكري إلى العالم وتبيان رسالة الحج والتي هي ضمن رسالة دين السلام والمحبة في وقت نواجه فيه تحديات وهجمات على ديننا ربما بسبب قصور رسالتنا وضعف مضمونها في هذه الفترة من التاريخ التي تتيح وسائل الاتصال فيه مجالاً أوسع للتواصل. وأخيراً عيد سعيد على الجميع.