11 سبتمبر 2025

تسجيل

الشراكة الأسرية مع المؤسسة التعليمية

13 سبتمبر 2023

الشراكة الأسرية مع المؤسسة التعليمية لا شك أن بناء علاقة إيجابية فاعلة بين المدرسة والأسرة لمن أهم أولويات المؤسسات التعليمية الواعية، وتعزيز تلك العلاقة وتمتينها وتوطيدها مسؤولية مشتركة بين طرفي العلاقة، وهنا يحق لي أن أتساءل: هل تحمل كل طرف مسؤوليته، وقام بدوره المنوط به، واضطلع بمهامه المكلف بها في مد جسور التعاون المشترك، وأسهم بقسط وافر في تحقيق الأهداف التربوية والتعليمية التي تتمحور حول الطالب أم تخلى كلا الطرفين عن أداء مهمته أو قام بها على وجه لا يحقق هدفًا ولا يبني حاضرًا فضلًا عن أن يصنع مستقبلًا؟ هل يعي أولياء الأمور دورهم وعيًا كاملًا بوصفهم شريكًا رئيسًا مع المدرسة في تحقيق رؤيتها ورسالتها وأهدافها؟ وفي سياق آخر: هل آمن قادة المؤسسات التعليمية بأهمية دور أولياء الأمور في تحسين مخرجات التعلم وتطوير الأداء التعليمي؟ وهل استفاد مديرو المدارس من مهارات وخبرات وآراء أولياء الأمور في حل المشكلات والتغلب على المعوقات ومواجهة التحديات؟ وهل أمعنوا النظر في كيفية جذب أولياء الأمور ودمجهم في المجتمع المدرسي؟ ما أكثر الأسئلة التي تلح على ذهني في هذا الصدد! وما أكثر احتياجنا إلى إجابات وردود! لا أحد ينكر خطورة الدور الذي تلعبه الأسرة مع المدرسة، فهي مرآة حقيقية للأداء التعليمي، وهي المعبر بصدق وموضوعية عن الواقع المدرسي، وكذلك هي أداة رئيسة من الأدوات التي تستخدمها المدرسة في دراستها الذاتية؛ للوقوف على مقياس مدى التقدم في النواتج والمخرجات، وإلى أي مدى نجحت المدرسة في تحقيق الرؤية والرسالة والأهداف. الواقع الذي يستبين لي من خلال تجاربي العديدة وخبراتي المديدة في ميدان التربية والتعليم أن ثمة قصورًا يشوب العلاقة بين الأسرة والمدرسة، وحظٌ كبيرٌ من هذا القصور ينسب لأولياء الأمور، كذلك لا أعفي البتة القائمين على العملية التعليمية من المسؤولية. يخطئ من يظن من أولياء الأمور أن عملية التعلم مسؤولية المدرسة فقط، وأنه لا دور له فيها بسبب انشغاله عن أبنائه بمهامه الوظيفية وأموره الحياتية الأخرى؛ فلا يكاد يسأل عن مستواهم العلمي أو السلوكي أو القيمي، أو يتعرف على مواهبهم وقدراتهم وإنجازاتهم، أو أوجه قصورهم ومنعطفاتهم وإخفاقاتهم، كذلك لا يلقي بالًا في كثير من الأوقات بالرسائل التي تصله من المدرسة لإطلاعه على سياساتها وخططها وبرامجها وأنشطتها، وربما لا يتواصل مع المدرسة إلا عندما يتعرض ابنه لمشكلة ما أو عندما تصر المدرسة على استدعائه لأمر جلل. إن نمط ولي الأمر المؤمن بخطورة دوره والموقن بأهمية مشاركته والمتفاعل مع المدرسة والمشارك في أنشطتها والملبي لدعوتها والمبادر بآرائه واقتراحاته ونصائحه والمساهم بخبراته ومهاراته، هو النمط الأمثل الذي يغرس في نفوس أبنائه قيم المسؤولية والتعاون والإيجابية، ويقاوم عندهم دواعي السلبية والكسل والخذلان، وكذلك يقدم لهم دعمًا وتعزيزًا لا غنى لهم عنه، وهو بذلك يساعدهم في تخطي العقبات وتجاوز المشكلات والاستفادة القصوى من بيئة التعلم والمجتمع المدرسي. إن قادة المدارس الذين أدركوا مهمتهم، ووعوا دورهم وعيًا كاملًا، وأيقنوا بضرورة الحفاظ على شراكة أسرية قوية ومثمرة، هم الذين يبذلون جهدهم غير مقصرين ولا مفرطين في توعية أولياء الأمور بدورهم، والذين يصممون برامج وأنشطة جاذبة ومنوعة بشكل يتيح مشاركة قطاع عريض من أولياء الأمور، فضلًا عن توفير قنوات اتصال متعددة وميسرة تناسب ظروف العصر ومتطلباته، مستفيدةً من التقدم الكبير في مجال التكنولوجيا والمعلومات؛ لإطلاع أولياء الأمور على أهداف المدرسة وخططها بغية الاستفادة من آرائهم ومقترحاتهم، والسعي لحل مشكلاتهم مع أبنائهم بإدماجهم في العملية التعليمية والبيئة المدرسية. وهذان النمطان: نمط القيادة المدرسية الواعي، ونمط أولياء الأمور الأمثل، هما المؤمل فيهما لبلوغ المرام وتحقيق الأهداف، وإحداث تنمية حقيقية شاملة يسعد بها العباد والبلاد. وخلاصة القول: لا بد لطرفي الشراكة (الأسرة والمدرسة) من إعادة النظر في طبيعة العلاقة بينهما، والتفكير بطرق شتى في أفضل الوسائل لتفعيلها وتمتينها بما يتناسب وحجم التحديات التي تواجه مجتمعاتنا، وبما يخدم قضايا الأمة المصيرية، ويصب في مصلحة الوطن، ويحافظ على لحمته وتماسكه.